"رجال يركبون كلابا عملاقة": كيف وصلت الخيول إلى أستراليا؟

تعرفوا على الحدث العالمي الذي تفتخر به أستراليا منذ انطلاقته في عام 1861 في أوّل يوم ثلاثاء من شهر نوفمبر.

horse-g38f4ae88e_1920.jpg

تعرفوا على الحدث العالمي الذي تفتخر به أستراليا منذ انطلاقته في عام 1861 في أوّل يوم ثلاثاء من شهر نوفمبر.

كيف احتل كأس ملبورن هذه المكانة الفريدة في أستراليا؟

تاريخيا، لم تعرف أستراليا ونيوزيلاندا الخيول، ولكن المستعمرين الأوروبيين أحضروا معهم خيولاً بمجرد وصولهم تقريبا إلى القارة الجديدة عام 1788.

وكان الحاكم الأول ومؤسس نيو ساوث ويلز آرثر فيليب هو أول من أحضر معه فحلاً وثلاث إناث وثلاثة أمهار.

الأحصنة لم تكن معروفة لسكان الأراضي الجديدة على الإطلاق حتى أن إحدى الشهادات القديمة لرجل من الماوري -سكان نيوزيلاندا الأصليين- وصفت المستعمرين بأنهم "رجال يركبون كلابا عملاقة".
ومع توافد البريطانيين المدانين إلى نيو ساوث ويلز وفيكتوريا، سرعان ما بدأ تنظيم سباقات الخيل التي كانت شائعة في بلادهم.

في ولاية فيكتوريا بدأت عملية تنظيمية للسباقات، حيث شرعت مجموعة من مالكي الأحصنة الممتازة في عقد سباقات ومراهنات بشكل غير نظامي، هذا التجمع تطور ليصبح The Victoria Turf Club عام 1852.

اندمج لاحقا النادي المذكور مع The Victoria jockeys club ليؤسسا معا نادي سباقات فيكتوريا والذي نظم كأس ملبورن بشكل متواصل منذ عام 1864 وحتى 2001.

التأسيس

يُرجع المؤرخون فكرة إقامة كأس ملبورن ومنحه هذا الاسم إلى فريدريك ستانديش إبن أحد النبلاء الإنجليز، والذي كان معروفا بولعه بالمقامرة وسباق الخيل، الأمر الذي كلفه جزءا كبيرا من ثروته. باع ستانديش ما تبقى من ممتلكاته وذهب إلى المستعمرات الأسترالية وانضم إلى نادي سباقات الخيل، وهناك لعب دورا رئيسيا في تطوير السباقات في ولاية فيكتوريا.

شغل ستانديش أيضا منصب مفوض الشرطة في فيكتوريا حتى عام 1880، قبل أن يستقيل ليتفرغ لرئاسة نادي سباقات فيكتوريا حتى وفاته عام 1883.

الحصان آرشر

البداية الرسمية للكأس كانت عام 1861، وشكلت الأحداث الدرامية للنسخة الأولى انطلاقة قوية لما سيصبح بعد ذلك "السباق الذي يوقف الأمة".

أمام أربعة آلاف متفرج بدأت أسطورة الحصان آرشر. وقتها كان الحصان الأوفر حظا للفوز في السباق أسمه مورمون، وآرشر كان حصانا غريبا قادما من سيدني وتعرض لإصابات قبل الكأس بأيام، وبالتالي لم يجذب الكثير من الرهانات.
Archer
لوحة تظهر الحصان آرشر Credit: Rachng victorua

أسفر السباق الأول عن فوز آرشر على مورمون بستة أطوال كاملة، ومن هنا بدأت الأسطورة.
سرت شائعة وقتها أن آرشر سار 800 كيلومترا من سيدني إلى مضمار السباق وفاز، وتم تثبيت الأسطورة بعودة آرشر في العام التالي والفوز مرة أخرى على مورمون.

وفي العام الثالث تم استبعاد آرشر لأسباب تقنية، لكن اسمه المرتبط بالكأس تم تخليده في الذاكرة الأسترالية. وتم انتاج فيلم يحكي قصة الحصان بعنوان "مغامرات آرشر أو Archer’s Adventures" شاركت في بطولته نيكول كيدمان.

مضمار سباق فليمنجتون

يرتبط كأس ملبورن بمضمار سباق فليمنجتون، حيث أقيمت عليه جميع نسخ هذا السباق. هذا المضمار يتسع ل 120 ألف متفرج وهو الأشهر بلا منازع في أستراليا.

منذ بداية السباق بدأت حكومة فيكتوريا اجراءات لضمان اقبال الناس، فبعد أربع سنوات فقط من أول سباق مُنح يوم السباق نصف عطلة رسمية.

وفي عام 1875 تم تثبيت موعد السباق في أول ثلاثاء من نوفمبر تشرين الثاني وأصبح الحدث لا يقتصر على السباق، ولكن تحول إلى مهرجان على مدار أربعة أيام، وهو ما تطور ليصبح الكرنفال الشعبي الذي يصاحب السباق إلى اليوم.
وفي عام 1877 أصبح يوم السباق عطلة بالكامل، ما رفع من معدلات الحضور بشكل ملحوظ.
flemington-race-course-180-degree.jpg

الرهانات ايضا تلقت دفعة كبيرة بسبب حمى الذهب التي استمرت في فيكتوريا حتى الثمانينيات من القرن قبل الماضي.

ووصل الإقبال الجماهيري إلى درجة أن ما يقرب من ثلث سكان الولاية كانوا يحضرون السباق في نهاية الثمانينيات من القرن التاسع عشر، حيث كان مجموع سكان ولاية فيكتوريا أقل من ثلاثمائة ألف شخص، وكان 100 ألف منهم يحضرون السباق في مضمار فليمنجتون.

موضة السباق

السباق استمر كأحد تقاليد الولاية على مدى أكثر من 150 عاما وانتقلت حمى الكأس إلى كل أستراليا.

ساعد في ذلك أيضا التقاليد المستقاة من التقاليد البريطانية لحضور سباقات الخيل، سواء على مستوى الزي أو الطعام والشراب وبالطبع المراهنات.

وحتى اليوم تلبس السيدات قبعات وفساتين تقليدية مع قفازات، والرجال، وإن كان أقل شيوعا، بدلات كاملة مع قبعات عالية تقليدية وعصي.
Emirates Melbourne Cup Day at Flemington Racecourse on November 7, 2017 in Melbourne,
Credit: VRC

الكأس القبيحة

أول جوائز الكأس كانت ساعة ذهبية ومبلغ كبير من المال، وقتها كانت حمى الذهب تجتاح ولاية فيكتوريا.

ولمدة أربع سنوات استمر السباق بلا كأس، حتى حل عام 1865 عندما مُنح أول كأس للسيد مارشال صاحب الحصان الفائز توري بوي. السيد مارشال رأى وقتها أن الكأس قبيحة للغاية وقام ببيعها مباشرة إلى نادي فليمنجتون للصيد الذي قام بتعديلها وتحسين شكلها.
لذا فإن أول كأس باقية على حالتها الأصلية كانت عام 1866 والذي حصل عليها حصان The Barb ليحجز مكانه ضمن الأحصنة الأسترالية العظيمة. ولم يستقر شكل الكأس على تصميمها الحالي بالآذان الثلاثة الشهيرة إلا بعد 58 عاما كاملة على بداية السباق أي عام 1919.
Melbourne Cup
Melbourne Cup Trophy 2018 Source: Getty / Getty Images AsiaPac

المشاركات العربية

لم يُسمح للأحصنة الأجنبية بالمشاركة إلا عام 1910 ومنذ ذلك الحين فاز عدد منهم بالكأس الغالية. وفي عام 1986 فاز بالسباق حصان الطلق المملوك للشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم وزير مالية الأمارات منذ تأسيسها والمعروف عنه ولعه بالخيل وامتلاكه لأجود أنواع الخيول والمزارع.

وعاد الشيخ حمدان بن راشد ليفوز بالكأس عام 1994 من خلال حصانه Jeune.
من المشاركين بشكل مستمر أيضا أخوه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي والذي سعى على مدار 30 عام الفوز بالكأس الرفيعة.

وأخيرا حالفه الحظ عام 2018 اذ فاز حصانه "كروس كاونتر"، الذي يبلغ من العمر 3 أعوام، مع فارسه، كيرين مكافوي بلقب "كأس ملبورن" الذي تبلغ قيمة جائزته المالية حوالي 4 مليون دولار.
Hamdan bin Mohammed horses.jfif

الانتقادات

بعيدا عن الأجواء الساحرة للسباق، يلقى السباق هذا العام العديد من الانتقادات خاصة بعد أن كشف تقرير عن أكثر من واقعة لسوء معاملة الحيوانات وممارسة القسوة في المسالخ التي يُرسل إليها أحصنة السباق المتقاعدين.

وطبقا للبيانات الرسمية لـمؤسسة سباقات الخيل Racing Australia فإن نحو 34 حصانًا من أحصنة السباق ينتهي بهم المطاف في المسالخ كل سنة، أي ما يعادل أقل من واحد في المئة من الخيول المتقاعدة.

ولكن كشفت شبكة ABC في تقارير سابقة أن العدد الفعلي للأحصنة التي يتم ذبحها أكبر بكثير، على الرغم من وجود قوانين تلزم بتسجيل الخيول وتتبعها منذ ولادتها وحتى تقاعدها.
أكملوا الحوار عبر حساباتنا على فيسبوك و تويتر و انستغرام.

توجهوا الآن إلى موقعنا الالكتروني للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.

يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر هذا الرابط أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.


شارك

نشر في:

آخر تحديث:

By Fares Hassan, Abdallah Kamal
المصدر: SBS

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand