بعد أسابيع من العراقيل، بدأ المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان وقادة الاحتجاجات مساء الخميس المفاوضات لليوم الثاني في محاولة للتوافق على تشكيلة الهيئة الانتقالية وإنهاء المأزق السياسي.
ويخوض المجلس العسكري الذي يتولى الحكم في البلاد بعد عزل الرئيس عمر البشير في 11 نيسان/أبريل، تجاذبات سياسية مع قادة الاحتجاجات منذ أشهر.
وبفضل وساطة إثيوبيا والاتحاد الإفريقي، استأنف الجانبان الأربعاء المفاوضات الحساسة لرسم الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية المقبلة.
لكن جولة الاربعاء لم تشهد التفاوض حول تشكيل وقيادة الهيئة الانتقالية بل تناولت قرار الإفراج عن 235 مقاتلا من متمرّدي "جيش تحرير السودان"، أحد أبرز الفصائل المتمرّدة في دارفور (غرب)، على ما أفاد وسطاء.
والتقى الطرفان مجددا مساء الخميس في الجولة الثانية من المفاوضات، في الفندق الفخم في الخرطوم حيث يلتقي ممثلو الطرفين.
وقال أحمد الربيع، أحد قادة "تحالف الحرية والتغيير" الذي يقود حركة الاحتجاج، لفرانس برس إن المحادثات ستتطرق الى إدارة "المجلس السيادي"، الهيئة التي يُفترض أن تُشرف على الفترة الانتقالية.
وتسببت هذه المسألة الحساسة في أيار/مايو بتعليق المفاوضات.
واوضح الربيع الخميس أن العسكريين يرغبون ان يتولى مسؤول عسكري رئاسة المجلس السيادي "لكننا نعتبر أن رمز الدولة من الضروري أن يكون مدنيا".
وكان لقاء ممثلي الطرفين مساء الأربعاء، في حضور وسيطي إثيوبيا والاتحاد الإفريقي، الأوّل منذ التفريق الدامي في الثالث من حزيران/يونيو لاعتصام المتظاهرين أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، ما أسفر عن عشرات القتلى وأثار موجة تنديد دولية.
- الإفراج عن متمردين -
سيضم "المجلس السيادي" ثمانية مدنيين وسبعة عسكريين، بحسب الخطة الانتقالية التي أعدّها الوسيطان، وحصلت فرانس برس على نسخة منها.
وسيكون "تحالف الحرية والتغيير" ممثّلاً على الأرجح بسبعة من أصل المدنيين الثمانية، فيما يختار الطرفان معا الشخصية الثامنة.
وسيرأس الهيئة الانتقالية أحد العسكريين في النصف الأول من الفترة الانتقالية أي خلال الاشهر ال18 الأولى، على أن يحلّ مكانه أحد المدنيين في النصف الثاني، وفق الوثيقة.
وقال الوسيط الإثيوبي محمود درير إن الوسيطين يعرفان أن إدارة "المجلس السيادي" تشكل "نقطة الخلاف الوحيدة" بين الطرفين.

Source: France 24
وكان "تحالف الحرية والتغيير" وافق الأربعاء على استئناف "التفاوض المباشر" شرط ألا تتجاوز مدّته ثلاثة أيام.
وقال وسيط الاتحاد الإفريقي محمد الحسن ولد لابات للصحافيين الأربعاء إنّ "الطرفين أجريا مفاوضات مسؤولة" مشيراً إلى قرار بالإفراج عن "جميع السجناء السياسيين".
والخميس أفرج عن 235 مقاتلا من متمرّدي "جيش تحرير السودان"، أحد أبرز الفصائل المتمرّدة في دارفور (غرب) وإحدى قوى تحالف الحرية والتغيير من سجن مدينة أم درمان القريبة من الخرطوم كما أفاد مراسل فرانس برس.
وكانت اسر هؤلاء في استقبالهم. وقد منحهم "العفو" رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
- عصيان مدني -
يأتي استئناف المفاوضات بعد بضعة أيام فقط من خروج تظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف الأحد في جميع أنحاء البلاد، رغم انتشار أمني كثيف وحجب خدمة الانترنت منذ نحو شهر، لمطالبة العسكريين بالتخلي عن السلطة.
والخميس، تظاهر مئات من طلاب العديد من المدارس في في مدن مدني والقضارف وسنار هاتفين "حكم مدني"، بحسب شهود.
وهتف الطلاب أيضا "الدم بالدم، لا نريد تعويضا"، وهو أحد مطالب حركة الاحتجاج التي تريد محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين.
ومنذ الثالث من حزيران/يونيو، أدت حملة القمع إلى مقتل 136 شخصاً بينهم أكثر من مئة خلال عملية تفريق الاعتصام أمام مقرّ القيادة العامة للجيش في الخرطوم، بحسب لجنة الأطباء المركزية المقربة من حركة الاحتجاج. في المقابل، تتحدث السلطات عن حصيلة بلغت 71 قتيلاً منذ هذا التاريخ.
ودعا قادة الاحتجاجات إلى تظاهرة كبيرة في 13 تموز/يوليو تليها حملة عصيان مدني.
وأدى حراك مماثل نظم من 9 إلى 11 حزيران/يونيو، إلى شلل في العاصمة.
واندلعت التظاهرات في السودان رفضا لزيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف في بلد فقير يعاني أزمة اقتصادية خانقة. وسرعان ما اتخذت الاحتجاجات طابعا سياسياً عبر المطالبة باسقاط النظام وعلى رأسه البشير الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لنحو ثلاثة عقود.


