يأتي عيد الأم كل عام لنكرم أمهاتنا ونستذكر التضحيات التي قدمنها والمصاعب التي مررنا بها في رحلة من العطاء والرعاية تبدأ في مراحل الحمل الأولى وتستمر لمدى الحياة.
نستمع اليوم إلى لقاء مع السيدة سلوى كرباج، وهي الأم التي فقدت زوجها الشاب قبل أن يبصر طفلها النور بتسع ساعات. فكيف استطاعت اجتياز الصدمة، وكيف تخطت العقبات في مسيرة لم تكن سهلة على أم شابة أصبح عليها أن تكون الأم والأب في نفس الوقت.
تحدثنا مع السيدة سلوى كرباج التي عادت بالذكريات إلى أيام أليمة لكنها أخذتنا معها أيضا في رحلة كفاح وعزم وإصرار من أجل حياة كريمة لها ولابنها ... رحلة تكللت بالنجاح في نهاية المطاف على رغم الصعوبات الأولى.
فكيف استطاعت هذه السيدة التي فقدت زوجها بعد 11 شهرا من الزواج أن تنهض من المأساة وتستمر لكي تستمر الحياة؟
وتقول السيدة سلوى كرباج في حديث مع SBS Arabic24 إنها عانت وتعذبت ومرت بصدمة كبرى لكنها لم تشأ أن تهزمها الظروف وأصرت على تأمين مستقبل أفضل لابنها الوحيد ولم تشأ أن "يربى كولد يتيم".
وتتذكر السيدة سلوى كيف أحاطها الأهل والأقارب خاصة عمتها "وكل الضيعة" بالرعاية والاهتمام إلى أن تمكنت من الوقوف على رجليها بعد فترة حزن ومعاناة وضعف جسدي.
"خسرت زوجي بعد 11 شهرا من الزواج وولد ابني بعد تسع ساعات من وفاة والده".
"حاربت واشتغلت وعلمت في مدرسة جمعية إنعاش القرية في بلدة ديركوشة الشوفية، حيث رعتني مديرة جمعية إنعاش القرية المرحومة أنيسة النجار، وكانت لي بمثابة الأم والأخت".
وتضيف السيدة سلوى كرباج: "وضعت ابني بالمدرسة وعملت لأنني لم أشأ أن يربى ابني كولد يتيم".
انتقلت السيدة سلوى مع ابنها فادي عندما أصبح في الثانية عشرة من عمرها من لبنان إلى أستراليا حيث كان يقيم اخوتها الثلاثة، لتبدأ رحلة كفاح جديدة.
"كنت أعمل في مصنع في الصباح وفي مطعم في المساء من أجل تأمين العيش الكريم لي ولابني فادي، وكان فادي يذهب إلى المدرسة ثم يبقى كل النهار بمفرده".
وتقول السيدة سلوى إن أكثر لحظات حياتها سعادة هي لحظة تخرج فادي من الجامعة بدرجة في المحاسبة وإدارة الأعمال بعد رحلة طويلة أصرت فيها على شحذ همته وتشجيعه على التحصيل العلمي مع أنه كان يريد أن يتجه للعمل من أجل مساعدتها في أعباء الحياة.
وتعتبر السيدة سلوى كرباج أن الله من عليها وعلى ولدها فادي بكثير من النعم حيث أنه فتح مطعما خاصا له وكان لا يزال في الجامعة وكانت هي تعمل صباحا ومساء في المطعم لأن "حلمي كان أن يكون لدينا عملنا الخاص".

السيدة سلوى كرباج تتوسط حفيديها Source: Salwa Kerbaj
ولا تنسى السيدة سلوى كرباج من أعانها في ظروفها الصعبة ولهذا فهي تقوم بأعمال خيرية وبدعم من ابنها فادي لمساعدة أبناء مجتمعها.
وفي عيد الأم تقول السيدة سلوى كرباج إن أجمل هدية هي عندما "يطل فادي وأولاده من الباب" قادمين لزيارتها محملين بباقات الورد والهدايا التي تقول إنها لا تحتاج اليها "فطلتهم أغلى من أي هدية".
وتضيف: "يعيدني فادي بعيد الأم وعيد الأب وهذا يعوضني عن تعب السنين".






