تقول دراسة تجريبية أجرتها جامعة سنترال كوينزلاند CQU أن العزلة، ونقص الخدمات، ومحدودية الفرص في التواصل مع أناس من نفس الخلفية، هي من بين أهم الأسباب التي تجعل المهاجرين القادمين إلى أستراليا يتجنبون الاستقرار خارج المدن الأكبر في البلاد.
وتظهر أرقام وزارة الداخلية أن واحدا من بين كل ثمانية مهاجرين جدد، يستقر خارج سيدني وملبورن، وهي ظاهرة تثير قلقا متناميا حول زيادة السكان في كلتا المدينتين.
وتقول الدراسة التي قامت بها جامعة سنترال كوينزلاند أن الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات والمجموعات الأهلية الاثنية يجب أن تجد طرقا جديدة للعمل سوية من أجل تشجيع المهاجرين على الاستقرار في المناطق الريفية والنائية.
وبينما ركزت الدراسة على الوضع الذي يؤثر على مناطق كوينزلاند، يقول أحد الباحثين جوليان تيشر، وهو أستاذ في مساقات العمالة والموارد البشرية في الجامعة، إن المشكلة هي مشكلة وطنية.
وتظهر الاحصائيات الحكومية لعام 2016 - 2017 أنه من بين أكثر من المئة وعشرين ألف مهاجر من ذوي المهارات الذين وصلوا إلى أستراليا، كان هناك عشرة آلاف فقط من الذين قدموا عن طريق نظام الهجرة إلى المناطق الريفية الذي تدعمه الحكومة.
وتكشف الأرقام أن المهارات لا تفي بحاجة المناطق الريفية، حيث أظهر التقرير أن أرباب العمل يعتمدون اعتمادا كبيرا على المهاجرين المؤقتين لملء الوظائف الشاغرة، ومن بينهم السائحين المتجولين، والعمال الموسميين من جزر الباسيفيك.
ويقول البروفسور تيشر إن جزءا من المشكلة عائد لامتلاك العديد من المهاجرين أفكارا مسبقة عن الحياة خارج المدن الكبرى. ويضيف بأن هذه الأفكار قد تكون صحيحة في بعض الحالات لكنها مخطئة في حالات أخرى.
ويظهر التقرير أن المعتقدات السائدة تشمل توصيف الحياة في المناطق الريفية والنائية بالعزلة الاجتماعية، ومواقف غير مرحبة، ونقص في فرص التعليم، وبنى تحتية ضعيفة للانترنت والهواتف الخلوية.
لكن البروفسور تيشر يؤكد أن هناك أساسا لهذه المخاوف لكن المسألة أكثر تعقيدا من ذلك.
ويشرح البروفسور تيشر ذلك بالقول، إن العقبات التي تواجه المهاجرين الجدد في المناطق الريفية بالنسبة للتوظيف يمكن أن تشمل محدودية المعرفة بالوظائف المتوفرة، نقص في إجادة اللغة الانجليزية، الاعتراف بالمهارات، وتواصل محدود بين المهاجرين وأصحاب العمل.
ويقترح التقرير بأن تجرى دراسات أخرى للنظر في كيف يمكن لقادة الجاليات أن تساعد المهاجرين الجدد في الاندماج في المجتمعات الريفية وبناء خطوط تواصل مع أرباب العمل لتشجيع الهجرة إليها.
من جهته يقول نيك تيبي رئيس مجلس الاستقرار الاسترالي، والذي يمثل منظمات استقرار المهاجرين، إن هناك امثلة عن تعاون الجاليات مع أرباب العمل والحكومة، أخذت بالظهور، غير أنها ما زالت في مراحلها المبكرة.
وشملت المقترحات الأخرى وضع برامج دعم ونشاطات ثقافية في البلدات الريفية كجزء من حملة لتخفيف القلق حول الفرص المحدودة للمهاجرين وأبنائهم.
وأشار التقرير إلى أن الأقارب والأصدقاء المستقرين في استراليا يمكن أن يلعبوا دورا في جذب مهاجرين جدد إلى منطقة معينة.
وتعتبر بلدة بيراميد هيل الصغيرة، في شمال فيكتوريا، مثالا لبلدة استقطبت ووطنت بنجاح مهاجرين جدد. حيث يوجد فيها الآن حوالي مئة مهاجر فيليبيني، يشكلون ربع سكان البلدة، والعديد منهم يعملون في الزراعة. وقد عرفوا عنها من خلال التحدث مع آخرين.
ويقول السيد تيبي، إنه حان الوقت لإطلاق حملات توعية للترويج لفوائد الهجرة الريفية.
غير أن البروفسور سكوت بوم، من كلية العلوم والبيئة في جامعة غريفيث، يقول إن أي خطط مستقبلية لجذب العمال يجب أن تنظر في طبيعة العمل الموسمية في الزراعة، والتي يمكن أن تترك العمال بدون استقرار وظيفي.
وقال، إنه حالما يتم تحديد منطقة معينة تعاني من نقص في اليد العاملة مع وجود امكانية لعمل دائم، عندئذ يجب إنشاء خدمات دعم لاجتذاب أعداد كبيرة من السكان، وذلك قبل وصول المهاجرين، وليس بعد ذلك.
وقال إن على الحكومات أن لا تقلل من أهمية الشعور بالانتماء الاجتماعي للناس الذين ينتقلون إلى أماكن جديدة.
وكانت الحكومة الفدرالية، لوحت بخطة في وقت سابق من هذا العام، تقضي بتوجيه ما يقرب من 45 بالمئة من المهاجرين الدائمين نحو تأشيرات تجبرهم على البقاء لعدد من السنوات في المناطق الريفية، أو ولايات أصغر مثل جنوب أستراليا.
لكن الخطة أثارت أسئلة حول كيف ستتمكن الحكومة من اجبار المهاجرين في مناطق معينة دون الدخول في نزاعات قانونية حول تقييد حرية الحركة.