رشيد غية شابٌ أسترالي من أصولٍ عربية، يدرس للحصول على شهادة الماجستير في علم النفس ويعمل كباحث في نفس المجال. اليوم سيتم رشيد الخامسة والعشرين. وبالرغم من كونه في ريعان شبابه إلا أنه سيقضي عيد ميلاده كما قضى معظم أيامه في الأشهر الستة الماضية، داخل المنزل. فبدلاً من الخروج مع أصدقائه للاحتفال بالمناسبة، ستحضر له والدته طبقه المفضل في المنزل وسيقضى الليلة مع عائلته. الأمر الذي لا يكرهه رشيد ولكنه بالتأكيد كان يفضل الخروج مع أصدقائه أيضاً.
أثّر العزل الصحي على شرائح المجتمع المختلفة بطرقٍ مختلفة. فبينما كان التركيز على كبار السن لأنهم الأكثر عرضةً لخطر الوفاة من الفيروس، عانا الشباب من تحدياتٍ أخرى. فيصف رشيد حياته قبل العزل بالمتواصلة الحركة. بين العمل والدراسة والحياة الاجتماعية، لم يمكث رشيد في البيت إلا القليل. أما الآن انحسرت كل نشاطته إلى حجرته داخل المنزل.
العمل من المنزل والدراسة من المنزل والتمرين من المنزل، تغييرات كثيرة ويصعب التأقلم معها
اضطراب القلق من آثار العزل
يقول رشيد إن العزل أثر سلبياً على صحته النفسية. التغيرات سريعة الوتيرة استدعت تأقلم مستمر والكثير من إعادة ضبط وتسييىر أمور الحياة اليومية. فقبل بضعة أسابيعٍ فقط، كانت شوارع ملبورن تستعيد لونها الطبيعي ورونقها المعتاد واعتقد رشيد أن الحياة ستعود إلى سجيتها. ولكن انتشار الفيروس بشكلٍ مفاجئ في العديد من ضواحي المدينة، أدى إلى تراجع الحكومة عن تخفيف القيود، والعودة إلى تشديد إجراءات العزل مرةً أخرى.
بالنسبة لرشيد، التأرجح المستمر وعدم اليقين أدى إلى حالة شعورية تتسم بعدم الاستقرار. وهو ما تسب في القلق والتوجس الدائم من المستقبل. أما على المستوى الدراسي والعملى، افتقد رشيد أصدقائه وزملائه في الجامعة. مع الانتقال للدراسة والعمل من خلال الانترنت، اختفت جلسات النقاش التلقائية التي كان يتمتع بها مع أصدقائه. كما خسر الكثير من أصدقائه وظائفهم مما زاد من حالة عدم الاستقرار التي شعر بها الشباب.
الواقع الجديد يتطلب نظاماً جديداً
يقول رشيد إنه من الصعب تقبل فكرة "الواقع الجديد" وهي ما تحمل في طياتها معانٍ أخرى. تقّبُل "الواقع الجديد" يعني التخلي عن حياتنا التي اعتدناها لعقودٍ طويلة. وهو ما يستدعي نظاماً جديداً.
بدأ رشيد بخلق نظامٍ جديدٍ لنفسه وحياته للتأقلم مع "الواقع الجديد". حيث قام بتثبيت مواعيد النوم والاستيقاظ حتى مع غياب ما يتطلب ذلك. فبحسب رشيد، تنظيم اليوم وتعزيزه بهيكل ثابت، لعب دوراً كبيراً في تحفيزه على مواجهة أهدافه اليومية.
ولكنه استنتج أن مواعيد النوم والااستيقاظ وحدها لن تكفي. فقام إضافة المشي والتمارين الرياضية إلى روتينه اليومي. وهو ما أضاف إلى يومه جرعة ضرورية من الانتعاش والحيوية.
من تعايش أفضل؟ الشباب أم كبار السن؟
يقول رشيد إن جائحة كورونا كانت آثارها سلبية على الجميع. فعلى سبيل المثال، شعر كبار السن بالخوف والقلق على صحتهم أكثر من الشباب. ولكن لم يشعر معظم صغار السن بالعزلة الاجتماعة بنفس قدر كبار السن، بسبب تعودهم على استخدام شبكات التواصل الاجتماع وتطبيقات الهواتف الذكية للحديث مع أصدقائهم.
وعلى صعيدٍ آخر قال رشيد إن معظم من حوله قاموا باتباع ارشادات التباعد الاجتماعي الصحيحة والسبب في انتشار الفيروس في فيكتوريا مرة أخرى لا يمكن تركيزه علىى جالية واحدة.
من خرقوا قوانين التباعد الاجتماعي أقلية لا تنتمي لجالية أوعرق معين، ولا يتطلب الأمر أكثر من ذلك لانتشار الفيروس من جديد.




