أعلنت الحكومة الفدرالية مؤخرًا عن حزمة من الإجراءات الهادفة إلى تقليص التعقيدات البيروقراطية في قطاع البناء. خطوة وُصفت بأنها محاولة للتوازن بين معايير الاستدامة، وتسريع الموافقات على مشاريع الإسكان من جهة أخرى. لكن، هل تكفي هذه التغييرات لتخفيف معاناة المواطنين والمطورين؟
حكاية مواطنة ضاعت بين القوانين
نسرين قاسم، مواطنة أسترالية، حلمت ببيت العمر بعد شراء قطعة أرض عام 2021. غير أن فرحتها سرعان ما تحولت إلى رحلة معقدة بين المطور العقاري والبلدية. تروي نسرين أن المطور فرض شروطًا صارمة وصلت إلى تفاصيل ألوان الواجهات وأنواع النباتات، لتكتشف أن كل ما خططت أدخلها في دوامة لم تنته منها بعد في محاولة للسعي للحصول على التعديلات لو البقاء لفترة قد تمتد لعام من الانتظار للحصول على الموافقات، في وقت كانت أسعار مواد البناء أخذت تتغير بشكل متسارع. تقول السيدة نشرين نسرين:
وصلنا مرحلة فكرنا نلغي المشروع. حجم الإحباط كان يفوق الوصف
السيدة نسرين قاسم
من جانبه، يوضح المقاول المخضرم محمد العمري، بخبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في قطاع البناء بولاية فيكتوريا، أن التعقيدات لم تكن فقط على مستوى المطورين والبلديات، بل أيضًا في الإجراءات والتكاليف الإضافية مثل "مساهمات المساحات المفتوحة" التي تصل إلى 12% من قيمة العقار. لكنه يرى أن القرارات الأخيرة، مثل تقليص مدة الموافقات إلى ستة أشهر، والسماح ببناء وحدات صغيرة إضافية دون الحاجة لإجراءات مطولة، تمثل نقلة إيجابية. وطالب أي مواطن يرغب في البناء، التوجه إلى ذوي الخبرة في المجال سواء من المعماريين أو شركات البناء حتى لا يقعوا ضحية الروتين أو عدم خبرة المهندس المعماري الذي صمم المنزل.
محمد العمري مالك شركة البشير للتعمير في ولاية فيكتوريا
الحكومة تؤكد أن خطتها تمتد لخمس سنوات، تستهدف خلالها تعزيز الإسكان الميسور وتحفيز بناء وحدات أصغر لمواجهة الطلب المتزايد. لكن التحدي يبقى في توحيد المرجعيات، إذ لا يزال المطورون والبلديات يضعون معايير مختلفة تُربك المهندسين والمواطنين على حد سواء.
إصلاحات البناء قد تكون خطوة على الطريق الصحيح، لكنها ليست العصا السحرية لحل أزمة الإسكان. فبين حلم المواطن ببناء ببيت صغير، وتعقيدات القوانين وتكاليف السوق، يبقى السؤال: هل تستطيع الإصلاحات الجديدة فعلاً اختصار سنوات الانتظار وتحويل حلم البيت إلى واقع؟
استمعوا لتفاصيل هذا التقرير بالضغط على زر الاستماع الصوتي في الأعلى.