هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة مهنية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر.
في نزاعات الحضانة، غالبًا ما تكون مصلحة الأطفال وحقهم في بيئة مستقرة وآمنة هي المحور الأساسي للقرارات القضائية. ولكن، هل تُعطى رغبات الأطفال وأصواتهم الأهمية التي تستحقها؟ وكيف تستمع المحاكم لهم؟ في هذا المقال نستعرض تجربة المحامية أحلام حجازي في التعامل مع قضايا الحضانة، وكيف تضمن المحاكم سماع صوت الطفل بشكل يحقق العدالة ويحفظ مصلحة الطفل الحقيقية.
تؤكد المحامية أحلام أن المحاكم تحترم رأي الأطفال وتعتبره جزءًا مهمًا من القرارات، لكنها لا تعتمد فقط على ما يعبر عنه الطفل في لحظة معينة. إذ تُراعى مصلحة الطفل فوق كل اعتبار، ويجب أن يكون رأيه نابعًا عن حرية اختيار حقيقية وغير متأثرة بوالديه أو من حوله. المحكمة تتأكد من أن الطفل يعبر عن رأيه بحرية، بعيدًا عن الخوف أو التحيز، لأن صوت الطفل قد يتأثر أحيانًا بخوفه من أحد الوالدين أو محبته لأحدهما، وهو ما يجب على المحكمة أخذه بعين الاعتبار.
لا تسمح المحاكم عادة للأطفال بحضور الجلسات مباشرة للتعبير عن آرائهم، وذلك حفاظًا على حالتهم النفسية وعدم تعرضهم لضغوط. بدلاً من ذلك، تعتمد المحاكم على ممثلين مثل محامي الطفل أو الأخصائيين النفسيين الذين يتواصلون مع الطفل ويقدمون رأيه بشكل موثوق وآمن. المحامي الخاص للطفل يلعب دورًا مهمًا في تمثيل صوت الطفل، وهو ضروري لضمان تأثير رأي الطفل على القرارات القضائية، حيث يكون المحامي مستقلاً عن أي طرف آخر ويعمل فقط لمصلحة الطفل.
تؤكد أحلام أن عمر الطفل يؤثر بشكل كبير على وزن رأيه في المحكمة. الأطفال الصغار جدًا مثلًا أقل من 7 سنوات يكون لرأيهم تأثير محدود لأنهم قد لا يعبرون بدقة عن مشاعرهم أو رغباتهم. أما الأطفال الأكبر سنًا، خصوصًا في مرحلة المراهقة بين 14 و18 سنة، فتأخذ المحكمة آرائهم بجدية كبيرة، لأنها تعكس درجة من الوعي والقدرة على الاختيار.
تلعب الظروف النفسية والاجتماعية للطفل دورًا محوريًا في كيفية تقييم المحكمة لرغباته. مثلاً، إذا كان الطفل يعيش في بيئة فيها عنف أسري أو اضطرابات نفسية، يتم التعامل مع رأيه بحذر شديد، ويُعتمد على تقارير الأخصائيين النفسيين لفهم وضعه بشكل أفضل. المحكمة تضع في اعتبارها مشاعر الطفل، مدى شعوره بالأمان، ومدى إمكانية تعبيره عن رأيه بحرية دون ضغط أو خوف.
من أكبر التحديات التي تواجه المحاكم والمحامين هي التأكد من أن صوت الطفل لم يُستغل لصالح أحد الوالدين على حساب مصلحة الطفل الحقيقية. هناك مخاطر كبيرة من أن يستخدم أحد الوالدين رغبات الطفل كوسيلة لتحقيق مكاسب شخصية، أو أن الطفل نفسه يعبر عن رغبات غير واقعية تحت تأثير مشاعر الولاء أو الخوف. لهذا السبب، يلعب المحامي الخاص للطفل والأخصائي النفسي دورًا حيويًا في ضمان أن صوت الطفل حقيقي ومستقل.
تُعطي المحاكم أهمية كبيرة لرغبات الأطفال خاصة عند بلوغهم سن المراهقة، ولكنها لا تعتمد فقط على رأي الطفل وحده، بل توازن بينه وبين مصلحة الطفل العامة. في بعض الحالات، قد ترفض المحكمة أخذ رأي الطفل بعين الاعتبار، مثل حالات العنف الأسري أو إذا كان الطفل غير قادر على التعبير بحرية.
تشير المحامية إلى أن القوانين والمعايير التي تنظم سماع رغبات الأطفال في نزاعات الحضانة ليست موحدة أو واضحة دائمًا، وهذا يؤدي إلى تفاوت في كيفية تطبيقها من محكمة لأخرى.
تشدد أحلام على ضرورة تطوير النظام القضائي من خلال زيادة تدريب القضاة والمحامين على مهارات التواصل مع الأطفال وفهم احتياجاتهم النفسية، وتعيين محامين مستقلين للأطفال في جميع قضايا الحضانة، وتوفير بيئة آمنة وسرية لسماع رغبات الأطفال بعيدًا عن ضغوط الوالدين، والاهتمام بتقييم نفسي واجتماعي دقيق لحالة الطفل قبل اتخاذ القرار.
يظل صوت الطفل عنصرًا مهمًا لكنه معقد في نزاعات الحضانة. تحترم المحاكم رغبات الأطفال، لكن مع ضرورة تحقيق توازن دقيق بين ما يعبّر عنه الطفل ومصلحة الطفل الحقيقية. الدور الفعّال لمحامي الطفل والأخصائي النفسي هو ضمان أن يكون هذا الصوت مسموعًا ونزيهًا، وأن لا يُستغل لصالح طرف على حساب الآخر. تحسين النظام القضائي في هذا المجال يتطلب وعيًا أكبر بحاجات الأطفال النفسية والاجتماعية وتوفير آليات أكثر دقة لسماع أصواتهم.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand