شهدت الأوضاع الميدانية في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة تصعيداً متسارعاً، أعاد المنطقة إلى أجواء الترقب والتوتر، وسط اتهامات متبادلة بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي بخرق الهدنة التي دخلت حيّز التنفيذ قبل أسابيع فقط.
في المقابل، لم يهدأ الداخل الغزي رغم الهدنة، إذ أعلنت حركة حماس عن تنفيذ إعدامات ميدانية بحق عدد من المتهمين "بالتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي"، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط الفلسطينية. واعتبرت الحركة أن تنفيذ هذه الأحكام جاء بعد "إجراءات أمنية دقيقة"، وضمن "إطار حفظ الأمن المجتمعي ومواجهة الاختراقات الأمنية".
ويرى مراقبون أن الرسالة التي أرادت حماس إيصالها من خلال هذه الإعدامات تتجاوز الجانب الأمني، لتلامس البُعد السياسي والاجتماعي.
وعلّق الصحافي الغزي المقيم في لندن، عمر دواس، على الأحداث قائلاً إن "هذه الإعدامات من الناحية السياسية، حماس تريد أن تقول للمجتمع الفلسطيني في هذه اللحظة الفاصلة، نحن موجودون كرقم صعب لا يمكن نسيانه، وأن كل تجاوز في القطاع لن يمر دون رد".
وأشار دواس إلى أن ما جرى ليس مجرد تصفية حسابات مع عملاء، بل يحمل رسائل مباشرة للعشائر والقوى التقليدية داخل غزة:
لا يمكن النظر إلى الإعدامات الميدانية التي قامت بها حماس كصراع بين حماس والعشائر، بل هي رسالة من حماس إلى العشائر مفادها أن العودة إلى ما قبل 2007، عندما كانت العشائر تسيطر على القطاع في ظل ضعف السلطة الفلسطينية، ليس ممكناً.
وتأتي هذه التطورات في ظل واقع إنساني مأساوي يعيشه سكان القطاع، حيث لا تزال الخدمات الأساسية تعاني من تراجع كبير والمستشفيات تكافح لتوفير الحد الأدنى من الرعاية، وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، في حين ترتفع معدلات البطالة والفقر بشكل غير مسبوق.
القطاع يعاني أيضاً من أزمة كهرباء خانقة، مع انقطاعات يومية تصل إلى أكثر من 18 ساعة، ما يزيد من تعقيد الحياة اليومية، ويؤثر بشكل مباشر على المرافق الخدمية، خاصة المستشفيات، ومحطات ضخ المياه، والمخابز.
في الأثناء، تبذل واشنطن وأطراف إقليمية مثل مصر وقطر جهودًا لإعادة تثبيت التهدئة ومنع انفجار الوضع مجددًا، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه ملتزم بإطار وقف إطلاق النار وسيتم استئناف فتح معبر رفع بعد إغلاق مؤقت وقصف أودى بحياة أكثر من ثلاثين فلسطيني في أنحاء متفرقة من القطاع، رداً على "خرق حماس للهدنة" وتنفيذ هجمات أوقعت قتيلين من الجيش الإسرائيلي.