يعتبر قطاع البناء الشريان الحيوي لاقتصاد نيو ساوث ويلز ويعتمد عليه عدد كبير من أبناء الجالية العربية واللبنانية على وجه الخصوص، ولطالما شاعت مقولة ما دام اقتصاد ولاية نيو ساوث ويلز بخير فاقتصاد أستراليا بخير.
ولأول مرة وفي ظل الإغلاق الثالث لمدينة سيدني الكبرى طالت إجراءات التوقف عن الحركة والأعمال قطاع البناء.
المحلل الاقتصادي شرح التداعيات المالية والاقتصادية المحتملة لتشديد الإغلاق في سيدني في لقاء له مع أس بي أس عربي24 بحيث انقلبت المعادلة بين أسبوع واخر، وتحولت الأرقام والمؤشرات الاقتصادية من إيجابية ومتفائلة إلى رمادية.
تأثير الإغلاق على عمال البناء:
إيقاف أعمال البناء بسيدني الكبرى ليس أمرا سهلا. وبحسب التقديرات فانه يزيد على خسائر الولاية المالية مقدار مليار دولار إضافية اسبوعيا، بالإضافة لمليار دولار خسائر من إيقاف النشطات الاقتصادية الأخرى، أي أن مجموع خسائر اقتصاد الولاية سيناهز ملياري دولار أسبوعيا.
يعمل بقطاع البناء بين 250 ألف و300 ألف عامل، وحوالي 10% من القوى العاملة في سيدني الكبرى. ويتوزعون على مشاريع مختلفة أبرزها مشاريع بنى تحتية حكومية ومشاريع التطوير العقاري مثل بناء الشقق والمنازل.
نسبة كبيرة من هؤلاء العمال هم من ضواحي جنوب غرب سيدني وبحسب إحصاء عام 2016، حوالي 35% من القوى العاملة في كانترباري-باكستاون، وحوالي 45% في كل من ليفربول وفيرفيلد هم من العمال وأصحاب المهن الصناعية الحرة، ويبلغ متوسط دخلهم الأسبوعي حوالي 1,300 دولار.
وهنا نحن أمام تحديات اقتصادية ومالية كبرى يواجهها هؤلاء العمال وأصحاب الاعمال الصغيرة في قطاع البناء.
اولى هذه الصعوبات هي قدرتهم على تأمين تكاليف المعيشة، إذ إن المساعدة الحكومية بمبلغ 600 دولار أسبوعيا لن تكفي وهي للأسف مبلغ أقل من الحد الأدنى للأجور في أستراليا الذي يبلغ حوالي 720 دولار أسبوعيا.
يكفي أن نعرف أن معدل تكلفة إيجار المنازل في سيدني هو 490 دولار أسبوعيا لنفهم كم هو زهيد مبلغ الـ 600 دولار كمساعدة حكومية.
الضبابية التي تحيط بمدة الإغلاق وموعد عودة ورش البناء للعمل تزيد من الضغط على العمال وأصحاب الشركات الصغيرة.
ما الذي يمكن فعله للتعامل مع هذا الوضع؟
يمكن التعامل مع أسبوعين اغلاق عبر ترتيبات يتوصل اليها أصحاب الاعمال مع العمال عبر أخذ جزء من إجازتهم السنوية أو إجازة غير مدفوعة والإبقاء على وظائفهم، وايضا عبر الاستفادة من برنامج الدعم الحكومي البالغ 40% من الراتب. هذه الترتيبات تساعد الجهتين للعودة سريعاً للعمل واستعادة النشاط الاقتصادي للقطاع بعد الإغلاق.
لكننا سنكون أمام مشكلة حقيقية إذا تم تمديد إيقاف أعمال البناء بعد 30 تموز/يوليو كما هو حالياً، أي توقف كامل الأعمال، وهنا الحكومة الفدرالية مدعوة للتحرك بشكل سريع لإعادة العمل ببرنامج jobkeeper او أي برنامج مماثل لدعم الرواتب wage subsidy بما يتيح للمصالح التجارية الإبقاء على العمال، وخاصة أن هذا البرنامج أثبت نجاحه بالسابق حيث رأينا مساهمته بعودة سريعة للاقتصاد الأسترالي لمستويات النمو.
وهذا أيضا من شأنه أن يبقي معدلات البطالة عند مستويات 5% بدل أن ترتفع لمستويات 6% بدون برنامج jobkeeper.
كيف يتأثر اقتصاد أستراليا بشكل عام؟
يشكل اقتصاد نيو ساوث ويلز ثلث الاقتصاد الأسترالي وهو أكبر الاقتصادات بين الولايات. ويشكل قطاعا البناء وتجارة التجزئة في هذه الولاية 4% من مجمل الاقتصاد الأسترالي، أي أن إغلاق هذه الولاية سيساهم حتما بانكماش الاقتصاد الأسترالي ككل في الفصل المالي الحالي.