حين يصبح الوطن عباءة مزدوجة: خليل طرطق ومسيرة العطاء بين لبنان وأستراليا في "الحكاية"

خليل طرطق - بروفايل.jpg

خليل طرطق يصدر سيرته الذاتية بعنوان " الحكاية"

66 عامًا من الحياة الممتدة بين لبنان حيث الجذور الأولى، وأستراليا حيث الامتداد والثمار. ولد كتاب "الحكاية"؛ سيرة ذاتية لا تسجل أحداث العمر فحسب، بل تقدّم تجربة إنسان حمل وطنه الأول في ذاكرته، وبنى لنفسه وطنًا آخر دون أن يتخلى عن جذوره.


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

يقول طرطق في مقدمة عمله إن الكتاب لم يكن مشروعًا فرديًا بقدر ما كان حوارًا مع الحياة نفسها. جلس ليروي، وجلس صديق ليسجل، وبين الحكاية والذاكرة وُلد الكتاب "ليكون مرجعًا للأجيال القادمة، كي يعرفوا كيف يحافظ الإنسان على هويته وهو يبني نفسه في وطن جديد".
طفولة معلّقة بين الغياب والحضور

لم تكن البدايات سهلة. فبعد سفر عائلته إلى أستراليا، بقي خليل طفلًا في أحضان جدّه في لبنان. هناك تشكلت أولى ملامح الوعي والانتماء، وكان الجدّ المعلم الأول والملاذ. يذكر طرطق تلك المرحلة بصوت يملؤه الامتنان: " كان لجدي والد والدتي وجدتي علي أفضال كبيرة، فقد أضطر والداي لتركي معهما وهاجرا إلى أستراليا، لتكوين حياة جديدة، ولم أنس فضلهما ما حييت"
خليل طرطق شابا.JPG
خليل طرطق شاباً
عام 1959 وصل خليل إلى أستراليا، بلد جديد ولغة جديدة ومساحة واسعة من الشعور بالغربة. وفي سن 15 عامًا بدأ أولى خطواته العملية ليساعد أهله في المصانع، يعمل 12 ساعة يوميًا، لبناء بيت وعائلة ومستقبل يثبت وجوده في المجتمع الجديد.
Khalil wilt bibile.JPG
الفن حين يصبح الجسر الأجمل بين الهويتين

لم تكن حياته محصورة في التجارة والعمل فقط؛ فقد حمل معه شغفًا بالموسيقى. شكل لقاؤه مع الفنان الكبير وديع الصافي محطة لا تُنسى في حياته. ففي إحدى الكنائس اللبنانية، غنّى معه ترتيلًا كنسيًا بقي أثره راسخًا في ذاكرة المكان. لاحقًا، أهداه الصافي عودًا نقش عليه إهداء شخصي، ليصبح العود قطعة من الذاكرة لا مجرد آلة موسيقية.

كانت تلك اللحظة، كما يعبّر عنها طرطق، درسًا في أن الفن قادر على توحيد القلوب مهما تباعدت الجغرافيا.
Khalil Family  with Wadea.JPG
حين حضر الفنان وديع الصافي لأستراليا
من بعلبك إلى القصر الملكي هوية تتردد في العالم

في فرصة أخرى جمعته الصدفة بالأمير تشارلز خلال لقاء في سيدني. حديث بسيط عن لبنان، وسؤال من الأمير عن مدينة بعلبك، لكنه كان كافيًا ليعمّق إحساسه بأن للتراث اللبناني حضورًا عالميًا. بالنسبة له، كان ذلك الاعتراف امتدادًا لرحلة الذات التي لا تنسى جذورها أينما حلت.
Khlil Tattiq OAM.JPG
خليل طرطق مع قلادة OAM نظير أعماله الجليلة في المجتمع
السياسة وسيلة لخدمة الناس

امتد نشاطه إلى المجال الاجتماعي والسياسي. بدأ مع حزب الأحرار، حيث خاض الانتخابات مرّتين، إيمانًا منه بأن السياسة مساحة لخدمة الناس وربط الجالية اللبنانية بالمجتمع الأسترالي الأكبر.
كان يرى أن "المهاجر الحقيقي هو من يحافظ على أصله ويضيف شيئًا لوطنه الجديد.
Khalil Tarataq in Australia.JPG
الاقتصاد والمجتمع… حضور لا ينفصل عن الهوية

تنقل طرطق في مجالات التجارة والبناء وتأسيس مشاريع متنوعة، منها محلات التبغ و"ووكالات الأخبار". ورغم توسع أعماله، بقي قريبًا من الجاليات المسيحية والمسلمة، يعمل على توحيدها اجتماعيًا وثقافيًا، إيمانًا بأن قوة المهاجرين تكمن في تماسكهم.
"الحكاية"… أكثر من كتاب

اليوم، لا يقف خليل طرطق عند ما حققه، بل عند ما تركه من أثر. فكتابه الجديد ليس مجرد سرد لمراحل حياته، بل تأريخ لجيل كامل من المهاجرين الذين عبروا بين وطنين، عاشوا الاغتراب والأمل، وبنوا لأنفسهم جذورًا جديدة دون أن يقتلعوا جذورهم الأولى.

إن كتاب" خليل طرطق الحكاية" ليست سيرة رجل واحد… بل سيرة كل من حمل وطنين في قلبه.

استمعوا لتفاصيل أكثر عن مسيرة عطاء امتدت لمدة 66 عاماً بصوت الأستاذ خليل طرطق. بالضغط على زر الصوت في الأعلى.

 أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك و انستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand