من أصعب المواقف التي يواجهها المرء هي إخبار أحد الأشخاص عن خسارة أحد أحبائهم أو أقربائهم، وتصعب المهمة بدرجات حين يتعلق الأمر بالأولاد وقلوبهم الصغيرة.
فكيف يمكن تخفيف وقع الأخبار السيئة على الأطفال وكسر حدة الألم. المرشدة الاجتماعية هاديا بعاصيري التي تعمل مع الأطفال قالت إن "الصدمة صعبة على الجميع سواء كانوا كبار أو صغار، لكنها تجمع بين البشر من مختلف الأديان والجنسيات أيضا." وأضافت "من أجمل تقاليدنا تعاضد أبناء المجتمع في أوقات الضيق والحزن، ما يخفف من مرارة الموقف والخسران." واستشهدت بعاصيري بالقول المأثور: " لولا كثرة الباكين من حولي لقتلت نفسي".
وأضافت بعاصيري أن الفاجعة تخف حين يجتمع الناس للتعزية والمواساة خاصة في الأيام الأولى حيث تكون شوكة الألم حادة جدا وكسرة القلب قاسية جدا.
أما أصعب تلك المهام لا سمح الله، حين يضطر الأهل إبلاغ أولادهم عن وفاة أحد الأشخاص المحببين لديهم، حيث قالت بعاصيري إن الأمر يختلف بحسب عمر الطفل، فما يستطيع ابن السابعة استيعابه لا يمكن أن يفهمه ابن الخامسة، وما يحلله عقل ابن الحادية عشر قد يشكل صدمة للأصغر سنا ويصعب تحليله.
وقالت إن صغار السن قد يستفيدون من الاستعانة بالمجازات والتشبيه، والتي يسهل عليهم فهمها واستيعابها والتفاعل معها مثل تشبيه النفس المفقودة أنها مثل بالون يتم إطلاقه في الهواء لتصبح حرة طليقة.
وأضافت بعاصيري أنه على الرغم من أن الإيمان يمكن أن يساعد الناضجين على تخطي الصعاب إلا أنه لا يترك نفس التأثير بالضرورة لدى الأطفال، حيث يمكن أن يخلق لديهم عقدة ذنب في حال لم يكونوا على علاقة وثيقة بإيمانهم.
وفي حال أعرب أحد الأطفال عن الشعور بالذنب تجاه ما أصاب أحبتهم أو وفاة شخص مقرب لهم، شددت بعاصيري على ضرورة تذكيرهم أنهم لاذنب لهم. كما شددت على ضرورة الاستعانة بخبرة المختصين والمعالجين النفسيين في حال ظهرت آثار الصدمة على الطفل ومن أهمها: الكوابيس والانزواء والإحباط وعدم الرغبة في الأكل أو الكلام.
وأضافت بعاصيري أنه من الأسهل إبلاغ الأولاد بالأخبار السيئة إن كانوا ضمن مجموعة كما يحدث في الصفوف المدرسية على سبيل المثال حيث تقوم المعلمة بإخبار التلاميذ عن وفاة شخص ما، إذ أن ذلك يتيح فرصة للأخذ والرد والحوار. أما إن كان الطفل بمفرده فإنه يبقى صامتا على الأرجح ولا يفصح عن مشاعره ولا يجرؤ على طرح أسئلة تجول في خاطره.
ومن أهم ركائز المحادثة هي الصراحة ومراقبة اللغة الجسدية للطفل لمراعاة مشاعره واستيعاب مدى تأثره، وهو أمر طبيعي إذا بكى الأهل مع الطفل وأبدوا تأثرهم لأن هذه الأحاسيس إنسانية ولا يمكن التنكر لها.
وقالت بعاصيري إن المراعاة واللطف وحسن اختيار الكلمات، بالإضافة إلى "الشفقة والرحمة والصراحة" هي أهم مكونات الحديث الذي يمكن أن يساعد على إبلاغ الأطفال وتهيئتهم من خلال التركيز على الأشياء الحلوة والإيجابية. وقالت إن مرافقة الأولاد لزيارة أهل الفقيد وتعزيتهم أمر جيد حينما يكون ذلك مناسبا.