ربما تشكل أزمة كورونا، نقطة تحوّل تاريخية حقيقية، وربما لن تكون مجرّد أزمة صحيّة عالمية عابرة، لما قد تخلّفه من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية.
ومن الأكيد ان كورونا شكلت تجربة صادمة للناس، وفرضت عليهم التعامل مع واقع جديد لم يعتادوا عليه قط، واقع يقضي باتباع نمط حياتي مختلف عن ما كثير مما عرفوه وعهدوه، فالتباعد الأجتماعي أرخى بظلاله ثقلا على العائلات والأفراد، فمن كان يفكر مرتين قبل احتضان أحبته وغمر أطفاله او أحفاده وما العمل الا احترام إجراءات الوقاية للحفاظ على سلامة أحبتنا وألمجتمع وأنفسنا.
وفي حين يصعب استيعاب هذا الواقع الجديد على الكبار، كم بالحري على الصغار الذين يقرأون أوجه أهلهم ويفهمون نظرات العيون قبل أن يسمعوا الأخبار والمعلومات منهم.
فما هي الطريقة الأفضل للتحدث مع أطفالنا عن كورونا واجراءات الحجر الصحي وكيف نفسر لهم أسباب التباعد الإجتماع يوألهدف من الأجراءات المشددة للحد من كورونا وما هي أفضل الوسائل لتمضية أفضل نوعية من الوقت داخل المنزل الى حين تعود الحياة الى ما كانت عليه من تبادل الزيارات واللعب فغي الحدائق والدراسة في الصفوف المدرسية والى ما هنالك.
والجدير بالذكر ان حالة قلة المعلومات المتاحة عن كورونا، وعدم توفّر لقاح أو دواء حتى اللّحظة، والخوف من مستقبل غامض وعجم اليقين والقلق على الصحة والماديات والأمور الحياتية أخرى ، جرت الملايين الى حال من الهلع والإحباط والإضطراب وعلى الجميع ان يساندوا بعضهم البعض لعبور هذا النفق المظلم وبلوغ النور الجديد

It's important to talk to your kids about non-traditional family structure. Source: Moment RF / Getty Images
ولهذا يتخوف الخبراء الصحيون من تداعيات كورونا وتأثير الوباء الجديد والعزل الصحي على الحالة النفسية، مما يطرح الكثير من التساؤلات. كيف نعبر هذه الفترة بأقل ضرر او بأفضل حال ممكنة، كيف نحافظ على معنويات جيدة وطاقة إيجابية نعكسها على أفراد الأسرة؟ كيف نشجع الأطفال ونبعد عنهم القلق ونحافظ على التوازن النفسي فنتعلم ان نتعامل مع الحجر للوقاية من الإصابة بالفيروس ومن الإنهيار العصبي.
هذا وأعلنت حكومة فيكتوريا حالة الكوارث في الولاية التي تعتبر ثاني أكبر الولايات الأسترالية، وبدأ العمل بالمرحلة الرابعة من القيود للحد من انتشار كورونا بعد مخاوف من ان يكتسح الوباء الولاية ويتسرب الى باقي الولايات.
وتتضمن المرحلة الرابعة من قيود كورونا والتي تستمر كما هو معلن الى الآن الى الثالث عشر من الشهر المقبل أيلول سبتمبر حظر التجوال ليلا وتحديد الأوقات والمسافات والخروج من المنزل في ما يخص ممارسة الرياضة والتسوق.
وتعد القواعد الجديدة الأشد صرامة ضمن المرحلة الرابعة حيث ستحد من التنقل وستشمل حظر التجوال في ملبورن بين الساعة الثامنة ليلاً والخامسة صباحًا.
الحجر الصحي قد يكون صعبا على أكثر من صعيد، وعادة ما يكون مصحوبا بقلّة الإنجاز وبتغيير الروتين اليومي ، وشعور بترقّب المجهول والأسر والمراقبة، لا بل يقال انه في بعض الحالات يشعر الأصحاء أنهم مرضى فممن الممكن أن يصل بهم القلق النفسي والكثرة التفكير الى الشعور بضيق التنفس بالفعل وهذا ما يؤثر سلبا على الجهاز المناعي الذي يعتبر حاليا السبيل الوحيد لمكافحة المرض ويجب تعزيزه قدر الإمكان.
ويبقى السؤال الأهم كيف نتحدث عن الواقع الجديد واجراءات كورونا مع الأطفال؟
في حديث لها مع جميلة فخري قالت المستشارة النفسية هند صعب عبر أثير اس بي اس 24 ان كثيرين قد يلجؤون لإخفاء الحقائق المتعلقة بالواقع الجديد عن أطفالهم بنية "حمايتهم" وقد يغيب عنهم انه هم أيضا شركاء في هذا الواقع والكل يتحمل نصيبه من المسؤولية، التي تفيد ولا تضر وتساعد على النمو الصحيح لأن الصراحة هي الأساس فلا يمكن ان تخفي شعورك عن الأطفال الذين يمكنهم أن يلاحظوا رفة العين.
وشجعت السيدة صعب على اتباع أسلوب الرقة في التعامل مع الأطفال، فلا يمكن سكب الحقيقة عليهم الا بحسب قدرتهم على استيعابها، كل على حدا حسب عمره وقدرته الذهنية وادراكه للأمور ولكن الحقيقة والمعاملة بالرأفة هما أساس المحادثة.
"المشاركة مع اللصغار حسب قدرتهم على الإستيعاب، وأيضا لمشاركتهم بالمسؤولية ولا يجب الإستخفافا أبدا بمرونة الأطفال وقدراتهم ومؤهلاتهم التي ليست بقليلة والتي تساهم في تحقيق أفضل النتائج".
وبما أننا كلنا معا في مواجهة هذا الوباء، فمن الضروري جدا أن يعرف الأطفال أيضا مسؤوليتهم الشخصية والمعرفة قوة تخولهم على اتباع النصائح الطبية من غسل اليدين والتباعد الأجتماعي ونصائح أخري تبعد عنهم العدوى وتقيهم المرض "نحن نعلمهم لمصلحتهم".

Source: SBS
وأضافت السيدة صعب ان الأطفال يشعرون بالسعادة عند تحملهم مسؤولية جديدة وهذا ليس بالسيئ لأنه يساهم في نموهم السليم.
ومن جهة أخرى، شددت السيدة صعب على أهمية سكب المعلومات بطريقة سلسة ولطيفة ومحبة، مثلا يجب الجلوس قرب الطفل لمحادثته والنظر الى عينيه والتركيز على انه هو موضوع اهتمامنا فلا نتشتت بأمور أخرى ونجيب على الأسئلة بصراحة،" الأولاد سيكونون معكم في البيت خلال الحجر الصحي فلا بد أن يفهموا ويساهموا ويشاركوا في الخطط اليومية والمهام (..) ليكونوا منتجين وينجزوا مهامهم فترتفع معنوياتهم".
وأضافت السيدة صعب لا يجب أن نخفي شعورنا الحقيقي، العديد من الأطفال يكبرون وهم لا يدركون كيفية التعبير عن مشاعرهم أو تحديدها وتعريها مثا الغضب أو الحزن أو الخوف، فعندما نعبر عن مشاعرنا ولكن بحذر ولطف وأمل وأيجابية نعلم أطفالنا أن يميزوا مشاعرهم وينتبهوا لها.
والفرق يكمن في أن نطمأن الطفل ولا نخيفه أكثر "يمكنك أن تتكل علينا، نحن نعمل مل في وسعنا للحفاظ على سلامتك، وكلنا معا في مواجهة هذه الحالة الإستثنائية التي لا بد وستعبر وتنتهي بخير".
يجب على الجميع في أستراليا البقاء على مسافة 1.5 متر على الأقل من أي شخص آخر. يمكنك مراجعة قواعد ولايتك لمعرفة الحد الأقصى للتجمعات في هذا الرابط.
إذا كنت تعاني من أعراض البرد أو الأنفلونزا، ابق في المنزل ورتب موعدا للفحص عن طريق الاتصال بطبيبك أو الاتصال بالخدمة الوطنية للمعلومات الصحية عن فيروس كورونا على الخط الساخن 1800 020 080.
أس بي أس ملتزمة بتوفير آخر التحديثات للجاليات المتنوعة في أستراليا عن كوفيد-١٩. آخر الأخبار والمعلومات متاحة الآن بثلاثٍ وستين لغة عبر sbs.com.au/coronavirus.




