تشرين الثاني نوفمبر من كل عام هو شهر التوعية بسرطان الرئة حيث تحرص الدول حول العالم على تكثيف الجهود لرفع مستوى الوعي في المجتمعات حول مسببات المرض وأعراضه وايصال الرسالة للأفراد بضرورة إجراء الفحوصات المبكرة لضمان فرصة أكبر في الشفاء. ويعد سرطان الرئة أكثر السرطانات شيوعاً وتشخيصاً في أستراليا وواحد من 5 سرطانات تسبب مجمل الوفيات في صفوف المصابين وفق أرقام المؤسسة الأسترالية للصحة.
ويولي القطاع الصحي في أستراليا اهتماماً خاصاً بالوضع النفسي لمريض السرطان لتمكينه من مواصلة العلاج والتشبث بالأمل في مشوار مؤلم وطويل ويتطلب دعم أفراد العائلة والأصدقاء وتفهمهم لطبيعة الإصابة ودرجة تطور المرض ومراحل العلاج. ولكن ماذا عن الوضع النفسي لهؤلاء المحيطين بالمريض؟
لم يخطر ببال مسؤولة تحليل بيانات السرطان نسرين قعدان أنها ستختبر بنفسها ألم إصابة أحد المقرّبين منها بسرطان الرئة حيث كانت البداية مع والدها الذي تم تشخيصه بالمرض وفارق الحياة على اثر الإصابة في عام 2012 وبعد ذلك بسنوات تكرر المشهد ووجدت نسرين نفسها مجدداً أمام اختبار جديد بذات الصعوبة حيث فارق زوجها الحياة العام الماضي بعد إصابته بذات النوع من السرطان.
تحدثت نسرين عن تلك المرحلة بالقول: " الوضع كان صعباً جداً لأن الشخص عليه أن يساعد المريض ويدعمه نفسياً (..) الزيارات المتكررة للمستشفى وإتمام الواجبات المنزلية والاهتمام بالأبناء في ذات الوقت". وبدت نسرين ممتنة لوالدتها وأفراد عائلتها وأصدقائها الذين لم يدخروا جهداً لدعمها والوقوف معها في هذه المحن.

Source: Supplied
لم تستلم للحزن
فكّرت نسرين في طريقة تمكنها من رفع الوعي بمخاطر سرطان الرئة ومسبباته وفي نفس الوقت جمع التبرعات لدعم الأبحاث العلمية الساعية لتحسين نوعية العلاج وجعله أكثر فعالية فقررت الركض أو المشي كل يوم في عام 2019 لمسافة 3 كيلومترات ونشر الصور عبر حساب مخصص لهذه الغاية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأثارت نسرين اهتمام كثيرين بهذه الحملة واقتربت من هدفها بجمع 20 ألف دولار لأبحاث سرطان الرئة: " اليوم يحمل رقم 317 في هذه الحملة (..) تواصل معي كثيرون وشاركوني في الركض والمشي ونشروا صورهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي."
وعلى الرغم من الصلة الوثيقة بين 90% من حالات الإصابة بسرطان الرئة لدى الرجال و65% منها لدى النساء بالتدخين، تعتقد نسرين أن الربط بين التدخين وسرطان الرئة حصراً دون سرطانات أخرى أثر سلباً على التبرعات المقدمة للأبحاث الخاصة بالمرض فالناس وفق رأيها يقولون " أصيب فلان بسرطان الرئة لأنه يدخن".
وتشرح نسرين وفي حوزتها خبرة تفوق العشرين عاماً في علاج السرطان بالأشعة، إن التدخين (السجائر والأرجيلة) يعد مسبباً لستة عشر نوعاً من السرطان فضلاً عن أمراض أخرى.

Source: Supplied
"هداك المرض"
حظيت نسرين بدعم كبير من أفراد عائلتها والأصدقاء المقربين إلا أنها اعترفت بأن أفراد الجالية العربية في أستراليا لا زالوا يخشون كلمة "سرطان" ويتجنبون ذكرها وحتى يتحاشون الحديث في تفاصيل المرض مما يصعب من مهمة التوعية بالمخاطر والمسببات ويجعل الأفراد أكثر ميلاً لتجنب استشارة الأطباء في المراحل الأولية من المرض خوفاً من الاخبار السيئة.
ونبّهت نسرين الجميع إلى الأعراض الأولية لسرطان الرئة والتي تشمل السعال وخسارة الوزن وضيق النفس وآلام الصدر.
استمعوا إلى المقابلة مع نسرين قعدان في التدوين الصوتي.






