البداية كانت كما يرويها الدكتور عبد المسيح باكوس قريو، رئيس المجلس السرياني الأسترالي، حين التقت الحاجة بالمبادرة. يقول: “كانت الشرارة الأولى حين عملت مع مجموعة من كبار السن السريان في ضاحية "كارولاين سبرينغز"، ووجدت مبادرات أخرى تعمل بصمت في ملبورن دون أن نعرف بعضنا البعض. عندها أدركت أن الوقت قد حان لتوحيد الجهود تحت مظلة واحدة.”
من لقاءٍ عابر بزميل الدراسة، الذي كان بدوره قد أسس جمعية سريانية ثقافية في "جيلونغ"، وُلد حلم مشترك للسعي نحو تأسيس مجلسٍ يوحّد الجهود ويمنح السريان في أستراليا بيتًا جامعًا.
وفي 2024، انطلقت أولى الاجتماعات التحضيرية، قبل أن يُعلن رسميًا عن تأسيس المجلس في شباط/فبراير 2025، معلنًا ميلاد بيتٍ جديد في المهجر الأسترالي.
الهيئة والتكوين
تشكلت النواة الأولى للمجلس من تسعة أعضاء ينحدر معظمهم من بلدتي قرقوش (الحمدانية) وبرطلة العراقيتين.
ومع تسجيل المجلس رسميًا لدى شؤون المستهلكين في ولاية فيكتوريا، اتسعت العضوية لتضم أكثر من 20 شخصًا يمثلون مختلف أطياف الجالية السريانية، بخطواتٍ واثقة نحو العمل المؤسسي والتمثيل الفاعل.
الدكتور عبد المسيح باكوس قريو
يقول الدكتور قريو إن رؤية المجلس تتمحور حول بناء مجتمع فاعل ومندمج، يحمل إرثه الثقافي بفخر، ويشارك بفعالية في المشهد الأسترالي المتعدد.
ومن أبرز أهداف المجلس:
- تمثيل المجتمع في المحافل الرسمية والدفاع عن حقوقهم الثقافية والاجتماعية.
- تعزيز الهوية بين الأجيال الشابة.
- دعم اندماج أبناء الجالية في ميادين التعليم والعمل والمجتمع المدني.
- ترسيخ التعاون بين أبناء الجالية لتحقيق تماسكٍ مجتمعي.
 ويضيف قريو:
المجلس ليس نهاية الطريق، بل بداية حلمٍ أكبر، نسعى عبره إلى كيان يجمع السريان، ثم يمتد ليحتضن الجاليات الشرق أوسطية كافة، ليكون لنا صوتٌ موحّد ومسموع في أستراليا.
الهوية والشعار
أما نائب رئيس المجلس، الأستاذ عدي سامي استيفو، فيستعرض الهوية البصرية والشعار الذي تم اعتماده في آب/أغسطس الماضي.
يتألف الشعار من غصن شجرة الواتل، رمز الانتماء الأسترالي والنمو الدائم، تحتضن حرف “بيث” السرياني الذي يعني “البيت” – في إشارة إلى البيت السرياني- الذي نما في أرضٍ خصبةٍ أسترالية. ويكمل الشعار اللفظي ثلاث كلمات تختصر فلسفة المجلس: الهوية ،التمكين، التجدد.
عدي سامي اسطيفو
رغم حداثة تأسيسه، تمكن المجلس خلال أشهره الأولى من أن يترك بصمة واضحة في حياة الجالية. عبر تنظيم رحلات عائلية في أجواءٍ من الألفة والحنين، كما أطلق لقاءات للمرأة والشباب لتفعيل دورهم المجتمعي، ومحاضراتٍ توعوية بالتعاون مع مؤسسات رسمية تناولت موضوعات مثل خدمات "سنتر لينك،" والضرائب، والنظام الصحي الأسترالي.
ولم يقف دور المجلس عند الجالية فحسب، بل تفاعل مع قضايا محلية تمس حياة السكان، كمتابعة ملف النفايات في ضاحية "ميلتون" والتواصل مع البلديات لتحسين خدمات النقل العام، ما عزز الثقة بالمجلس كصوتٍ فاعل في النسيج المحلي.
يفتح المجلس أبوابه اليوم لكل من يرغب في المشاركة عبر صفحاته الرسمية على فيسبوك وإنستغرام تحت اسم Australian Syriac Council،
إلى جانب تلقي الطلبات والمقترحات عبر تطبيق" الماسنجر" الخاص بصفحة المجلس على فيسبوك.
ويستعد المجلس لتنظيم مهرجان التراث والثقافة السريانية في شهر آذار/مارس 2026، احتفاءً بالهوية والامتداد. كما يخطط لعقد لقاءات مع نواب محليين لتعزيز حضور الجالية في الحياة العامة الأسترالية.
ومن بين جذورٍ ضاربة في تاريخ بلاد الرافدين، تنبُت اليوم فروعٌ جديدة في ملبورن، لتروي قصة انتماء لا تعرف المسافات. فالمجلس السرياني الأسترالي ليس مجرد مؤسسة تطوعية، بل هو بيتٌ يضم الذاكرة والطموح معًا على أرض أستراليا، تُظلّله غصون الهوية، وتُثمِر فيه أحلام الأبناء وحنين الأجداد.
استمعوا لتفاصيل أكثر عن هذا المجلس مع أعضائه ومساعيهم المستقبلية، بالضغط على زر الصوت في الأعلى.





