في الأول من فبراير شباط الماضي، كان الطفل شربل قصاص البالغ من العمر 11 عاما برفقة ستة من أقاربه وأصدقائه في طريقهم لشراء آيس كريم قبل غروب الشمس في ضاحية أوتلاندز غربي سيدني. وبينما يمشون على الرصيف، صدمتهم سيارة مسرعة، قالت السلطات إن قائدها كان تحت تأثير الكحول والمخدرات، لتصبح أحد أقسى المآسي التي تهز الجالية العربية والمجتمع الأسترالي بأسره.
توفي أربعة أطفال على الفور، في حين أصيب اثنان بإصابات خفيفة ودخل شربل قصاص إلى المستشفى في حالة خطيرة. رانيا قصاص والدة شربل تحدثت إلى SBS Arabic24 عن رحلة شربل حتى خروجه من المستشفى يوم 22 أبريل نيسان الماضي: "شربل خرج من المستشفى بمعجزة، يمكن أن تقول إن ما حدث معنا كان معجزة."
الحادث أودى بحياة ثلاثة أخوة هم أنجيلينا وسيينا وأنتوني عبد الله بالإضافة لقريبتهم فيرونيكا صقر. رانيا هي شقيقة ليلى عبد الله والدة الأطفال الثلاثة، وحكت كيف مرت تلك الفترة عليهم: "كنا في مرحلة صعبة للغاية بسبب كل ما حدث معنا، خسرنا أولاد أختي وفيرونيكا وابني كان في المستشفى، كانت الأمور متلاحقة، وكانت فترة صعبة للغاية."

Charbel Kasas, 11, just left hospital after severely injured in Oatlands crash Source: Supplied
لكنها أكدت أنها لم تشك لحظة في تعافي ابنها "كان لدينا إيمان وكنا موقنين أن شربل سيتعافى." وأضافت "مررنا بفترة عصيبة للغاية، ثلاثة أشهر من الذهاب إلى المستشفى بشكل متواصل."
دخل شربل إلى غرفة العناية المركزة بعد الحادث مباشرة وظل في غيبوبة لمدة عشرة أيام، بعدها فتح عينيه لكنه لم يكن واعيا بما حوله كما تحكي والدته "لم يكن يتحدث أو أي شيء، لم يكن يسمعنا ولم يكن يتحرك، لأن دماغه ما زال في غيبوبة."
وأضافت رانيا "اجتمع معنا الأطباء وقالوا أمامكم ستة أشهر على الأقل لتغادري المستشفى، ولا توجد ضمانات أنه سيمكنه الكلام مرة أخرى، وسيحتاج إلى كرسي من أجل الحركة، قالوا إنه لن يعود بشكل طبيعي." وقالت "قلنا لهم هذا لن يحدث، عندنا "ختيار" اسمه مار شربل سيساعدنا، وكل الناس تصلي من أجلنا، وبالتأكيد لم يتركنا الله."
بعد فترة بدأ شربل في الإفاقة، والتحرك على السرير ولكن ما زال دماغه غير واعي: "فجأة فتح عينيه وقال أمي، نظرت له وركعت بجواره وقالت له ماذا قلت، فرد: ماما بحبك." وقالت رانيا قصاص "أصبحنا نبكي كلنا، فهذه الكلمة التي كنا ننتظر سماعها بعد شهرين ونصف من العذاب."
لم تتكبد العائلة مشقة إخبار شربل بوفاة أقربائه، حيث تكفل محرك البحث جوجل بالأمر: "سحب شربل الآيباد وكتب اسم زوج أختي داني عبد الله، لأنه يلعب ملاكمة، وكان يرغب في مشاهدته، فجاءت النتيجة عن حادث أوتلاندز."
وقالت "سألني شربل كيف ماتوا، فقلت له إنه كان معهم، وما زال حتى الآن لا يتذكر بوضوح إن كان معهم أم كان في لبنان."
ويواجه سائق السيارة سامويل ويليام دافيدسون البالغ من العمر 29 عاما نحو 34 تهمة بسبب الحادث. وكانت تهما جديدة قد أضيفت إليه الشهر الماضي، بعد أن قالت السلطات أنه كان تحت تأثير مخدر MDMA والكوكايين بالإضافة إلى كون الكحول في دمه يتجاوز المعدل القانون بثلاث مرات.
وكان دافيدسون في طريقه لسحب بعض النقود من الماكينة، حيث تقول السلطات أنه كان قد أمضى اليوم في معاقرة الكحول قبل ارتكاب الحادث. ومن المقرر أن يظهر دافيدسون أمام المحكمة في الحادي عشر من يونيو حزيران القادم.
وقالت رانيا قصاص إنها لا تحمل أي ضغينة تجاه دافيدسون: "أنا أبني ذهب إلى المستشفى، لكنه بأذن الله خرج منها وما زال أمام عيني، فأنا لا يحق لي أن أكرهه." وأضافت "في وقت أختي التي خسرت ثلاثة من أولادها سامحته، فأنا لا يمكنني ألا أفعل ذلك، حتى من أجلها هي، لأن ما عانيته أنا قليل بالمقارنة بما مرت به أختي."
وما زال يتعين على شربل الذهاب إلى مواعيد العلاج الطبيعي لاستعادة عافيته بالكامل، حيث يقدر الأطباء رحلة العلاج المنتظرة بنحو عامين، ولكن هذا لم يؤثر على سعادة العائلة بعودته إلى المنزل: "نحن الآن سعداء بشربل سعادة أكبر من العالم، فقط حديثه بكلمة واحدة يكفينا لنحمد الله، ولا نشعر أنه عبء علينا بالعكس، نحن نشكر الله، ونشكر كل الناس التي صلت من أجلنا."
أمضى شربل في المستشفى حوالي ثلاثة أشهر إلا عشرة أيام وكان من الفأل الجيد للعائلة أنه خرج يوم 22 أبريل نيسان: "خرج في ذكرى مار شربل، فغادرنا المستشفى إلى كنيسته في بانش بول لنشكره على هذه المعجزة."

Charbel Kasas (left) in a visit to the church after he left the hospital, and Charbel and his father (right) Source: Supplied
وكررت رانيا قصاص شكرها لكل أبناء الجالية العربية على التضامن الواسع والصلوات: "أنا أريد أن أشكر الجميع، لأن ما فعلوه سيظل جميلا علينا، لو لم تكن تلك الصلوات، لما كنا وصلنا إلى المرحلة الحالية." وأكدت "الآلاف اشتركوا في الصلاة، وهذا الصلوات وصلت إلى شربل وإلى أختي."