تضامن مئات الآلاف في استراليا وحول العالم مع عائلتي عبدالله وصقر اللتان خسرتا أربعة أطفال نتيجة حادثة الدهس المروع الذي وقع في أوتلاندز.
وفاجأت تعليقات الأب داني عبدالله الذي اظهر تماسكا فريدا الرأي العام، وهزت ليلى أم الثلاث ضحايا العالم حين قالت انها مستعدة لمسامحة الجاني، هذه المواقف الغير مسبوقة خلقت اهتماما واسعا بمعرفة المزيد عن عائلتي عبدالله وصقر المعروفتان بسخائهما وتفانيهما في الأعمال الخيرية ومحبة الآخرين
كما أصيب طفل آخر من عائلة عبد الله وطفلان آخران من الأقرباء، احدهما اصابته خطيرة جدا في الرأس، ونقلوا جميعا الى المستشفى وعادت الفتاتان الى منزليهما الا ان الطفل شربل لا يزال في حالة حرجة تستوجب العناية الفائقة.
وهكذا طالت الحادثة بشكل مباشر ثلاث عائلات، وأثرت على عدد لا يحصى من العائلات والأقرباء والأصدقاء حول العالم، وعلى أناس لا يعرفوهم بعيدين وقريبين

A picture showing victims amoung flowers placed at the scene where seven children were hit. Source: AAP
وكان لهذه الفاجعة وقع كبير على أبناء الكنيسة المارونية وخاصة رعية كنيسة سيدة لبنان التي ترثي وتصلي من أجل ابنائها المفجوعين.
تصريحات الأب داني تظهر قوة من مجرد التحدث للإعلام مستذكرا أطفاله، وباعثا رسالة قوية للسائقين لتوخي الحذر على الطرقات والقيادة بتأني ومسؤولية.
وأظهرت أم الثلاث ضحايا ليلى جعجع ايمانا جبارا حين تحدثت عن مسامحتها السائق، وهو الذي يُزعم انه كان تحت تأثير الكحول ثلاث مرات فوق المستوى المقبول، وقالت في تصريح آخر ان ما حدث لأطفالها عزز رباط المحبة بين العائلات وأنعش المحبة بين الأفراد والجماعات.
وأمام هيبة المسامحة والغفران التي أعربت عنهما الأم ليلى، قام عدد لا يحصى من الناس بمصالحة بعضهم البعض وتغاضي الإساءة ومد جسور المحبة، وتحدثت ليلى عن سلامها الداخلي الذي لم يقدر أي أحد أن ينزعه منها هي التي طلبت من المحكمة ان تكون "عادلة"، هي التي تؤمن ان أولادها ملائكة قديسين وتشعر بهم وبأرواحهم، كما أعربت ذات مرة "لا أزال أنتظر عودتهم الى البيت"
وأعرب الأسقف أنطوان شربل طربيه راعي الكنيسة المارونية في أستراليا، في حديث له مع اس بي اس عربي 24، عن الأسى الذي يشعر به أبناء الرعية المارونية وبشكل خاص أولئك الذين جمعهم الود والصداقة بالعائلات المفجوعة، وقال ان الرعية تعيش فترة حداد وحزن وانه "لا توجد كلمات" للتعبير عما تختلج به نفوس المؤمنين الذين يساندون العائلة من خلال الصلوات اليومية المخصصة لهم في الكنيسة تعاضدا مع أهالي الضحايا وعلى نية شفاء الأطفال الثلاثة الآخرين الذين اصيبوا في الحادث وبشكل خاص الطفل شربل قصاص الذي اصيب اصابة بالغة في الرأس ولا يزال في مستشفى واستميد للأطفال.

Source: SBS
اقرأ المزيد

كيف تخبر أطفالك عن موت أحد أحبائهم؟
وأخبرتنا المعلمة الخاصة لأبناء عبدالله الآنسة ايزابلا جعجع عن العائلة التي وصفتها "عن جد عيلة (بكل ما للكلمة من معنى)"
كما تحدثت ايزابيللا عن صفات الأطفال وأحلامهم ومواهبهم وهواياتهم وسمائهم، وقالت عن أنتوني ابن 13 ربيعا انه كان "زلمة (رجل) البيت" الصغير كان يطمح ليكون مثل أبيه رجل صالح يبني عائلة صالحة ويعمل الخير وينشر المحبة ورجل عطاء وتفان.
وقالت ايزابيلا انها كانت ترى أنجلينا ابنة 12 ربيعا بشكل مستمر لتعطيها واخوتها الدروس الخاصة في البيت، ووصفتها ب"ست البيت" التي كانت تفكر بالجميع وأشادت بجهوزيتها النادرة المثيل لمساعدة الجميع من حولها فكانت تهب لخدمة واالدها ولا تترك أمها وحدها لتتمم الواجبات المنزلية بل كانت تمد لها يد المساعدة "اذا كانت ليلى عم تجلّي كانت انجيلا حدّا دايما عم تنشف الصحون".
وأضافت ايزابيلا ان انجيلا كانت موهوبة جدا في الكتابة وكانت تحب كتابة القصص.
أما الطفلة سيينا وسنيها الثمانية المملؤة بالفرح وطاقتها والكاريزما الغربية العجيبة، التي لمست كل من اقترب منها واعدته بسمة وسلاما، والكل يدعوها سيسي لخفة ظلها وكانت تحلم ان تكون ممثلة محترفة ومشهورة.

A man pauses near flowers placed at the scene where seven children were hit on a footpath by a four-wheel drive in the Sydney suburb of Oatlands. Source: AAP Image/Joel Carrett
ويصدف ان ايزابيلا مقربة من عائلة صقر أيضا وتجمعهما قربة وصداقة حميمة لا بل ان ايزابيللا هي الأخت الروحية للفقيدة الطفلة فيرونيك ابنة الاحد عشر ربيعا، وقالت ايزابيلا ان عائلة صقر عائلة محبة تتميز بالصلابة والقوة في مواجهة الصعاب وان فيرونيكا كانت طفلة لا مثيل لها، وظلها خفيف وكل صفاتها حميدة وكانت صاحبة حكمة أعمق بكثير من سني عمرها.
واعتاد أطفال ليلى وداني عبد الله أن يرافقوا والديهم لأطعام الفقراء وخدمة المشردين من خلال منظمة خيرية في بلاكتاون واعتبرت كارولين العاصي وهي من مؤسسي المنظمة ان أبناء ليلى وداني كانو القوة الدافعة للمنظمة ومثالا أعلى لبني جيلهم في خدمة الفقراء والتفاني في العمل التطوعي وكانوا يقدمون الطعام والملابس للمشردين وهم مبتسمين فلم يشبعوا المعدة فقط بل أضرمت ابتسامتهم المحبة في قلوب المشردين وأعطت الأمل لمن التقوا بهم أيضا.

The victims' mother Leila Geagea (right) pauses near flowers placed at the scene where seven children were hit on a footpath by a four-wheel drive in the Sydney Source: AAP
وعلى أمل أن لا يصيبكم مكروه وان يحفظ الله بنيكم وعائلاتكم بأمان وسلام نطلب الرحمة للضحايا والصبر والسلوان للمفجوعين، ولعل أجمل تقاليد أبناء الجالية العربية هي تلك الممتعلقة بتعاضد الناس ولفتهم حول بعضهم في الحزن والأوقات الصعبة وهذا ما يبرهن عم محبة الناس ويكسر شوكة الألم.