خالد العناني.. من معابد الفراعنة إلى مقعد اليونسكو

KHALED ALANANI 100.jpg

فاز الوزير المصري السابق للسياحة والآثار، خالد العناني، بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للفترة من عام 2025 إلى 2029، في خطوة تعكس طموحاً مصرياً متجدداً للعب دور أكثر حضوراً داخل المؤسسات الدولية المعنية بالثقافة والتعليم والعلوم ، وبفوزه، أصبح العناني أول عربي يتولى إدارة المنظمة منذ تأسيسها عام 1945. و في سيرته تتجاور رائحة الحجر بالكتاب، والمتحف بالجامعة.


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

انتُخب العناني، بأغلبية ساحقة بلغت 55 صوتاً مقابل صوتين فقط لمنافسه الكونغولي، وهو أعلى عدد من الأصوات يحصل عليه أي مرشح في انتخابات تنافسية على هذا المنصب منذ إنشاء المنظمة ليصبح مديرا عاماً لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة – اليونسكو.

من المتحف إلى الوزارة، ومن القاهرة إلى باريس في رحلة بدأت من معابد الأقصر وانتهت في قصر اليونسكو حكاية عالم جعل من التراث رسالة إنسانية تتجاوز الجدران والآثار.
هو الأكاديمي الذي خرج من أروقة علم المصريات إلى واجهة السياسة الثقافية، والوزير الذي أعاد إلى المتاحف روحها، قبل أن يجد نفسه اليوم على رأس منظمةٍ تتولى مهمة أصعب : حماية ذاكرة العالم.

اختيارٌ العناني لم يأتِ مصادفة، بل تتويج لمسارٍ طويل من الانشغال بالتراث، تبدأ فصوله في القاهرة وتنتهي في باريس، حيث مقر المنظمة الأممية.

من علم المصريات إلى إدارة المتاحف

وُلد خالد العناني عام 1971، ودرّس علم المصريات في جامعة حلوان لأكثر من ثلاثين عاماً.

نال الدكتوراه من جامعة بول فاليري ، مونبلييه في فرنسا، التي عُيّن بها أستاذاً زائراً ثماني مرات بين 2006 و2023.

جمع بين الصرامة الأكاديمية والتجربة الميدانية؛ فكان من النادر أن يُذكر اسمه دون أن يُقرَن بالمتحف أو الموقع الأثري.

أدار المتحف القومي للحضارة المصرية والمتحف المصري في ميدان التحرير، وأشرف على تجديد وبناء أكثر من عشرين متحفاً في مختلف المحافظات، من بينها "المتحف المصري الكبير" الذي يعد من أضخم متاحف العالم.

قاد أكثر من خمسين مشروع ترميم لمواقع دينية وأثرية، من الجامع الأزهر إلى كنائس وأديرة مسار العائلة المقدسة، ووصلت أنشطته إلى معبد "إلياهو حنابي" في الإسكندرية.

وعلى رأس لجنة استرداد الآثار المصرية، أعاد آلاف القطع من أكثر من عشرين دولة، ونظّم خمسة عشر معرضاً دولياً مؤقتاً للآثار المصرية في عشر دول مختلفة.

من الوزارة إلى العالم

برز اسم العناني في المجال العام حين تولى وزارة الآثار عام 2016، ثم قاد عملية دمج وزارتي السياحة والآثار عام 2019، ليصبح أول وزير يجمع بين المنصبين منذ ستينيات القرن الماضي.

خلال ولايته، أشرف على افتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية، ووقّع على واحدٍ من أكثر الأحداث رسوخاً في الذاكرة البصرية: موكب المومياوات الملكية، الذي نقل ملوك وملكات مصر القديمة إلى مقرّهم الجديد في الفسطاط، في عرضٍ جمع بين التاريخ والفن والدبلوماسية الثقافية.

نال العناني أوسمة دولية من فرنسا وبولندا واليابان، وكرّمته منظمة السياحة العالمية بلقب "سفير خاص للسياحة الثقافية"، قبل أن يتوّجه عام 2025 "وسام جوقة الشرف" الفرنسي، أرفع الأوسمة المدنية.

اليونسكو.. حيث يلتقي التراث بالسياسة

تأسست منظمة اليونسكو عام 1945 لتكون الذاكرة الحية للعالم: تحمي تراثه، وتدافع عن تنوعه الثقافي، وتربط التعليم بالسلام.
ومع انتخاب العناني مديراً عاماً لها، بدا أن المسار الشخصي يلتقي مع روح المؤسسة. فاليونسكو ليست مجرد وكالة ثقافية، بل منصة لسياسات رمزية كبرى: تصنيف مواقع التراث العالمي، دعم التعليم، حماية حرية التعبير، تنفيذ برامج تربط بين العلوم والإنسانية في مواجهة الأزمات العالمية.
اختياره إذن رسالة مزدوجة إلى الجنوب العالمي الذي يبحث عن تمثيلٍ أكبر في المنظمات الدولية، وإلى المجتمع الثقافي الدولي الذي يريد أن يرى على رأس اليونسكو خبيراً يأتي من الميدان لا من البيروقراطية.
من القاهرة إلى باريس.. والعودة إلى الإنسانية

يقول العناني إن مهمته القادمة هي "إعادة بناء الثقة بين الثقافات" وتعزيز دور التعليم في مواجهة الانقسام العالمي، وأن خبرته المزدوجة ، كأستاذ ومهندس للتراث ، ستقوده إلى مقاربةٍ تجمع بين الدبلوماسية الثقافية والمشاريع الميدانية.
فهو يدرك، أكثر من غيره، أن التراث ليس جدراناً تُرمَّم فحسب، بل ذاكرة تُصان ورواية تُروى. وأن بناء المتاحف لا يقل أهمية عن بناء الجسور بين الشعوب.
من قاعات جامعة حلوان إلى أروقة "اليونسكو" في باريس يصل خالد العناني إلى المنصب الذي يبدو كأنه خُلق له: أن يكون حارسًا لذاكرة العالم، ومؤمناً بأن الثقافة ليست ترفاً، بل أداة مقاومة ضد النسيان.
وفي لحظةٍ يكثر فيها الدمار وتتعالى الصراعات على الهوية، ربما يمثل صعود عالم المصريات إلى رأس اليونسكو
رسالة رمزية بأن الحضارات القديمة لا تزال قادرة على إنقاذ العالم الحديث.
أكملوا الحوارات على حساباتنا على فيسبوك و انستغرام.
اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.


شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand
خالد العناني.. من معابد الفراعنة إلى مقعد اليونسكو | SBS Arabic