في وقت يتخوّف الكثير من الأهالي من انخراط أولادهم في العمل الفني، تلقى الممثل والمنتج الأسترالي اللبناني جوليان مارون كل الدعم الكافي من والده ووالدته ليحقق طموحه ويصبح واحداً من الأسماء البارزة في عالم التلفزيون والسينما الأسترالية وبعد أن ترشحت العديد من الأعمال التي قام بها على جوائز كبرى في أستراليا، انتقل مارون إلى لوس أنجلوس حيث يتطلّع هناك إلى فرص أكبر لإثبات وجوده ليس فقط كممثل أسترالي بل أيضاً كنجم من أصول لبنانية.
كان التمثيل جزءاً من حياة جوليان مارون منذ طفولته وقد نما معه بسبب الظروف التي رافقت طفولته. فشقيقه الصغير كان من ذوي الاحتياجات الخاصة بحيث كان يعاني من شلل دماغي ومن متلازمة داون الأمر الذي جعل التواصل معه مهمّة صعبة على جوليان بحسب ما يخبرنا: "حاولت قدر المستطاع تسهيل هذا التواصل بين وبين أخي وهذا تطلب مني أن أتعلّم التصرف بطريقة معينة لكي لا أجرحه لذا يمكن القول أنني كنت أمثّل" .
حتى أنه عندما كان في السادسة وجد جوليان نفسه بين شقيقه الصغير في المستشفى وشقيقته الكبرى التي تم تشخيصها بورم خبيث في العامود الفقري وهي في العاشرة من العمر فقط. فما كان على جوليان إلا أن يلعب دور البطل القوي الذي يدعم كل من حوله بالرغم من القلق الكبير الذي يعيشه.
عاش جوليان طفولته في محيط وصفه بالغربي جداً حيث شعر باختلافه عن رفاقه: "كنت أتردّد إلى المدرسة في منطقة Dural في نيو ساوث ويلز حيث كان غيري من التلاميذ معظمهم من أصحاب الشعر الأشقر والعيون الزرقاء.. كنت ألاحظ أنني مختلف وأنني أشكّل "الآخر" بالنسبة لرفاقي.

Source: Facebook
بالرغم من حبه للتمثيل منذ طفولته إلا أن جوليان لم يفكّر جدياً بخوض هذا المجال إلا بعد أن دخل الجامعة حيث تخصص في التبادل التجاري. ففكرة نجاح شخص من أصل لبناني في مجال التمثيل كانت شبه مستحيلة في ذلك الوقت بالنسبة إليه: " لم يكن هناك وجود لشخصيات شرق أوسطية في عالم التلفزيون أو السينما الأسترالية إلا بصورة الإرهابيين أو المجرمين ... وعند وصولي إلى مرحلة الجامعة قررت تغيير هذه الصورة النمطيّة".
غير أن كل التجارب التي مرّ بها جوليان خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر جعلته يتهرّب من الاعتراف أو الإعلان عن هويته اللبنانية وقد ساعده في ذلك مظهره الذي لم يكن يدلّ كثيراً على هذه الهوية: "كنت مقبولا في محيطي لأن مظهري لا يوحي بأنني لبناني غير أنني في قرارة نفسي كنت أعلم من أنا وأعلم من هم أقربائي، الأمر الذي جعلني أعيش حياة مزدوجة".
الوضع أصبح أكثر سوءاً عندما دخل مجال التمثيل حيث كان البعض يقول له: "لديك فرص للنجاح لأن ملامحك الإثنية ليست واضحة بشكل مستفزّ للآخرين"، الأمر الذي يصفه جوليان اليوم بأنه أكبر إهانة تلقاها في حياته: "لقد جرحت مشاعري لأنه فكرت بما يمكن أن يقوله هؤلاء الأشخاص عن أهلي، وأجدادي وأقربائي".
جوليان انتقل إلى العيش في لوس أنجلوس في مطلع هذا العام حيث يحاول تطوير مسيرته المهنية وايجاد فرص جديدة. ومنذ انتقاله إلى هناك يقوم برياضة المشي كل يوم في جبال المنطقة ويخبرنا بشغف: "كلما كنت أصل إلى قمة جبل هوليوود كنت أرى هذه الفسحة على رأس الجبل فيها شجرة أرز محفور عليها كلمات للشاعر والأديب اللبناني جبران خليل جبران .. وفي كل مرة كنت أرى هذا المنظر كنت أتذكر أهلي يقرؤون لي من كتاب النبي لجبران خليل جبران ...وفي المرة العاشرة ربما شيء في داخلي قال لي أنه عليّ زيارة لبنان".

Source: Facebook
في لبنان، شعر جوليان للمرة الأولى في حياته بالإنتماء لوطن كما أحسّ بارتياح لم يشعر به أبداً من قبل: "في أستراليا كان الأستراليون اللبنانيون ينظرون إليّ على أنني أسترالي أكثر منهم غير أنني لم أكن أستراليا بما فيه الكفاية للآخرين من الأستراليين".
إلى جانب الأدوار التمثيلية عمل جوليان على إنتاج فيلمين هو وصديق طفولته. ومن بينهما فيلم Three Hearts الذي رشح لجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان Dances with Films festival في لوس أنجلوس. أما الفيلم الآخر فصدر مؤخراً تحت عنوان Entranched.

Source: Facebook
وقد كان له دور رئيسي في السلسلة الدرامية Romper Stomper والتي حصلت على جائزة Loggie لأفضل سلسلة تلفزيونية صغيرة في عام 2018. كما رشحت آخر الأعمال التي قام بدور رئيسي فيها Fighting season لجائزة AWARD AACTA لأفضل سلسلة درامية قصيرة أيضاً.
وعلى عكس النموذج المتعارف عليه في جاليتنا العربية، لم يتردّد أهل جوليان من دعمه منذ اللحظة الأولى: "والدي كان متفهما تماماً لطموحي لأنه هو نفسه واجه انتقادات كبيرة عندما قرّر الانخراط في العمل السياسي مع الجالية اللبنانية في أستراليا أما والدتي فبعد المصاعب التي واجهتها عائلتنا بسبب الظروف الصحية لإخوتي أصبح همها الوحيد أن نكون سعداء ونقوم بما يفرحنا".
يمكنكم الإستماع إلى أجزاء من اللقاء مع جوليان مارون من خلال الإستماع إلأى التدوين الصوتي أعلاه