في ما يشبه ليل 17 تشرين الأول/ أكتوبر، ذكرى اندلاع الثورة في لبنان عل خلفية قرار الحكومة وضع ضريبة على الواتساب حينذاك، حصل ليل أمس اندفاع شعبي في شوارع بيروت والمناطق اللبنانية من الشمال إلى الجنوب وصولاً إلى البقاع وأقفلت الطرقات على خلفية ارتفاع غير مسبوق لسعر الدولار وانهيار العملة الوطنية التي تخطى سعرها 7000 ل.ل. مقابل الدولار الواحد.
لكنّ المفاجأة بحسب مراسل أس بي أس عربي 24 في بيروت أنطوان سلامة كانت بانقلاب صورة المواجهات الطائفية التي شهدها لبنان يوم السبت الماضي في 6 حزيران/ يونيو إلى مشهد جامع للمتظاهرين: "فشباب منطقة الخندق الغميق الذين يتحركون تحت مظلة الثنائي الشيعي حركة أمل وحزب الله ويتواجهون عادة مع المتظاهرين انضموا إلى الثوار في جسر الرينغ رافعين شعارات تندد بالطائفية" وأضاف سلامة: "هذا المشهد المفاجئ هو أساس ما يحصل اليوم وهو طغى على مشاهد الطرقات المقفلة في بيروت والجنوب والشمال".
أس بي أس عربي 24 تحدثت مع الناشط في مجموعة "لِحقّي" جاد لزّيق الذي كان موجوداً على تقاطع الرينغ في بيروت، أحد أبرز مراكز الاحتجاجات الشعبية منذ اندلاع ثورة 17 تشرين. وقد رأى جاد أن الأزمة المعيشية وحّدت اللبنانيين بصرف النظر عن اختلافاتهم السياسية والطائفية: "هناك أناس من جميع فئات المجتمع اللبناني موجودة حالياً على تقاطع الرينغ وهذا الأمر متوقع كون الانهيار المالي الحاصل يطال جميع الناس دون أي استثناء".

Anti-government protesters in front of the government house in downtown Beirut, Lebanon, Thursday, June 11, 2020. Source: (AP Photo / Hussein Malla)
ويصف جاد الوضع الاقتصادي بالمأساوي جداً مشيراً إلى أنه الأسوأ في تاريخ لبنان: "سعر صرف الدولار تخطى 7000 ل.ل. وأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية أصبحت مرتفعة جداً مما أدى إلى ضرب القدرة الشرائية عند اللبنانيين. نسبة الفقر في المجتمع اللبناني تخطت الـ50% ونسبة البطالة إلى ارتفاع بعد أن أقفلت معظم المؤسسات أبوابها".
أما عن مطالب المتظاهرين فيقول جاد أنها باتت واضحة وهي ليست بالجديدة: " نحن نطالب بتنحّي هذه المنظومة التي حكمت لبنان على مدى 30 سنة بعد أن أثبتت فشلها في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية." ويتابع قائلا: "مطلبنا الأساسي هو تشكيل حكومة مستقلة من خارج هذه المنظومة تتمتع بصلاحيات تشريعية قادرة على إدارة الأزمة الاقتصادية وعلى إقرار استقلالية القضاء. كما على الحكومة أن تعمل على قانون انتخابي جديد يمهّد لانتخابات نيابية تعيد تأسيس النظام السياسي في لبنان نحو دولة مدنية غير طائفية".
تجدر الإشارة إلى أن التحركات الشعبية ترافقت مع هجمات بقنابل المولوتوف على مبنى مصرف لبنان المركزي في بيروت وفروع المصرف في المناطق الأخرى كما كان هناك هجوم وتكسير على عدد من المصارف الأخرى.

An anti-government protester flashes the victory sign during a protest against economic condition, Lebanon, 11 June 2020. Source: EPA/WAEL HAMZEH
ومن المتوقع أن تجتمع الحكومة غداً بشكل طارئ لمعالجة الانهيار المالي وذلك على وقع الهتافات التي تدعوها إلى الرحيل لأنها فشلت بعد 100 يوم على تشكيلها في معالجة الأزمتين الاقتصادية والنقدية في لبنان.
وأشار الصحافي أنطوان سلامة إلى أن "هناك تراجعا في حضور القوى الأمنية والجيش اللبناني بالتحديد في المناطق الساخنة مثل الرينغ وجل الديب ولكن لا يمكن القول أن الجيش منسحب ففي طرابلس على سبيل المثال جرت مواجهات بين المتظاهرين الذين يحاولون الهجوم على مركز مصرف لبنان الفرعي في الشمال وبين القوى الأمنية".
من جانبه وصف الناشط جاد لزّيق الوضع بالهادئ نسبياً في منطقة الرينغ من حيث المواجهات مع القوى الأمنية: "لا يوجد أي مواجهات ولكن يوجد غليان شعبي كبير جداً والقوى الأمنية تراقب الوضع عن كثب وتحاول عدم الدخول في مواجهة معنا ربما لأنها تدرك أن الأوضاع وصلت إلى ذروتها".

Riot police advance to push back the anti-government protesters from a square near the government house, during a protest in Beirut, Lebanon Source: (AP Photo/Hussein Malla)
هذا ويعتقد جاد أن هناك فرصة حقيقية للتغيير وأن الأمل سيبقى موجوداً "طالما الناس ينزلون إلى الشارع ويطالبون بحقوقهم". وفي وقت شدّد على ضرورة استقالة حكومة حسان دياب أكد عدم القبول ببديل من المنظومة السياسية: "لن نقبل بتشكيل حكومة مثل حكومة حسان دياب التي نطالب برحيلها بأسرع وقت وبالتأكيد لن نقبل بتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري ولا نجيب ميقاتي ولا أي شخصية تعينها هذه المنظومة السياسية".
تجدر الإشارة إلى أن تأزم الوضع وتسارع سقوط الليرة اللبنانية ترافق مع إشاعات أن حزب الله مرّر كمية من الدولارات إلى سوريا لإنقاذ النظام بعد أن سجلت أيضاً الليرة السورية مستويات قياسية منخفضة. غير أن مراسل أس بي أس في لبنان أشار إلى أنه "لا يمكن تأكيد أو نفي هذه المعلومات حتى الساعة ولكن الملاحظ أن التعافي الذي حصل في الليرة السورية أمس والذي وصل إلى 30% قابله انهيار في الليرة اللبنانية بأكثر من 30% وهذا ما طرح علامات استفهام ودفع بالجماهير إلى النزول إلى الشارع".

Anti-government protesters burn tires and woods during a protest against the political leadership in front the government house in Beirut , June 11, 2020. Source: (AP Photo/Hussein Malla)





