مع تصاعد الاضطرابات في إمدادات النفط العالمية وتوتر الأوضاع الجيوسياسية، بدأت الأسواق الأسترالية تشهد تذبذباً ملحوظاً في أسعار الوقود، تارة ترتفع مع موجة التوتر، وتارة تهدأ قليلاً ثم تعاود الصعود. لكن ما يبدو أكيداً هو أن محطات البنزين لم تعد الوجهة السعيدة للأستراليين كما كانت قبل سنوات.
الخبير الاقتصادي والعقاري يوسف مرتضى يرى أن العوامل المحلية والدولية تتداخل لتشكيل هذا المشهد، بدءاً من أسعار النفط الخام، مروراً بتكاليف النقل والتكرير، وصولاً إلى الضرائب المفروضة على الوقود مثل ضريبة الاستهلاك وضريبة القيمة المضافة. كل ذلك يجعل من أي انخفاض عالمي في أسعار النفط أمراً لا ينعكس فوراً — أو كاملاً — على المستهلك الأسترالي.
في بعض المدن، وصلت أسعار البنزين إلى ما دون 160 سنتاً للتر، غير أن الخبراء يحذرون من احتمال عودة الارتفاع في أي لحظة مع استمرار الأزمات الدولية. فكل قفزة في سعر النفط الخام تُترجم إلى عبء إضافي على المستهلكين، ليس فقط في كلفة النقل، بل في مجمل تكاليف المعيشة، من الغذاء إلى الخدمات والتعليم.
ويؤكد مرتضى أن ارتفاع أسعار الوقود لا يُعد مجرد مسألة تخص السائقين، بل هو مؤشر عميق على تراجع القوة الشرائية للأسر الأسترالية. فكل دولار إضافي يُدفع عند المضخة يعني دولاراً أقل يُصرف في المتجر أو على التعليم أو حتى على الترفيه. أما في المناطق الريفية، فإن الأثر أشد وطأة، حيث لا يُعد التنقل خياراً بل ضرورة يومية.
يوسف مرتضى
ويشير مرتضى إلى أن المصرف يرى في الاستقرار السعري أولوية قصوى، حتى لو جاءت على حساب معاناة بعض الأسر التي ترزح تحت وطأة قروض الإسكان وارتفاع الأسعار. فالتضخم الأساسي لا يزال يدور حول 3% سنوياً، ما يعني أن الطريق نحو الانفراج المالي ما زال طويلاً.
أما على صعيد العقارات، فإن قرار تثبيت الفائدة لم يكن بلا تداعيات. فوفقاً لبيانات المصرف، من المرجح أن تشهد أسعار المنازل والإيجارات ارتفاعاً خلال عام 2026 نتيجة تزايد الطلب وتحسن النشاط الاقتصادي، وهو ما يفاقم التحديات أمام الباحثين عن سكن أو المستثمرين الجدد في السوق العقارية.
ويرى مرتضى أن أفضل إستراتيجية للمستثمرين اليوم هي التركيز على العقارات ذات العوائد الإيجارية المستقرة، والابتعاد عن الرهانات قصيرة الأمد على انخفاض قريب للفائدة. كما نصح باستخدام أدوات مالية ذكية مثل حسابات Offset لتخفيف عبء القروض، ومراقبة التشريعات الخاصة بالإيجارات التي قد تؤثر في الربحية المستقبلية.
وفي المحصلة، يبدو أن الأستراليين عالقون بين نارين؛ نار النفط الملتهبة ونار الفائدة الثابتة. وبينهما يسير الاقتصاد بخطوات حذرة على حبل مشدود، فيما تبقى الأسر هي الطرف الأكثر تأثراً، تدفع الثمن عند المضخة، وفي السوبرماركت، وعلى طاولة العشاء. لكن الأمل لا يزال قائماً، فكما يقول الخبراء، الاقتصاد الأسترالي أثبت قدرته على الصمود أمام الصدمات، وما تمر به البلاد اليوم ليس إلا حلقة جديدة في دورة اقتصادية تتطلب إدارة رشيدة وصبراً واعياً حتى تعود التوازنات إلى مكانها.
تنويه: المعلومات المقدمة في المقال، هي من باب الاسترشاد فقط، وفي حال الرغبة بالاستزادة بأي أمر يتعلق بحالة خاصة، يرجى التوجه للمختص.
استمعوا لنصائح الخبير العقاري والاقتصادي يوسف مرتضى وإرشاداته لمشتري المنزل الأول وخلاصة دخول السوق العقاري حاليًا، بالضغط على زر الصوت في الأعلى.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "أستراليا اليوم" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى السادسة مساءً بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق Radio SBS المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.
للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.





