لا تنكر الدكتورة رؤيا مرعي، أخصائية علاج الأورام بالأشعة، أن بعض مشاعر القلق انتابتها قبل أن تصل إلى أستراليا منذ 9 سنوات. ولكن بمجرد وصولها وقضائها لبعض الوقت سرعان ما تبين لها أن القلق غير مبرر "لأن التنوع الديني والثقافي في أستراليا من الصعب أن نجده في مكان آخر."
وسردت مرعي التي تعمل في مستشفى ليفربول في حديث لراديو اس بي اس عربي24 انطباعاتها من التعامل مع المرضى بشكل يومي، حيث كثيراً ما تلمح نظرات استغراب من أشخاص ربما لم يتوقعوا أن تكون الطبيبة من خلفية ثقافية معينة أو محجبة على وجه الخصوص، ولكن الحديث يكسر هذا الحاجز في غضون دقائق "بمجرد بدء الجلسة، ألحظ اختلافاً كلياً بوجهة النظر الأولى، وأشعر بارتياحهم لي وأنهم بالفعل تخطوا هذا الحاجز."
وفي ذات الوقت، لا تنكر مرعي أن البعض يرمقها بنظرات غير محببة مما يشعرها ببعض الحرج، ولكن دون التفوه بأي كلمات.
وبالإشارة إلى السجال الدائر في البلاد حالياً حول قضية لاعب الرغبي اسرائيل فولاو الذي قرر تصعيد معركته القضائية مع مؤسسة رغبي أستراليا التي أنهدت عقده بعد تصريحات له وصفت بالمعادية لمثليي الجنس، وانقسمت الآراء بين مؤيد لمس في تصريحاته تهجماً على فئة في المجتمع وتحريضاً عليها، ومعارض يرى ما قاله فولاو يندرج ضمن خانة التعبير عن الرأي وفي نطاق الحرية الدينية التي ينبغي أن يحميها القانون.

Source: Supplied
بدورها، تعتقد مرعي أن الثقافة السائدة في أستراليا تتقبل الآخر، ومن واقع تجربتها الشخصية قالت أنها لم تلحظ تمييزاً بناءً على الدين، وأشادت بهامس حرية التعبير في حال لم يتعد الفرد على غيره في المجتمع.
وحول ما اذا كانت ترغب بتوسيع هامش الحريات الدينية، تؤكد مرعي على رفضها لأسلوب استجداء العطف أو طلب الدعم لأنها ترتدي الحجاب، وأضافت: "أنا ضد هذا الأسلوب لأنني لم أشعر يوماً بنقص أو ظلم (..) لا أطالب بأي شيء إضافي".
ونصحت أصحاب المعتقدات الدينية بالتصرف بطريقة "طبيعية" وممارسة لحريات الدينية بما يناسب المجتمع.
كيف يرى المجتمع الطبيبة المحجبة؟
بما أن طبيعة عملها تقتضي التقرب من المرضى على الصعيد الجسدي والنفسي، تقول مرعي أن حجابها مدخل لفتح حوارات مع الأشخاص غير الملمين بماهية الحجاب أو ظروف ارتدائه "بعض الأشخاص يعتقدون أنني أرتديه طوال الوقت حتى أثناء النوم ولكنني أتفهم ذلك لأنه من الصعب أن يكون الجميع ملماً بكل الديانات والثقافات."
وفي ذات الوقت، لا تعتبر مرعي أن نشر التوعية حول الحجاب أو الثقافة الإسلامية مهمة تقع على عاتقها، وتكتفي بالإجابة عن الأسئلة في حاول وردها أي استفسار وتبادر هي كذلك بالتقرب من أصحاب المعتقدات الأخرى "إذا شاهدت أشخاصاً سيخ قد أسألهم عن سبب ارتدائهم لعمامة."
وفي حال تعرضت لموقف محرج نظراً لجهل الطرف الآخر بما يفرضه عليه حجابها، لا تبالغ مرعي بردة حتى لا تضع حواجزاً إضافية ولإيمانها بضرورة مراعاة ثقافة المكان الذي تعيش فيه.
الحجاب وعلاقات العمل
لبيئة العمل في أستراليا طقوس معينة، وخصوصاً للأنشطة الاجتماعية التي تجمع الزملاء ما بعد ساعات العمل، وتكون في الغالب احتساءً كأس من البيرة في الحانة المحلية. تعترف مرعي أنها تضطر لتفويت الكثير من هذه المناسبات لأن وجود فتاة محجبة في مكان كهذا قد يجلب لها نظرات غير محببة ويشعرها بالضيق.
تقول مرعي أن ذلك لا يؤثر على علاقاتها مع زملائها في المستشفى لأنه بإمكانها الانخراط معهم في أنشطة اجتماعية أخرى تناسب ثقافتها علماً بأنهم يبدون تفهماً لظروفها.
هل ارتداء الحجاب رسالة؟
تعترف مرعي بأن ارتداءها للحجاب يشعرها بأنها تحت "مجهر" المجتمع، وتقول أنها متنبهة دائماً لتصرفاتها وتفاعلها مع محيطها "ألتزم بشكل كبير بالقواعد لأن خطاً صغير قد يعزز من الأحكام المسبقة التي يطلقها المجتمع على الرغم من أن غيري قد يرتكب نفس الخطأ دون أي تبعات."
استمعوا لقصة الدكتورة رؤيا مرعي في التسجيل الصوتي المرفق بالصورة.


