لكل امرأة قصّتها، ولكل قصة لحظة لتخرج الى النور! لحظة مخاض ونضج انساني لتلتقي الذات بذاتها وتنظر بلا خجل الى رحلة لا تخلو من الجراح والجنون بطعم الحياة وفصولها.
الألم والذاكرة والوطن
في عالم الكتب، بعض الأعمال ليست مجرد صفحات تُقرأ، بل تجارب تُعاش، وحكايات تُحس. في هذه المجموعة الآسرة، تبوح تسع نساء عربيات بأصواتهن الحقيقية، أصواتٍ وُلدت من بين الغربة والذاكرة، لتسرد قصص الهجرة إلى أستراليا بكل ما تحمله من وجع الرحيل ودهشة البدايات.
من خلال كلماتهن، يتأملن إرث أوطانٍ لم تبرح قلوبهن، ويواجهن تحديات التأقلم بشجاعةٍ ناعمة، ويحتفين بالصلابة التي تولد من رحم الألم، محافظاتٍ على خيوطٍ لا تنقطع مع الجذور الأولى.
من لحظات الفرح العابرة إلى مواجهة الظلم، تفتح هذه السرديات نوافذ على الثقافة الأسترالية وتجربة المهاجرين من منظورٍ نسائيٍ عربيٍ فريد. معًا، تُسقِط هؤلاء النساء الأقنعة النمطية، ويتحدين التمييز بكل أشكاله، ليكتبن واقعهن بصوتٍ صادق، عاجل، ومضيء.
يشكّل كتاب "لا تسأل الأشجار عن أسمائها"، مساحة آمنة لبوح حميم لنساء مهاجرات في رحلة عبر الذاكرة والهجرة، الألم والتمرد والبحث عن الذات وسط الغربة والتغيير. الكتاب ليس مجرد سرد لماضٍ أو مكان، بل رحلة لاكتشاف الذات واستعادة الخطوات الأولى، حيث تتلاقى التجربة الإنسانية مع لغة تتسم بالصراحة والجمال.
تنظر د. علا غنّوم الباحثة والمحررة والملهمة لهذه التجربة الرائدة، الى 4 سنوات ونصف من الكتابة في عملية استكشاف الذات، مواجهة الألم، ومصارحة الجروح الشخصية والمجتمعية اذ تقول:
"هذه تجربة فيها كثير معاناة وصعوبة وخاصة، وكانت رحلة للعودة إلى الذاكرة لاكتشاف الذات."
الكتابة الجماعية والصوت الفردي
ما يميز هذا المشروع هو الدمج بين التجربة الفردية والسرد الجماعي، مع الحفاظ على أصالة كل صوت. على الرغم من تداخل القصص، بقيت كل كاتبة محافظة على خصوصيتها.
كانت الكتابة مساحة آمنة، حيث يمكن للنساء أن يتحركن بين الخوف والتعبير، بين الصمت والمواجهة، بين العزلة والتواصل. ومع كل صفحة، كانت الثقة والمحبة بين المشاركات تدفع كل واحدة منهن للغوص في أعماقها، لإعادة بناء قصتها بطريقة صادقة وجريئة.
قادت الباحثة والكاتبة والمحررة د. علا غنوم مشعل هذا العمل في تنظيم السرد وموازنة التجربة الفردية مع العمل الجماعة.
يستحضر الكتاب قصصًا عن الهجرة، الحب الأول، فقدان الوطن، المرض والتحديات الشخصية. بعض القصص تتعلق بالأمومة، وبعضها بتجارب مع مرض مزمن أو تحديات جسدية ونفسية، ليتجاوز الكتاب مجرد كونه سجلًا للذكريات، ليصبح مساحة للشفاء والتعبير عن الذاتز تقول د. علا غنّوم:
"الكتابة كانت رحلة للعودة بالذاكرة لاكتشاف ذواتنا وسط تحديات الغربة والمحن"،
"الكتاب شهادة على قوة الكلمة النسائية، على الصمود في مواجهة الألم، وعلى القدرة على تحويل التجارب الصعبة إلى سرد جميل ومؤثر."
ورغم ان التجربة الكتابيّة بدأت بالعربية، الا ان علا ارتأت الانتقال الى الإنكليزية للوصول الى أكبر عدد من النساء المهاجرات اللواتي يعكسن بتجاربهنّ خبرة الانسلاخ عن الوطن الأم وتحديات الاستقرار في استراليا.
وفي اطار هذا النموذج الحي للمرأة المهاجرة، للكاتبة، ولأي شخص يسعى لإعادة اكتشاف ذاته عبر قوة الكلمة، تقول د. علا:
" لا يعكس الكتاب فقط تجاربنا في الاستقرار في استراليا على مدى خمسين سنة، بل كيف غيرنا نحن كمهاجرين البلد"،
النساء شاركن تجارب لم ترو من قبل وكشف عنها للمرة الأولى
تقف غنّوم بفخر أمام هذه التجربة الانسانيّة اذ تقول:
"كل صفحة في الكتاب تحمل ذكريات، وكل كلمة تحمل صوتًا"، "الكتابة هنا ليست مجرد سرد، بل هي شجرة حياة تنمو في السر والكلمة."
كيف يمكن للكتابة الجماعيّة أن تقف عند مفترق الإبداع دون أن تلغي الفرادة والفردية في تجربة رواية سرديّة النساء لأنفسهن؟ كيف عبّر الفن التشكيلي بريشة الفنانة الراحلة أتيل عدنان، عن روح الكتاب؟
الإجابة مع الباحثة في علم النّبات في جامعة غرب سيدني د. علا غنّوم في الملّف الصوتيّ أعلاه.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.



