وكأن المعاناة من المرض والخوف من المضاعفات والعزلة بعيداً عن الناس لا تكفي، يختار بعضنا أن يلاحق مصابي فيروس كورونا بسيل من الأسئلة المحرجة بعيون يملأها الفضول والاتهام في ذات الوقت. كيف أصابك الفيروس؟ لا بد أنك لم تكن ملتزماً بالتباعد الاجتماعي؟
النظرات المتوجسة والنفور من المصابين بالفيروس، يدفع الكثيرين إلى عدم الخضوع لفحص كوورنا خوفاً من وصمة العار التي ستحلق بهم. قد يصل الأمر بالبعض إلى تجنب طلب العلاج لتفادي سلوك -يمكن وصفه بالعدائي- بحق أي شخص مصاب أو يشتبه بإصابته بالفيروس.
فتاة لن تقبل الوصمة
جيسي حرفوش، شابة أسترالية من أصول لبنانية، نشيطة في مجتمعها وعملها الإذاعي وكنيستها حيث ترنم ضمن الجوقة. تقول جيسي إن الإصابة الكورونا لم تكن بيدها، بالرغم من التزامها بالتباعد الاجتماعي وتعقيم اليدين وغيرها من إرشادات الوقاية من الفيروس. ولكن ذلك لم ينمع البعض من اصدار الأحكام المسبقة عليها حتى وإن كانوا على غير دراية بالظروف التي أدت إلى اصابتها بالفيروس.
التقت جيسي ببعض الأصدقاء يوم الخميس الماضي واتضح لاحقاً أن صديقاً لها كان مصاباً بالفيروس بدون أي أعراض. وبالرغم من حرصها الشديد على التعقيم وغسل اليدين إلا أن العدوى انتقلت إليها بغير علمها. وبينما ذهبت جيسي إلى عملها يوم السبت الماضي، تلقت هاتف أخبرها بأن صديقها خضع لاختبار كورونا وكانت نتيجتة إيجابية. وتم نصحها بالخضوع للاحتبار هي الأخرى لانها احتكت به خلال فترة انتقال العدوى.
شعرت بالحزن الشديد إزاء إصابة صديقها بالفيروس وتمنت له الشفاء
نتيجة الاختبار: إيجابية
جراء سماع خبر احتمال اصابتها بالكورونا، قررت جيسي الانعزال بغرفتها، حتى عن أهلها بالمنزل إلى أن تظهر نتائج اختبارها. وعندما تسلمت النتائج واقفةً بآخر غرفتها، حرصت على وقوف أهلها بيعدين عنها خارج باب الحجرة. تقول جيسي إنها لا تستطيع وصف حالتها الشعورية بعد قراءة النتائج التي أكدت إصابتها.
شعرت بالصدمة ولكن نظرت إلى أبي وأمي وقلت لهم أني مصابة بالفيروس
تعرضت جيسي لانتقادات من المجتمع حيث اتهمها البعض ا بالاستهتار. وتقول إن الاعتقاد بأن المصاب بالفيروس يتحمل مسؤولية الاصابة وأنه يستحق ما جرا له، خطأ شائع. فبالإضافة إلى معاناة المريض الجسدية من أعراض الفيروس، تزيد التعليقات والأسئلة من أعبائه وتحمله ضغطاً نفسياً قاسياً وشعوراً آخر بالعزلة.
تضقي جيسي حالياً أسبوعي الحجر في إحدى فنادق سيدني لضمان سلامة عائلتها. الأمر الذي وصفته بالصعب خصوصاً كونها تنتمي للجالية العربية، المعتادة على الحميمية والاقتراب من الأهل والأصدقاء. وتقول إن الأعراض غير مريحة وفي العزل ممنوع الخروج من الغرفة لأي سبب من الأسباب. كما أضافت أنها تحاول الحفاظ على موقف إيجابي ولكن الأخبار السيئة تضيف للشعور بالعزلة والسلبية.
وبالنهاية تقول جيسي إن إيمانها بالله يساعدها على تخطي هذه المحنة.