وصفت الدكتورة روز ماري سليمان نفسها في حديث ذكرياتها لأس بي أس عربي24 بأنها:" كالشجرة ضاربة الجذور، الشامخة بإرثها المصري الفرعوني، لأن أهلها من الفراعنة، فوالدها مصري ووالدتها مصرية.
النقاط الرئيسية:
- زرع والدها فيها حب العلم وقالت "لو نشأ في أستراليا لأصبح أستاذًا في الجامعة".
- قاربت أعوام هجرتها الخمسين عامًا، فعاشت في أستراليا أكثر مما عاشت في السودان الذي تقلق لقلقه.
- ترى روز ماري أن الهجرة قرار صعب، فقد عاصرت بشكل شخصي التعب والمعاناة لإثبات الوجود وشق الطريق لها ولأبناء الجالية.
هاجر والدها بعمر 12عاماً إلى السودان، أما هي فالابنة الوحيدة لعائلة مكونة من خمسة شباب ولدوا وترعرعوا في السودان الذي تصفه بقولها: "أنا من جذوع هذه الشجرة التي كبرت أغصانها في السودان ثم هاجرت إلى أستراليا، فكل إنجازاتي وشبابي كان في أستراليا".
الكثير يعتقدون أن الدكتورة وكونها البنت الوحيدة بين خمسة ذكور قد عاشت في دلال، لكنها تصف نشأتها بأنها كانت" صارمة".
تعزو الدكتورة روز ماري حبها للعلم من حب والدها له الذي كان يقول:" أنا أقتل العلم بالعلم"؛ لأنه كان مُحباً شغوفًا به، فزرع حُب العلم في أبنائه منذ الصغر.

الدكتورة روز ماري سليمان مع والدها بولوس سلامة Source: supplied: الدطتورة روز ماري سليمان
فقد علّمَ نفسه بنفسه لغات عدة منها العربية والإنجليزية وتضيف "والدي هو الذي ربى هذه العائلة الكبيرة، لأن والدتي توفيت ونحن صغار، فقد كانت حياتنا صعبة بدون أم، لذلك أفنى والدي حياته في تربيتنا ورعاية شؤون حياتنا، فكان نتاج هذا التعب حصول جميع الأبناء على درجة الدكتوراه في مختلف العلوم".
وتؤكد أن والدها "لو نشأ في أستراليا لأصبح أستاذًا في الجامعة".
وعن الهجرة التي لم تكن تخطر ببالها نظراً لحبها لوالدها وتعلقها ببلدها، ومع تخرجها بمرتبة الشرف في الفلسفة من جامعة الخرطوم وعملها في إحدى المدارس الخاصة بالجالية اليونانية، لم تحلم يومًا بالهجرة، لكن شاء النصيب أن تلتقي بزوجها مايكل الذي كانت الهجرة فكرته، لتسافر إلى استراليا بصحبته بعد الزواج عام 1972".
قاربت أعوام هجرتها في استراليا الخمسين عامًا وتصفها بقولها: "عشنا في أستراليا أكثر مما عشنا في بلدنا السودان الذي نقلق لقلقه، فالنشأة الأولى والتكوين في السودان حُفرت في الأعماق".
أول أيام الهجرة إلى أستراليا كانت صعبة ومؤلمة على الدكتورة روز ماري سليمان، التي دخلت في حالة من الكآبة الشديدة من وحشة الغربة بعيدًا عن الأهل والوالد.
وعملت منذ وصولها مُدرّسة للتاريخ في مدرسة كاثوليكية للجاليات، وكان للراهبة المشرفة على المدرسة دورها في تخفيف الكآبة بعد طلبها من زميلاتها تخفيف وحشة غربتها.
شقت روز ماري طريقها مع وزوجها نحو النجاح، "بما أننا قطعنا كل هذه المسافات لا بد أن ننجح".
وعن علاقتها باللغة العربية وتأسيسها لأول صف لتعليم البنات اللغة العربية في أستراليا وهي خريجة الفلسفة باللغة الإنجليزية من جامعة الخرطوم قالت:" الصدفة لعبت دورًا كبيرًا، وكأن هناك أشياء مخططة نسير نحوها.

الدكتورة روز ماري سليمان مع زوجها مايكل وابنتها هيلين جوي Source: supplied: رزوماري سليمان
وتسترجع شريط الذكريات قائلة:" في أحد الأيام، كان لدينا أنشطة غير منهجية في المدرسة. قررتُ أن أُدرّس اللغة العربية، لأن الجالية صغيرة في ذلك الوقت وأبناء الجالية لا يجيدون العربية.
وتضيف: "وضعتُ إعلانًا في المدرسة، وتوقعت أن ينضم إلى الصف عشر طالبات بأقصى حد، لكن المفاجأة كانت انضمام 60 طالبة، فتعاونت مع إحدى الأمهات على تعليم الفتيات العربية، وكان هذا أول صف لتعليم اللغة العربية في استراليا".
تطور الأمر في مسار الدكتورة ليصبح تعليم العربية طريق حياة روز ماري سليمان، وتحصل على الدرجات العليا في طرق تدريس ومناهج اللغة العربية في المدارس ومن ثم الجامعات في أستراليا.
على مدى ثلاثة عقود، كانت روز ماري سليمان رائدة في دعم التعليم بين الشباب العربي في سيدني من خلال برامج متينة" كما قال عنها البروفيسور ستيوارت كامبل من جامعة غرب سيدني عام 2003.
من خلال مشاريعها البحثية والتدريس، التزمت الدكتورة روز ماري بخدمة المجتمع وكان هدفها الرئيسي التغلب على المصاعب التي تعيق تحصيل الطلاب الأكاديمي.

الدكتورة روز ماري سليمان مع حفيدها فرانكلين Source: supplied: روز ماري سليمان
وكان همّها جمعُ شمل الطلاب المهاجرين وأولياء أمورهم تحت مظلة اللغة الجامعة من خلال وعيها لاحتياجات الجالية للتغلب على الحرمان التعليمي.
حصدت الدكتورة سليمان جوائز عدة في مسيرة حياتها هي:
• جائزة مدرسة اللغات واللغويات لأفضل مشروع مجتمعي 2005
• جائزة نائب رئيس الجامعة للتميز في العدالة الاجتماعية 2004
• جائزة المرأة العربية للمساهمة المتميزة في اللغة العربية 2000
• صورة معروضة في مبنى البرلمان عام 1998 كواحدة من 15 شخصًا من أصول عربية ساهموا بشكل كبير في المجتمع الأسترالي.
بعد مرور خمسين عامًا، ترى الدكتورة روز ماري أن الهجرة قرار صعب، فقد عاصرت بشكل شخصي التعب والمعاناة لإثبات الوجود وشق الطريق، وكذلك شاهدت وعايشت طلابها العرب القادمين للتعلم والهجرة وهم يواجهون المصاعب لتحقيق ذاتهم بالعمل لساعات طويلة، لكنها في المقابل أثنت على إنجازات أبناء الجالية.
وما بين السودان واستراليا تقول الدكتورة: "منذ هجرتي، لم أزر السودان سوى ثلاث مرات، وعندما أصل السودان أملأ حياتي بروح جديدة وأعود مرة أخرى إلى أستراليا لأكمل المسيرة".
وإن عاد بها الزمن هل تهاجر إلى أستراليا، قالت:" لو كان الأمر بيدي، لما هاجرت، فأنا لم أعط السودان شيئًا مما أعطاني في صغري، فوددتُ لو أنني بقيت لأعطيه من شبابي وعلمي وطاقتي".
وعن أستراليا منذ عام 1972 وحتى الآن، قالت الدكتورة روز ماري:" تغير مفهوم المهاجرين عند الأستراليين، وصاروا يتقبلون الآخر، فقد واجهت أول ما وصلت العنصرية. ذات مرة، وتحديداً بعد وصولي إلى استراليا بثلاثة أيام قابلني أحدهم وقال" لي لماذا أتيتم إلى هنا؟ ارجعوا لبلدكم. أما الآن، فلا يستطيع أحد قول هذا أبدًا".
وعماذا تنصح المهاجر الجديد، قالت:" أنصحه بالصبر والعزيمة وأن يُمثل جاليته أحسن تمثيل".
للاستماع لقصة هجرة الدكتورة روز ماري سليمان، يرجى الضغط على التدوين الصوتي في الأعلى.