أعلن الجيش الإسرائيلي نشر تعزيزات في الضفة الغربية وبالقرب من الحدود مع قطاع غزة لمواجهة الغضب الفلسطيني بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطته للسلام.
الخطة الجديدة أغضبت الفلسطينيين وغاب أي ممثل فلسطيني عن المؤتمر الصحفي لإعلانها. ورغم أنها تفتح الطريق لقيام دولة فلسطينية إلا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وصفها أنها "صفعة القرن" بدلا من "صفقة القرن" وهو الاسم الإعلامي للخطة الأمريكية.
في المقابل كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاضرا في المؤتمر الصحفي وقال إن الرئيس ترامب "أعظم صديق لإسرائيل في البيت الأبيض" مؤكدا أن "صفقة القرن هي فرصة قرن، ولن نفوتها".
حوت الخطة على كثير من البنود الخلافية، أبرزها المتعلق بالقدس "عاصمة موحدة لإسرائيل" وترتيبات إقامة الدولة الفلسطينية. كما خلت الخطة الأمريكية عن أي إشارة لحق العودة للفلسطينيين.
وتظاهر آلاف الفلسطينيين في مختلف أنحاء العالم احتجاجا على المقترح الأمريكي بينما عبر أبناء الجالية الفلسطينية في أستراليا عن غضبهم من الحل المقترح.
حسيب إلياس كان يعيش أسبوعا سعيدا، حيث تم تكريمه بميدالية أستراليا في يوم أستراليا الوطني تقديرا لخدمته لأبناء جاليته الفلسطينية. إلياس ينحدر من مدينة القدس وتحديدا من حارة النصارى في القدس القديمة: "أنا من مواليد القدس وتربيت في القدس وكبرت في القدس واتعلمت في القدس."
غادر إلياس مع أهله المدينة في عام 1967 وكان عمره وقتها 19 عاما تقريبا، قبل أن تنتقل العائلة إلى أستراليا عام 1971، لكنه لم ينسى مدينته: "لا يوجد أي قوة في العالم تمنعني أن أكون ابن القدس، أبا عن جد من آلاف السنين، هل يمكن أن يأتي أحد ويمنعني من دخول مدينتي، هذا شئ مرفوض."

Hassib Elias decorated by Australian medal in Australia's national day Source: Supplied
إلياس استنكر بشدة إلغاء حق العودة للفلسطينيين في هذا المقترح: "حق العودة هو حق دستوري وحق وطني وحق وطني وحق شرعي للشعب العربي الفلسطيني."
وأضاف "حتى لو وافق رئيس أكبر دولة عظمى في العالم مع احترامنا له، فلا يملك الحق أن يقرر بالنيابة عن الشعب العربي الفلسطيني أو تقرير ما يُسمح لنا وما لا يُسمح لنا."
وشدد إلياس على أن تمسكه بحق العودة لا يعني أنه غير سعيد بوجوده في أستراليا: "أنا كمواطن أسترالي وفخور بأستراليا بلدنا الثاني، افتخر بهذه الدولة العظيمة التي مدت يد العون لكل الناس والجاليات الإثنية واحتضنتها واعتبرتها واحد في هذا النسيج الوطني العظيم."
هذا الموقف يماثل كثير موقف إبراهيم قعدان المحاضر في جامعة سيدني وإبن مدينة حيفا: "أنا من مواليد الأردن بعد النكبة، وطبعا أهلي خرجوا من يافا خلال الحرب لأنه كان هناك مذابح."
قعدان وصل مع أهله إلى أستراليا عام 1972، واعتبر أن إلغاء حق العودة بمثابة إعلان وفاة للقضية الفلسطينية: "هذه الصفقة معناها منح إسرائيل بيوتنا وأملاكنا وحقوقنا بدون مقابل ونسيان القضية..انتهت القضية."
وأضاف " نحن لسنا مجرد سكان دخلنا إلى فلسطين وعابرين، نحن لنا حقوق تاريخية في فلسطين." مؤكدا "أنا كفلسطيني لا يمكن أن أتنازل عن حقي في اختيار أين أعيش سواء في فلسطين أو في غير فلسطين."
كانت أسرة قعدان تملك منزلين في حيفا ما زالا قائمين حتى الآن ويقطنهما مهاجرون يهود: "أنا لي أملاك وحقوق لا أسمح لأي شخص أن يتحدث فيها نيابة عني."
وشدد قعدان على أن حق العودة لا يسقط بالتقادم: "اليهود انتظروا ألفي سنة حتى يعودوا ونحن قد مر على خروجنا 70 سنة فقط، لماذا نقبل عودة اليهود بعد ألفي عام ونحن غير مسموح لنا بالعودة بعد 70 عاما، ونحن ما زلنا على قيد الحياة ولدينا أملاك هناك؟"
أما سماح سبعاوي، الأكاديمية والكاتبة الأسترالية فاعتبرت ما تم الإعلان عنه تجاوز غير مسبوق للقانون الدولي: "هذا أمر خطير للغاية عندما تقرر دولة بأهمية الولايات المتحدة أن تقرر من نفسها إلغاء حق العودة أو تغير القوانين الدولية المتعارف عليها، وتؤلف قوانين جديدة."
سبعاوي تنحدر من قطاع غزة، وقد خرجت بصحبة أهلها بعد الحرب عام 1967، قبل الانتقال إلى أستراليا. وقالت إن حق العودة لا يتعلق فقط بالانتقال للعيش هناك: "أنا أتحدث أيضا عن الاستلاب الذي حدث، وأنه قد حان الوقت للمطالبة بالحقوق التي سُلبت منا، حقنا في الأرض وحقنا في المزارع والممتلكات التي تركناها، وفي الكتب التي سرقوها منا وحقنا أن نكون مواطنين على أرضنا، فهذا أمر لا يمكن تغييره."

US President Donald J. Trump shakes hands with Prime Minister of Israel Benjamin Netanyahu. Source: AAP
وأكدت سبعاوي "أي فلسطيني أن يقرر الاستقرار في أي بقعة لو استطاع ذلك، ومن حقه العودة إذا قرر ذلك."
ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين حول العالم نحو 5 ملايين طبقا لسجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). يتوزع هؤلاء بين لبنان والأردن وسوريا بشكل رئيسي، مع وجود البعض في دول أخرى مثل العراق ومصر.

Until 2017, Washington was the biggest contributor to the UN Relief and Works Agency for Palestine Refugees (UNRWA). Source: Getty Images
ويمثل إلغاء حق العودة ضغطا على تلك الدول التي تستضيف ما بين نصف مليون إلى مليوني لاجئ على أراضيها. يتفق أليكس ريفشين الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي لليهود الأستراليين على أن اللاجئين الفلسطينيين يمثلون مشكلة تبحث عن حل: "الحل لن يكون بعودة أبناء وأحفاد وأحفاد أحفاد الفلسطينيين الذين تركوا منازلهم خلال الحرب."
وأضاف "يجب أن نجد حلا سياسيا للمسألة، قد يكون إعادة عدد قليل منهم كما تقترح الخطة، أو تقديم تعويض مادي أو غير ذلك. نعم هي مشكلة تحتاج إلى حل، ولكن الحل يجب أن يكون عمليا وعقلانيا."
وقال ريفشين "مسألة حق العودة هي أمر غير مسبوق في القانون الدولي، وهو حق لا يدعيه أحد إلا الشعب الفلسطيني." مضيفا "عندما نتحدث عن العودة فنحن لا نتحدث عن عودة أبناء الفلسطينيين إلى دولة فلسطينية، ولكن نتحدث عن عودة أبناء وأحفاد وأحفاد أحفاد هؤلاء الفلسطينيين إلى المنطقة التي أصبحت الآن دولة إسرائيل."
ووصف فكرة عودة أبناء الفلسطينيين إلى منازل أسرهم أنها "خيالية" قائلا: "فكرة العودة إلى دولة أخرى غير دولتك هو أمر غير مسبوق."