يحتفل الأستراليون هذا الأسبوع في جميع أنحاء البلاد بأسبوع المصالحة أو ما يعرف بـ”Reconciliation Week”.
يأخذ الاحتفال أشكال عديدة منها مشاركة الطعام والحفلات الموسيقية وتذكر تاريخ السكان الأصليين ومعاناتهم.
ورغم أن أسبوع المصالحة جزء من التقويم الأسترالي وحدث يتكرر كل عام، إلا أن البعض قد لا يعرفون الكثير عنه أو كيف ومتى بدأ الاحتفال به.
ما هو أسبوع المصالحة
يتم الاحتفال بهذا الأسبوع سنويًا في الفترة من 27 مايو إلى 3 يونيو، ويرتبط بتاريخين مهمين وهما يوم الاعتذار الوطني ويوم مابو.
يوم 26 مايو هو يوم الاعتذار الوطني. بدأ الاحتفال بهذا اليوم في عام 1998، بعد عام من إصدار لجنة حقوق الإنسان التقرير الناتج عن التحقيق الوطني في فصل أطفال السكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس عن أسرهم فيما عرف بـ"الجيل المسروق".
وقد اتبعت الحكومة الأسترالية هذه السياسة بين عامي 1910 و1970.
يوم 27 مايو هو بداية أسبوع المصالحة وقد تم تحديده على هذا النحو بمناسبة تاريخ استفتاء عام 1967 الناجح.
سعى الاستفتاء إلى تغيير قسمين من الدستور الأسترالي كان أحدهما يقضي باستبعاد السكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس من تعداد سكان أستراليا.
والتعديل الآخر كان يتعلق بحق الولايات في وضع سياسات للسكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس وكان ذلك الحق هو الذي سمح للدولة قانونًا بفصل الأطفال عن أسرهم.
تمت الموافقة على الاستفتاء بنسبة 90.77 في المائة وبذلك أصبح أكثر الاستفتاءات نجاحاً في أستراليا.
وينتهي اسبوع المصالحة في 3 يونيو/حزيران، وهو التاريخ الذي أصدرت فيه المحكمة العليا الأسترالية قرار مابو.
وفي ذلك القرار اعترفت المحكمة العليا بملكية شعب ميريام، بقيادة إيدي مابو، لوطنهم، جزيرة مير.
كيف بدأ أسبوع المصالحة؟
قدمت اللجنة الملكية المعنية بوفيات السكان الأصليين أثناء الاحتجاز تقريرها النهائي إلى البرلمان في عام 1991. وكانت التوصيات الواردة في التقرير بمثابة بداية عملية المصالحة الوطنية.
ومن هناك، أقر البرلمان القانون المتعلق بإنشاء مجلس المصالحة مع السكان الأصليين (CAR). أو Council for Aboriginal Reconciliation

Kevin Rudd making the apology to the Stolen Generations on 13 February 2008. Credit: AAP
انعقد مؤتمر المصالحة الأسترالية الافتتاحي في ملبورن عام 1997. وتم تسليم تقرير "أعيدوهم إلى المنزل" أو The Bringing Them Home في هذا الحدث الذي حضره ما يقرب من 2000 شخص.
رفض رئيس الوزراء حينها جون هوارد الاعتذار بشكل رسمي عن أخطاء الحكومات السابقة، وبدلاً من ذلك أصدر بيانًا في البرلمان عبر فيه عن "أسف صادق وعميق" مما دفع العديد من ممثلي السكان الأصليين في البرلمان إلى إدارة ظهورهم له احتجاجًا.
كان أحد أعظم إنجازات مجلس المصالحة هو "المسيرة من أجل المصالحة" في عام 2000. وتشير التقديرات إلى أن 300 ألف أسترالي ساروا عبر جسر ميناء سيدني باسم المصالحة.
ولكن لم يحضر رئيس الوزراء آنذاك جون هوارد المسيرة.
تم بعد ذك إنشاء الهيئة الوطنية العليا للمصالحة الأسترالية وفي عام 2006، أطلقت الهيئة برنامج خطة عمل المصالحة (RAP).
وفي يوم 13 فبراير/شباط عام 2008، قدم كيفن رود، رئيس الوزراء آنذاك، اعتذارًا وطنيًا رسميًا لأعضاء الجيل المسروق في البرلمان ولكن لم تقدم الحكومة تعويضات.
دعمت الهيئة العليا للمصالحة الوطنية بشدة حملة "نعم" في استفتاء الصوت الأبوريجيني عام 2023 والذي كان سيمنح صوتا للسكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس في الدستور. ولكن جاءت نتيجة الاستفتاء بـ"لا".
رحلة المصالحة في أستراليا مستمرة
يعكس شعار أسبوع المصالحة لعام 2024، "الآن أكثر من أي وقت مضى" أو Now More Than Ever، الشعور العام بعد فشل الاستفتاء ويذكرنا بأن هناك عملا يجب اتمامه.
وقد اعتذرت شرطة فيكتوريا في ال24 من مايو عام 2024 للسكان الأصليين عن دورها في فصل أطفال الجيل المسروق عن ذويهم.

Stolen Generation survivors are seen during a Victoria Police apology to the Stolen Generations event at the Aborigines Advancement League in Melbourne, Friday, May 24, 2024. Source: AAP / DIEGO FEDELE/AAPIMAGE
أسبوع المصالحة هو مساحة للتأمل في الماضي ولكنه أيضا فرصة للتطلع إلى وبناء مستقبل أفضل.
وبينما نحتفل بأسبوع المصالحة ويوم الاعتذار الوطني، دعونا نتذكر أن المصالحة ليست وجهة بل رحلة تتطلب التزامًا مستمرًا وتعاطفًا وتعاونًا.
معًا، يمكننا إنشاء أستراليا أكثر شمولاً وإنصافًا - دولة تحترم التنوع الغني لشعوبها وثقافاتها.