توفي الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك عن عمر ناهز ال92 قضى معظمها تحت المجهر وفي الشأن العام ليترك وراءه إرثا احتار المراقبون في تقييمه.
امتدت فترة حكم محمد حسني مبارك لمصر ثلاثة عقود، مما يجعلها الأطول منذ 1952 العام الذي أنتهى فيه الحكم الملكي.
ويبقى مبارك مثيرا للجدل بعد مماته كما كان أثناء حياته ليختلف الناس حول تقييم إرثه السياسي وكيف سيراه التاريخ. ففي حين يشيد أنصاره بالسلام الذي تمتعت به البلاد في عهده بحفاظه على السلام مع إسرائيل والإبقاء على قيادة مصر التاريخية للعالم العربي وصفه مناهضوه بالديكتاتور الذي فرض قبضة حديدية على الحياة السياسية في البلاد عبر تحجيم المعارضة والسيطرة على الإعلام ومفاصل الدولة والإعداد لتوريث ابنه جمال حكم مصر من بعده. 

President Anwar Sadat, right, and Vice President Hosni Mubarak watch a parade just before soldiers opened fire, killing President Sadat. Source: AP
وشكّل العام 1973 محطة فارقة في حياة مبارك عندما شارك في التخطيط لحرب 6 أكتوبر إذ بدأت العمليات العسكرية بغارات جوية مكثفة ساعدت في دعم عبور القوات المصرية لقناة السويس واقتحام خط بارليف وهو ما كان له أثر كبير في تحويل مبارك الذي كان قائدا للقوات الجوية آنذاك إلى بطل قومي.
وقد رقي مبارك في العام التالي للحرب إلى رتبة فريق، ثم اختاره الرئيس المصري السابق أنور السادات نائبا له في عام 1975.
وصل الى سدة حكم مصر بعد رئيسين تميزا بالكاريزما العالية والشخصية الطاغية فشقّ لنفسه دربا مختلفا. وصفه مؤيدوه بالبراغماتي الذي سعى الى إيجاد الحلول للأزمات المعضلة التي واجهتها مصر والمنطقة العربية بأسرها. أما معارضوه فاتهموه بافتقار الرؤية السياسية الواضحة مما جعل البلاد عاجزة في سنوات حكمه عن التصدي للمشكلات الكبيرة التي واجهتها كالفساد، البطالة والفقر.
وعلى نقيض نظيره التونسي زين العابدين بن علي، الذي كان أولى الأوراق المتساقطة في موجة الربيع العربي، فإن مبارك لم يفرّ من مصر عقب إعلان تنحيه عن الحكم متمسكاً بوعده في الثاني من فبراير 2011 خلال خطاب عاطفي للشعب، قائلا "هذا الوطن فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه، وعلى أرضه سأموت".
وعلى اختلاف مصير الرؤساء العرب الذين تساقطوا بعد ذلك، فإن القاسم المشترك بينهم هو أن نهايتهم كانت بصيحات شعوبهم.

Source: The New York Times
ابرز المحطات في حياة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك
- 4 أيار/مايو 1928: ولد حسني مبارك في كفر المصيلحة في محافظة المنوفية بدلتا النيل.
- 1950: التحق بالكليّة الجوية المصر
- 1972: أصبح قائدا للقوات الجوية
- نيسان/أبريل 1975: عُين نائبا لرئيس الجمهورية.
- 1978: عٌيّن نائبا لرئيس الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم برئاسة أنور السادات رئيس البلاد آن
- تشرين الأول/أكتوبر 1981: تولى الرئاسة في 14 من الشهر بعد اغتيال السادات في السادس منه
- 11 شباط/فبراير 2011: اضطرّ إلى التنحي بعد 30 عامًا في السلطة، تحت ضغط احتجاجات شعبية ضد حك
- 2 حزيران/يونيو 2012: حُكم عليه بالسجن المؤبد (25 عاما) بتهمة التواطؤ في قتل 850 متظاهر، إلا أن محكمة النقض الغت الحكم في كانون الثاني/يناير 2013 وأمرت بمعاودة محاكمته
- تشرين الثاني/نوفمبر 2014: قررت محكمة أخرى إسقاط التهم عن مبارك وتبرءته، لكن النيابة طعنت في الحكم
- كانون الثاني/يناير 2016: محكمة النقض تقضي بحكم نهائي بالسجن ثلاث سنوات بحق مبارك ونجليه جمال وعلاء في قضية فساد عرفت إعلاميا باسم "القصور الرئاسي
- مارس / آذار 2017: تبرئة مبارك نهائيا من تهمة التواطؤ في قتل المتظاهرين والافراج عنه من مستشفى القاهرة العسكري حيث كان محتجزًا منذ عام 2011 بسبب ظروفه الصحية
- 25 شباط/فبراير 2020: وفاة حسني مبارك في مستشفى عسكري في القاهرة.

الرئيس السابق محمد حسني مبارك Source: Mubarak archives
وتعليقا على هذا الموضوع، يقول البروفسور فتحي منصوري، مدير معهد ألفرد ديكن للمواطنة والعولمة في جامعة ديكن، والباحث في شؤون الشرق الأوسط إن مبارك مثله مثل بقية قادة العالم العربي في تلك المرحلة فشل في بناء مجتمع معاصر متحضر منفتح وديمقراطي
ويضيف منصوري "إجمالا، فترة السبعينات والثمانينات والتسعينيات بُصمت بهذا الفشل الذريع على مستوى صناعة القرار العربي، سواء كانت على مستوى السياسي او الاقتصادي او على مستوى بعض الإصلاحات الاجتماعية"
استمعوا الى اللقاء الكامل مع البروفسور فتحي منصوري، مدير معهد ألفرد ديكن للمواطنة والعولمة في جامعة ديكن، والباحث في شؤون الشرق الأوسط في الرابط الصوتي أعلاه