تغيرت حياة السيدة مروة قناوي للأبد قبل سنتين من الآن. قُتل نجلها يوسف العربي البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما برصاصة طائشة أُطلقت في الهواء خلال حفل زفاف في مدينة السادس من أكتوبر غربي العاصمة المصرية القاهرة. وجهت السلطات تهما لأربعة متهمين إلا أن أثنين منهم ظلا مطلقي السراح، أحدهما ضابط شرطة والآخر نجل أحد أعضاء البرلمان المصري. استمرت اجراءات المحاكمة وصدر الحكم بحق المتهمين الأربعة بالحبس مدد تترواح بين خمس وسبع سنوات، إلا أن المتهمين الهاربين لم يُلقى القبض عليهما.
انتظرت مروة قناوي إلقاء القبض عليهما لمدة عشرة أشهر دون جدوى، حتى قررت في مارس آذار الماضي الإضراب عن الطعام. تحدثت مروة إلى SBS Arabic24 عن الدافع وراء قرار الإضراب "كنت أرغب في إيصال صوتي إلى أكبر عدد ممكن من المسؤولين والمتابعين." كان لدى مروة هدف آخر "أردت توعية الناس أيضا أن عادة إطلاق النار في المناسبات تؤدي إلى الوفاة أحيانا."
فُصل ضابط الشرطة من عمله ولكن كان هناك تخوف من أن انحدار المتهمين من عائلات تتمتع بالنفوذ سيسمح لهما بالنجاة بفعلتهما. مروة من جانبها كان لديها حدس قوي أن طريقتها غير المعتادة في الاعتراض السلمي ستنجح "لا أعرف السبب ولكني كنت متأكدة من الاستجابة لمطالبي." وأضافت مروة "أعتقدت أن الضغط الداخلي والخارجي سيدفع الدولة للتحرك." استمر إضراب مروة عن الطعام 45 يوما كاملين "مررت بأوقات شعرت فيها بإحباط شديد لكنني قررت الاستمرار."
أُعيدت اجراءات محاكمة المتهمين بناء على طلب محاميهما في الثالث عشر من مايو أيار الجاري، وأيدت المحكمة الحكم بسجنهما سبع سنوات. فكت مروة الإضراب في نفس اليوم، وفي اليوم التالي قام المتهمين بتسليم نفسيهما.

A wall of pictures done in the memory of Youssef Alaraby Source: Supplied
تتذكر مروة لحظة معرفتها بالخبر"احساس الانتصار عظيم، حتى البكاء كان متوقفا من الفرحة لدرجة أنني كنت غير قادرة على التعبير عن مشاعري."
إطلاق النار في المناسبات عادة سيئة ويجب أن تنتهي
يوسف كان صديقي
"كنت أتعامل مع يوسف باعتباره صديقي وليس ابني" هكذا وصفت مروة علاقتها بنجلها الأكبر والتي تعرضت لعملية إعادة تشكيل منذ الواقعة. قالت مروة "بعد الوفاة شعرت بشراسة الأم وتحولت علاقتي به إلى الأمومة البحتة."
لم يكن هذا الشعور غريبا تماما عنها "اختبرت هذا الشعور في السابق، في مواقف صغيرة، عندما كان يدخل يوسف في مشاجرات مع أقرانه وكنت أدافع عنه." التحدي كان أكبر هذه المرة لكن رغبتها في الدفاع عن ابنها كانت كبيرة أيضا.
تتذكر مروة باستمرار وجه يوسف "دائما أرى وجهه عندما كان يأتيني للشكوى وهو صغير" وأضافت "أضع هذه الصورة أمامي وأراه باستمرار وهو يوجه اللوم للكثيرين عما حدث له." وقالت مروة "كانت حياته تعني لي الكثير وسأفعل ما بوسعي لضمان أن موته لن يذهب هباء."
تواصل عدد من الناس من دول عربية مع مروة للتعبير عن الدعم والحديث عن ظاهرة إطلاق النار العشوائي في المناسبات الاجتماعية في بلدانهم. قالت مروة "أركز حاليا على الحملة التي بدأتها للتوعية ضد إطلاق النار في المناسبات، وأرغب أن يساهم زخم قضيتي في إيصال صوتنا هذا إلى مناطق ومحافظات وحتى دول مختلفة."

Marwa Kenawy in front of a large portrait of her son Youssef Alaraby Source: Supplied
وأكدت مروة "إطلاق النار في المناسبات عادة سيئة ويجب أن تنتهي." كما تحمل مروة رسالة موجهة إلى يوسف "أحاول أن أخبره أن ما حدث له لن يكون مجانيا، وأن هناك الكثير من الأمور التي ستتغير بسببه."
ما الذي يحدث خلال 45 يوما من الإضراب
لم تكن رحلة الإضراب سهلة عليها وعلى عائلتها "فقدت وزن وصحة وتأذيت نفسيا كثيرا أنا وكل عائلتي." وقالت مروة "راهن الكثيرون على خسارتنا لكن هذا لم يحدث."
مع استمرار الإضراب بدأ جسد مروة يخذلها، وتوقفت عن الذهاب إلى عملها "في آخر عشرة أيام، توقفت تماما عن كل شئ ولازمت السرير، ودخلت المستشفى خلال هذه الفترة مرتين."
وأضافت "كانت مستويات الضغط والسكر منخفضة للغاية وبالتالي طاقتي كانت شبه معدومة."

A photo for Marwa Kenawy and her son Youssef Alaraby Source: Supplied
لكن الزخم الذي حققه الإضراب في أيامه الأولى عاد ليدعمها عندما فكرت في الاستسلام "بدأت أشعر بدعم المحيطين بي خلال الفترة الأخيرة وكانوا يشجعونني على الاستمرار، ما أعطاني الحافز لعدم كسر الإضراب."
ورغم كسر الإضراب إلا أن مروة ما زالت تقوم باختبارات وفحوص للتأكد من أن شهر ونصف من الإضراب لم يكن لهم تأثير طويل المدى على جسدها.
استمعوا للمقابلة كاملة مع مروة قناوي والدة الطفل يوسف العربي في الرابط أعلاه