بعد أعوام عديدة من النضال والكفاح من أجل تحصيل المرأة لحقوقها في التعليم والعمل والسلامة والمشاركة في اتخاذ القرار، تأتي الأجيال الجديدة لتنعم بما حققته نساء سبقنهن، لكن هل تحققت كل الحقوق؟
احتفل العالم أمس باليوم العالمي للمرأة، وحمل شعار "أنا المساواة بين الأجيال: إحقاق حقوق المرأة".
ويتماشى شعار هذا العام مع حملة الأمم المتحدة التي تهدف لدعم مطالب المرأة، من مختلف الأجيال، والتي تحمل وسم #جيل_المساواة.
وتطالب الحملة بضرورة حصول المرأة على رواتب متساوية، وعلى مزايا رعاية صحية، وإنهاء التحرش الجنسي والمشاركة المتساوية في الحياة السياسية.
وبهذه المناسبة تحدثت SBS Arabic24 مع امرأتين من جيلين مختلفين: هالة عبد النور التي كبرت في أستراليا ودرست فيها وتبوأت مناصب مهمة في القيادة والإدارة، وتعتبر من الجيل الشاب. ومع جانيت بشارة حوراني، إحدى النساء الرائدات اللواتي عملن على المطالبة بحقوق المرأة المهاجرة والدفاع عنها في أستراليا منذ أكثر من ثلاثين عاما.
وتقول هالة "لم تحصل المرأة على حقوقها كاملة، لكنها حصلت على حقوق أكثر مما كان لديها من قبل. ونلاحظ تقدم حقوق المرأة مع الأيام، لكنها لم تصل إلى نقطة تتساوى مع حقوق الرجال بعد".
وتقول هالة إن أكثر ما يزعج المرأة ويعكر صفو بالها هي أن الرجال والمجتمع بشكل عام لم يتقبلوا فكرة أن تتبوأ المرأة مناصب سياسية وقيادية، حيث تتعرض المرأة إلى انتقادات لا يتعرض لها الرجل، ولتهكمات تؤذيها.
وحول ما إذا كانت النساء الشابات الآن يأخذن المنجزات التي تحققت والتي ناضلت من أجلها نساء رائدات في السابق، كتحصيل حاصل، تقول هالة عبد النور "أكيد إذا لم نفكر بما حصل في التاريخ، فقد نأخذ الأمور كتحصيل حاصل، لكننا إذا فكرنا بالتاريخ، سنعرف أنه كانت هناك نساء تعبن لكي نصل إلى حقوقنا."
وتلفت هالة الانتباه إلى اختلاف الظروف بين المجتمعين الغربي والشرقي وتقول إن نضال الحركة النسوية بدأت في العالم الغربي منذ حوالي 100 عام، لكن ليس في المجتمعات الشرقية.
وقالت إنها وعندما قامت بجولة سياحية في حوالي 40 دولة، كانت تضطر في بلدان معينة إلى وضع خاتم خطبة في اصبعها، مع أنها ليست مرتبطة، لتضليل الأشخاص بأنها مخطوبة، فلا تتعرض للمضايقة، لكن ذلك لم يكن ليحصل في بلدان غربية لا ترى حرجا في سفر المرأة وحيدة دون رجل.
لكن هالة تستطرد بالقول بأن ذلك لا يعني "أن الغرب أفضل من الشرق"، لأن "في العادات الشرقية والافريقية وعادات السكان الأصليين هناك نظام الاحترام للمرأة الذي لا أراه في الغرب، خاصة ضمن العائلة والمجتمع".
وتضيف قائلة "النساء الكبيرات في السن لهن احترام ولهن مكانة، والأم لها مكانة، ولا أشعر أن هذا موجود في الغرب ولا يتم الحديث عنه."
وتقول جانيت بشارة حوراني، إحدى النساء الرائدات اللواتي عملن على تحقيق حقوق المرأة خاصة العربية في أستراليا "إننا تقدمنا في مرحلة المطالبة بحقوق المرأة، إلى جزء بسيط، ومنها مشاركة الرجل، فأصبح هناك الكثير من الرجال الذين ينصفون المرأة ويدافعون عنها، ويعترفون بحقوق المرأة وبالمساواة معها، لكن للأسف هناك الكثير من الرجال الذين لا يشاركون بذلك".
وتضيف "هناك الكثير من الرجال الذين يقولون ماذا تريد المرأة بعد؟ وأصبح هناك خوف أكثر، ولهذا نرى جرائم قتل، وهناك البعض عندما يأتون إلى أستراليا حديثا ويتعرفون إلى الحقوق التي تتمتع بها المرأة، وقد يفهمون ذلك خطأ، وهذا ما يؤثر على تقدم حقوق المرأة".

Source: Facebook
وتقول جانيت حوراني إن المرأة أحيانا لا تساعد نفسها ولا تطالب بحقوقها أو تدفع بناتها وتعاملهن مثلما تعامل الأبناء.
وقالت "إنني لا أستطيع إنكار أن هناك نساء وصلن إلى مراتب قيادية، لكن هناك الكثير من النساء اللواتي وصلن إلى سقف مسدود في العمل وفي المراتب".
ودعت السيدة حوراني أرباب العمل إلى الأخذ بعين الاعتبار سنوات الخبرة والمهارات التي تتمتع بها المرأة التي تترك العمل لفترة إنجاب ورعاية الأطفال، ومساعدتها في مواصلة المسيرة عوضا عن إجبارها على البداية من جديد عندما تقرر العودة إلى العمل.
ولفتت إلى أن هناك بعض المجتمعات التي لا تزال لا ترى أهمية تعليم البنات وحصولهن على وظائف تؤمن لهن الاستقلال المادي. واعتبرت أن الاستقلال المادي يعلم المرأة المسؤولية ويجعلها تساعد العائلة، ولا يؤدي بالضرورة إلى تفكيك العائلة لافتة إلى الأعباء المادية التي تواجهها العائلات، والتي يمكن للمرأة أن تساهم في تحملها.
ودعت إلى استمرارية "الحركة الثورية" لتحقيق الهدف الذي تريده المرأة على الصعيد الاجتماعي والسياسي، حتى في أستراليا، التي لا تأتي ضمن الدول الأولى في مجال تحقيق المساواة للمرأة.
ووفقا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن عام 2020 يُعَدُّ عاما محوريا للنهوض بالمساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم، حيث يقوم المجتمع العالمي بتقييم التقدم المحرز في مجال حقوق المرأة.
وتكتسب المناسبة هذا العام أهمية خاصة لأنها تأتي بعد مرور خمس سنوات على إعلان أهداف التنمية المستدامة، والذكرى العشرين لقرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، وكذلك الذكرى العاشرة لتأسيس هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
ورغم مرور أكثر من مئة عام على الاحتفال بيوم المرأة منذ عام 1909 وحتى الآن، ورغم التطور الحضاري والإنساني الكبير، فإن الفجوة بين النساء والرجال لن تغلق تماما إلا بحلول عام 2186، وفقا لتنبؤات مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي.
استمعوا إلى اللقاءين بالكامل مع هالة عبد النور وجانيت بشارة حوراني تحت المدونة الصوتية في أعلى الصفحة.