بعد 15 عاماً من الانتظار ومئات ملايين الدولارات التي دفعها اللبنانيون في سبيل الوصول إلى الحقيقة، صدر أمس حكم المحكمة الدولية المتعلق بعملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري.
وأدانت المحكمة الدولية في لاهاي عضو حزب الله، سليم جميل عياش بالضلوع في العملية في وقت برأت المتهمين الثلاثة الآخرين التابعين للحزب أيضاً.
وفي وقت قالت المحكمة في قرارها إن "الاغتيال عمل سياسي أداره هؤلاء الذين شكل الحريري تهديدا لهم"، ذكرت أنه "ربما كان لسوريا وحزب الله دوافع لاغتيال الحريري"، لكنها لم تجد أي دليل مباشر على ضلوعهما في العملية.
في حديث مع اس بي أس عربي 24 رأى الصحافي المتخصص بالشؤون القضائية يوسف دياب أن "الحكم كان بالحقيقة مفاجئاً ولم يرق إلى طموحات أغلبية اللبنانيين الذين كانوا ينتظرون معرفة الحقيقة وكان البعض يتوقع على الأقل أن تدين المحكمة المتهمين الأربعة في الاغتيال وربما أن تكشف عن أسماء أخرى متورطة في الجريمة".

Exterior view of the Special Tribunal for the assassination of slain former Prime Minister Rafik Hariri in Leidschendam, Netherlands. Source: AP Photo/Toussaint Kluiters, Pool, File
وأضاف دياب: "كانت المفاجأة أن المحكمة قالت أن ليس لديها أدلة كافية لإدانة هؤلاء على أنهم على علم وشاركوا في عملية التخطيط وتنفيذ اغتيال رفيق الحريري رغم أنها ذكرت بوضوح أن اثنين من الثلاثة الذين جرت تبرئتهم هما اللذان استدرجا الفلسطيني أحمد أبو عدس وأجبراه على تسجيل فيديو مزعوم ينسب اغتيال الحريري إلى ما يعرف بجماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام وذلك بهدف تحريف مسار التحقيق عن المتهمين الحقيقيين".
وحول ما إذا كان قرار المحكمة يعتبر تبرئة لحزب الله، شدّد دياب أنه "لا يمكن تبرئة حزب الله لا قانونيا ولا سياسياً فهو من خلال حمايته للمتهمين ومن خلال القول أنه غير مخترق أمنياً وانه لا يمكن لأحد من عناصره تنفيذ عملية دون علم القيادة ربط نفسه بالمتهمين وبسليم العياش تحديداً". مشيراً أن "الحكم ذكر أن مصطفى بدر الدين كان في عداد المجموعة التي نفذت العملية وعندما نتحدث عن شخصية بحجم مصطفى بدر الدين نحن نتحدث عن العقل الأمني والعسكري لحزب الله أي عن قيادي ربما يكون بالأهمية التي يتمتع بها أمين عام الحزب حسن نصرالله وبالتالي من السذاجة القول أن مصطفى بدر الدين وسليم العياش كانا شريكين في الجريمة مع آخرين مجهولين من دون ربط الموضوع بقيادة الحزب".
يذكر أن مصطفى بدر الدين قُتل في سوريا في أيار/ مايو 2016 في انفجار استهدف أحد المراكز بالقرب من مطار دمشق الدولي وبحسب رواية حزب الله كان الانفجار ناجماً عن قصف مدفعي قامت به جماعات وصفها بالارهابية. في وقت نفى المرصد السوري لحقوق الإنسان حينها إطلاق أي قذيفة صاروخية على مطار دمشق الدولي من طرف المعارضة.
الصحافي المتخصص في الشؤون القضاية يوسف دياب أشار أن هذا الحكم له دلالات مهمة وأن المحكمة وجهت اتهاما غير مباشر لحزب الله بالوقوف وراء هذه الجريمة "فالمحكوم الوحيد سليم العياش هو عضو قيادي فاعل في أمن الحزب وهو الرقم ثلاثة في التراتبية الحزبية بعد الأمين العام حسن نصرالله ومصطفى بدر الدين علماً أن المحكمة لا تستطيع أن تذهب إلى اتهام مباشر للحزب لأن قانونها لا يسمح لها بإدانة نظام أو كيان أو حزب أو حتى قائد سياسي أو رئيس جمهورية وبالتالي فهي التزمت بهذه القواعد وتجنبت توجيه الاتهام المباشر للحزب".

الصحافي المتخصص في الشؤون القضائية يوسف دياب Source: Facebook
دياب ذكّر أيضاً أن "المحكمة كانت واضحة عندما أشارت أن رفيق الحريري لم يقتل بسبب خلافات شخصية بل قتل لأسباب سياسية واستعرضت في جلستها الواقع السياسي الذي سبق عملية الاغتيال والذي انضم خلاله الحريري إلى المعارضة التي كانت ضد الوجود السوري في لبنان".
اقرأ المزيد

من مراسلينا: أخبار لبنان في أسبوع 18/8/2020
ورغم أن الحكم كان دون التوقعات بالنسبة إليه إلا أن دلالاته مهمة فهو له أهمية قانونية وتترتب عليه نتائج سياسية: "إنها المرة الأولى التي يصدر فيها حكم باغتيال سياسي من هذا الحجم ويقول للبنانيين ولكل حلفاء حزب الله ولمن يجيد لغة القتل في مواجهة الاختلاف السياسي أن مرحلة الافلات من العقاب ولّت.
تجدر الإشارة أن رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، حضر المحكمة وسط حراسة مشددة، للاستماع إلى الحكم، الذي استغرقت تلاوته ساعات. وقد اعتبر أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كشفت "الحقيقة"، معلناً "قبول" الحكم، ومطالبا ب"تنفيذ العدالة". وأضاف "صار واضحا اليوم أن شبكة تنفيذ الجريمة من صفوف حزب الله (...). المطلوب من حزب الله أن يضحي اليوم".

Feb 14 2005 rescue workers and soldiers stand around a massive crater after a bomb attack that tore through the motorcade of former Prime Minister Rafik Hariri Source: AP
غير أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله كان قد رفض في وقت سابق تسليم المتهمين الأربعة، مشككا في شرعية المحكمة.
هذ وكان من المفترض أن يصدر حكم المحكمة في 7 أغسطس/ آب، لكنه أرجئ بسبب الانفجار في مرفأ العاصمة اللبنانية.
لمزيد من التفاصيل يمكنكم الاستماع إلى اللقاء الكامل من خلال الضغط على التدوين الصوتي أعلاه




