قال مراسل "أس بي أس" في بيروت، أنطوان سلامة، إن المبعوث الأميركي توم براك وجّه انتقادات غير مسبوقة إلى الدولة اللبنانية، معتبراً أن كل ما تقوم به في ملف نزع سلاح "حزب الله" لا يتجاوز حدود الكلام.
وفي موقف صادم من حيث توقيته وحدّته، أشار براك إلى أن "الجيش اللبناني منظم، لكنه غير مجهز"، مؤكدًا أن حزب الله يعيد بناء قدراته الميدانية، بينما تقف الدولة عاجزة عن اتخاذ إجراءات عملية.
أوضح براك أن الولايات المتحدة لن تتدخل بشكل مباشر لمواجهة "حزب الله"، سواء عبر قواتها أو من خلال القيادة المركزية الأميركية، معتبرًا أن مسؤولية التعامل مع الحزب تقع على عاتق الحكومة اللبنانية. وذهب في تصعيده إلى وصف "إيران" و"حزب الله" بـ"الأفاعي"، مهدداً بـ"قطع رؤوسها"، في خطاب بدا خارجًا عن السياق الدبلوماسي المعتاد.
أفاد سلامة أن هذه التصريحات أحدثت صدمة في الأوساط السياسية اللبنانية، لا سيما أنها جاءت بعد زيارة لبراك اتسمت بالهدوء والليونة مقارنة بزميلته مورغان أورتيغاس، التي شاركت في اجتماع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في الناقورة.
رد الحكومة اللبنانية على لسان رئيسها نواف سلام جاء متحفظًا، إذ اكتفى بالإشارة في جلسة مجلس الوزراء إلى أن الكلام الذي صدر عن براك "عالٍ ويسقط تجاه لبنان والحكومة"، مطالبًا ببحث الموقف بعناية قبل إصدار أي رد رسمي. وأشار سلام إلى أن الموقف سيتبلور خلال الاجتماعات المقبلة.
في المقابل، لفت براك إلى أن الحزب يتلقى تمويلًا شهريًا يقدّر بـ60 مليون دولار من "مكان ما"، مطالبًا بجهود جدية لوقف هذا التدفق المالي. كما شدد على أن إسرائيل لن تنسحب من خمس نقاط حدودية جنوب لبنان، ما دامت تعتبر "حزب الله" خطرًا قائمًا.
وفي تطوّر ميداني خطير، أفاد سلامة أن غارة إسرائيلية استهدفت بلدة بنت جبيل، ما أسفر عن مقتل عائلة لبنانية بالكامل، بينهم ثلاثة أطفال. وقد زعمت مصادر إسرائيلية أن الغارة كانت تستهدف هدفًا قريبًا من السيارة التي كانت تقل العائلة، لكن النتيجة جاءت مأساوية.
نددت القيادات اللبنانية بالجريمة، ووصفها الرئيس العماد جوزيف عون، الموجود في نيويورك، بأنها "مجزرة حقيقية"، مؤكدًا في تصريحه: "لا سلام فوق دماء أطفالنا". وأتى هذا التصريح بعد مشاركته في قمة الدوحة وتأكيده التمسك بالمبادرة العربية للسلام.
كما تساءل رئيس مجلس النواب نبيه بري ما إذا كانت الطفولة اللبنانية تُشكّل خطرًا وجوديًا على إسرائيل، أم أن هذا الكيان هو الذي يمثل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين من خلال ممارساته.
وصف رئيس الحكومة نواف سلام ما حدث في بنت جبيل بـ"الجريمة الجديدة"، داعيًا المجتمع الدولي إلى إدانة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقانون الدولي. من جهته، اعتبر النائب إبراهيم الموسوي أن الدولة اللبنانية أثبتت مرة أخرى عجزها عن حماية شعبها، وخصوصًا الأطفال، في ظل استمرار العدوان.
على الصعيد السياسي، أشار سلامة إلى عودة ملف اقتراع المغتربين إلى الواجهة، مع استمرار الجدل حول عدد النواب الذين يحق لهم تمثيلهم. في لقاء عقده الرئيس عون مع رجال أعمال لبنانيين في نيويورك، تم التطرق إلى هذا الموضوع، بالإضافة إلى مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي وأوضاع الجنوب.
وأكد عون على أهمية دور الاغتراب في دعم الاقتصاد اللبناني، داعيًا إلى الاستثمار في الداخل بعد ما وصفه بـ"توفر الأرضية المناسبة"، في إشارة إلى بدء تعافي بعض القطاعات.
أما على الصعيد الثقافي، فشهدت بيروت حدثًا فنيًا بارزًا تمثل في افتتاح معرض للفنان العراقي الكبير ضياء العزاوي في "غاليري صالح بركات". وقال سلامة إن المعرض، الذي حمل عنوان "شهود زور"، ضم جداريات ضخمة وأعمالًا تركيبية ونحتية تجسّد معاناة الشعوب العربية من بغداد إلى غزة.
وأشار إلى أن الأوساط الثقافية اعتبرت المعرض مؤشراً على عودة بيروت إلى لعب دورها التاريخي كمنصة للفن العربي والتعبير الحر، بعد سنوات من التراجع.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.