هل تسعى إيران لامتلاك سلاح نووي؟ أم تستخدم برنامجها النووي كوسيلة للردع؟ هل يمثل البرنامج النووي الإيراني خطرا إقليميا ودوليا حقيقيا؟ تعالوا معي أنا دينا عبد المجيد لنغوص في أعماق الملف النووي الإيراني، لنكشف عن تعقيداته وتداعياته الإقليمية والدولية.
نظرة عامة على البرنامج النووي الإيراني
على مدى العقدين الماضيين، حققت إيران تقدمًا ملحوظًا في قدراتها النووية، رغم العقوبات الدولية المشددة. بدأت هذه المساعي بتعاون مع دول مثل الصين وروسيا، لكنها سرعان ما تحولت إلى اعتماد أكبر على التطوير المحلي. شمل ذلك تطوير أجهزة الطرد المركزي وزيادة قدرة التخصيب وإنتاج المعرفة الفنية داخليًا.
وفقًا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمتلك إيران أكثر من 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪. فهل يمكنها ذلك من صنع سلاح نووي؟
يقول شاهرام أكبر زاده الأستاذ الباحث في الشؤون الإيرانية في جامعة ديكين: "أعلنت إيران أنها لا تسعى لامتلاك سلاح نووي منذ عام 2015 وأبدت تعاونها مع وكالة الطافة الذرية."
"تغضع إيران للمراقبة الدولية وقد تم بالفعل تدمير أي قدرات محتملة على صنع سلاح نووي إيراني."
المفاعلات النووية الإيرانية ومواقعها
البرنامج النووي الإيراني لا يقتصر على منشأة واحدة، بل يتوزع عبر عدة مواقع رئيسية.
أهمها مفاعل بوشهر النووي (Bushehr) ويقع في جنوب إيران على ساحل الخليج العربي، وهو أول مفاعل نووي مدني في البلاد. أُنشئ بالتعاون مع روسيا، ودخل الخدمة عام 2011 لتوليد الكهرباء. وتخطط إيران لبناء وحدات إضافية في الموقع.
هناك أيضا منشأة نطنز (Natanz Fuel Enrichment Plant) والتي تقع وسط إيران، وتعد من أهم مواقع تخصيب اليورانيوم. تعرضت لهجمات سيبرانية وهجمات تخريبية في السنوات الأخيرة، لكنها لا تزال مركزًا أساسيًا للتخصيب.
منشأة فوردو (Fordow Fuel Enrichment Plant) تقع داخل جبل بالقرب من مدينة قم، مما يجعل استهدافها عسكريًا أمرًا صعبًا. كانت المنشئة مغلقة ضمن اتفاق 2015 النووي، لكنها أعيد تشغيلها بعد انهيار الاتفاق.
كذلك مفاعل أراك للماء الثقيل (Arak Heavy Water Reactor) والذي يقع في محافظة مركزي، وكان يُعتقد أنه قادر على إنتاج البلوتونيوم المستخدم في الأسلحة النووية. أُعيد تصميمه بموجب الاتفاق النووي لجعله غير قادر على إنتاج مواد انشطارية بسهولة.
مفاعل طهران البحثي (Tehran Research Reactor) الذي يقع في العاصمة طهران، ويُستخدم في الأبحاث الطبية والنووية السلمية، ويعود بناؤه إلى الستينات بدعم من الولايات المتحدة.

A view of the Bushehr nuclear power plant is seen from the Persian Gulf in the south of Iran, on April 29, 2024. Source: NurPhoto / NurPhoto/NurPhoto via Getty Images
تعتبر إسرائيل البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، وقد قامت بعدة عمليات سرية وعسكرية تهدف إلى تعطيله.
في المقابل، تؤكد طهران أن برنامجها سلمي بالكامل، وتستشهد بعضويتها في معاهدة عدم الانتشار وتعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم أن مستوى الشفافية يبقى موضع خلاف.
أما الولايات المتحدة والدول الأوروبية، فهي ترى في تقدم البرنامج النووي الإيراني خطرًا على استقرار المنطقة واحتمالًا لحدوث سباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط.
ويُشكّك البعض في نوايا إيران، ويخشون من امتلاكها "القدرة الكامنة" لصنع سلاح دون الاعتراف بذلك رسميًا.
يشرح البروفيسور أكبر زاده أن إيران ترى في برنامجها النووي دليلا على نفوذها كقوة إقليمية.
"امتلاك برنامج نووي يعد مصدرا للهيبة والاحترام للدول وهناك دول عديدة في المنطقة مثل السعودية والإمارات تسعى لتطوير برنامج نووي."
القدرات العسكرية التقليدية
رغم القيود المفروضة على إيران في شراء السلاح، إلا أنها طورت ترسانة قوية من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، كما تعتمد على حلفاء إقليميين مثل الحوثيين في اليمن وفصائل في العراق وسوريا.
يقول أكبر زاده أن إيران لديها خبرة كبيرة في القتال بسبب المعارك التي خاضتها ولكن نقطة ضعفها هي المعدات العسكرية.
"إيران تخضغ لعقوبات منذ عشرات السنين وقد أثر هذا بشكل كبير على قدراتها العسكرية."
"لم يتم تحديث المعدات العسكرية الإيرانية منذ فترة طويلة وقد يكون بعض منها غير صالح للاستخدام بالفعل."

Image supplied by the IIPA shows a view of the reactor building at the Russian-built Bushehr nuclear power plant as the first fuel is loaded, on August 21, 2010 in Bushehr, southern Iran. Credit: Handout/Getty Images
ومع تصاعد التوتر الإقليمي بعد السابع من أكتوبر يتردد السؤال: هل تتخلى إيران عن طموحها النووي في عالم يبدو أكثر خطورة وعنفا كل يوم؟
إلى أن يتم التوصّل إلى تسوية دبلوماسية شاملة، لا شك أن منشآت مثل نطنز وفوردو ستظل تحت أنظار الأقمار الصناعية.