أم الرائد مهدي الموسوي: "قالوا لي الجيش الأسترالي لن يقبله لأنه من أسرة مسلمة"

Major Mehdi Moussaoui

Major Mehdi Moussaoui with his mother. Source: Supplied

بالنسبة للرائد الموسوي كان المستقبل في القوات المسلحة الأسترالية مغرياً.


في إعلان ترويجي للقوات المسلحة الأسترالية يظهر الرائد مهدي الموسوي بقامته الممشوقة وشعره الداكن مرتديا حلته العسكرية، يجلس الموسوي بجانب أمه التي لا تستطيع إخفاء نظرة الفخر بابنها وهي تتحدث عنه مرتدية حجابها الأسود، تتذكر الأم وقت أن فاتحها مهدي برغبته في الالتحاق بقوات الدفاع الأسترالية: "أحببت فكرة أنه سيلتحق بالجيش، لكن أصدقائي قالوا لي إن الجيش لن يقبل به لأنه من أسرة مسلمة." 
ولد الموسوي في لبنان عام 1985 وانتقلت أسرته من بعلبك إلى أستراليا بعد ولادته بشهور واستقرت في سيدني، أثناء دراسته هندسة الطيران في جامعة سيدني سمِع أنه يمكن الالتحاق قبل تخرجه من الجامعة بالقوات المسلحة المعروفة باسم قوات الدفاع الأسترالية (ADF). وبالفعل يعمل الموسوي الآن في ADF.

بالنسبة للموسوي، الذي يحب الرياضة ويقود دراجته الهوائية يومياً لثلاثين كيلومتراً، كان الالتحاق بالجيش يحقق له أكثر من هدف: "رُسم لي مستقبل مغري: حقيقة أن هناك وظيفة مضمونة لي بعد التخرج، وأنني سأتقاضى مرتباً أثناء دراستي الجامعية (..) وأن الوظيفة بها نشاط بدني وبها عمل هندسي."
Major Mehdi Moussaoui
Major Mehdi Moussaoui works on Chinook helicopters for ADF. Source: Supplied
على عكس ما قال الأصدقاء لأم مهدي من أن الجيش الأسترالي لن يقبل بابنها لأنه مسلم، أعلنت القوات المسلحة الأسترالية عام 2012 عن خطة تسمى طريق التغيير، استهدفت الخطة زيادة تمثيل الأستراليين المتحدرين من لغات وثقافات متنوعة في كافة الإدارات، هدف القوات المسلحة المعلن هو تمثيل المجتمع الأسترالي المتنوع، وبناء مؤسسة تحترم التعددية، وجذب أفضل المهارات للعمل في قوات الدفاع.

الخطة شملت أيضا مبادرات لزيادة تمثيل النساء، السكان الأصليين، ذوي الاحتياجات الخاصة والمثليين. وفي عام 2017 بدأت القوات المسلحة حملة إعلانية ظهر فيها الموسوي وأمه لجذب القادمين من الشرق الأوسط، الصين، الهند، فيتنام وماليزيا للانخراط في صفوفها.
Flight Lieutenant Vivienne Clark
Flight Lieutenant Vivienne Clark Source: ADF
حالياً تصل نسبة الأستراليين المتحدرين من لغات وثقافات متنوعة في القوات المسلحة الأسترالية إلى 25% من إجمالي عدد القوات، طبقا لتصريح المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الأسترالية لأس بي أس عربي 24، هذه النسبة تشمل العرب أيضاً إلا أن المتحدث الرسمي أكد عدم وجود إحصاء لعدد العرب الذين ينخرطون في الخدمة، أما بالنسبة لقادة أسلحة الجيش يقول المتحدث الرسمي أن أكثر من 12% من القيادات الشابة هم من الأستراليين المتحدرين من لغات وثقافات متنوعة، ومنهم العرب.  

يعمل الرائد مهدي الموسوي حاليا في وحدة طائرات الهليكوبتر من طراز شينوك أمريكية الصنع، حيث يقدم المساعدة والدعم الهندسي لأطقم الطائرات ذات الشكل المميز والتي تستخدم في نقل المعدات والأفراد، بالنسبة للموسوي كانت بداية التحاقه بقوات الدفاع فترة محفوفة بالخوف والقلق من عدم الاندماج بين أقرانه لعدة أسباب: "أولا لم أكن مدركاً لما أقحمت نفسي فيه، ثانياً: الخلفية التي جئت منها كلبناني وعلى وجه التحديد كمسلم، افترضت أن الأمر سيكونُ مختلفاً، لكن في الحقيقة لم يكن الأمر كذلك."

يقول الموسوي إن الجيش الأسترالي يحترمه، ويحترم دينه وقيمه، ويساعده على الحياة والعمل محافظاً على دينه وقيمه، يضرب الموسوي مثالا على ذلك بأنه حين يطلب استراحة للصلاة تتفهم المؤسسة طلبه وتساعده على تنفيذه دون جعله يشعر بأي حرج، أما في شهر رمضان الذي تختلف فيه مواعيد تناول الطعام عن المواعيد الصارمة لتناول الفطور والغذاء والعشاء في الجيش يقول الموسوي: "في شهر رمضان دائما ما يعدون طعامي بعد سؤالي عن نوع الطعام الذي أود تناوله، وعن كمية الطعام، ثم يمكن لي التوجه لقاعة الطعام في مواعيد مبكرة لتناول السحور أو في وقت متأخر لتناول الإفطار."
an advertisement for the Royal Australian Army depicting the modern woman soldier
An advertisement for the Royal Australian Army depicting the modern woman soldier. Source: AAP
الوصول لأصحاب المهارات المختلفة

قضى الرائد بيتر سكوت عشرون عاماً في العمل في قوات الدفاع الأسترالية، ستة أعوام منها كمتخصص في تجنيد العناصر المستجدة، ومع رغبة القوات المسلحة في تنويع عناصرها البشرية،  يبحث سكوت الآن عن هذه العناصر من خلال الذهاب لمناسبات الجالية العربية، وللمدارس الثانوية، ولمنتديات التوظيف، وهناك يعمل الرائد سكوت على توضيح أن العمل في الجيش الأسترالي متاح للجالية العربية.

يعمل سكوت على إزالة بعض المفاهييم الخاطئة من ذهن أبناء الجالية العربية، ففي زيارة لمدرسة بها طلبة من أصول عراقية قال بعض الطلبة إنهم يودون العمل في القوات المسلحة لكن "لن يسمح لي بذلك" بسبب أصوله العربية، يوضح لهم سكوت أنهم يستطيعون بالقطع العمل في الجيش مثل أي مواطن أسترالي، ويضيف سكوت : "فاجأهم الأمر (أنهم يمكنهم الانضمام لقوات الدفاع الأسترالية). في بعض الأحيان يحدّ (الأشخاص) من الفرص المتاحة لهم بأنفسهم بسبب أفكارهم، ونحن نحاول أن نشرح لهم أن للجميع فرص متكافئة في قوات الدفاع الأسترالية."
An Australian Army soldier coaches Iraqi Security Forces.
Australian and New Zealand soldiers have trained more than 30,000 Iraqi troops to fight IS. (AAP) Source: Supplied
خلال عقدين من العمل في قوات الدفاع رأى الرائد سكوت الميزة التي يقدمها القادمون من ثقافات مختلفة للجيش الأسترالي وهي "التفكير بطريقة مختلفة" هذه الميزة تؤدي لتقديم ما يصفه "بالحلول الرائعة" لمشاكل استعصت على الحل سابقاً، لكن هذه ليست الميزة الوحيدة كما يقول سكوت: "كان يجب (للقوات الأسترالية) أن تذهب للعراق عام 2015، سألنا أفراد القوات، وكان هناك أفراد في قوات الدفاع الأسترالية ولدوا في العراق، واتضح أنهم يتحدثون اللغة، وتمكنوا من استخدام اللغة في إتمام مهمة تدريب قوات الأمن العراقية، هذا مثال واضح لتمكنهم من استخدام اللغة، لكن حتى جعلنا أكثر وعياً بثقافة الآخر لنتمكن من مراعاة الثقافات المختلفة هو أمر مفيد للغاية لقوات الدفاع الأسترالية." 

لماذا يسعى الجيش لتنويع عناصره البشرية؟

تركز د.دونا بريدجيز، الباحثة والمحاضرة في جامعة تشارلز سترت بسيدني، عملها على دراسة استرتيجية القوات المسلحة في تنويع عناصرها والمساوة بينهم في البيئة الإدارية والقتالية.

وتقول د. بريدجيز إن القوات المسلحة تعمل مع مجلس حقوق الإنسان لتغيير ثقافة القوات، لحرصهم على تقديم صورة صحيحة في الأذهان: "لأنه عندما يقترف أشخاص من قوات الدفاع عملا متعصباً أو عدائياً ضد بعضهم البعض أو خلال مهامهم، يتم تغطيته بشكل كبير في وسائل الإعلام. ومنذ فضيحة سكايب وهناك اهتمام كبير بقوات الدفاع وهم يحاولون تحسين صورتهم."

فضيحة سكايب – كما تسميها وسائل الإعلام – حدثت في عام 2011 حينما بث أحد الجنود الأستراليين عبر تطبيق سكايب فيديو مباشر لعلاقته الجنسية مع متدربة في الجيش لأصدقائه دون علمها، بعد الحادثة استقالت المتدربة وطالبت القوات المسلحة بتعويض، وطُرد الجندي من القوات المسلحة، وتقول بريدجيز إن الحادثة سببت فضيحة كبيرة وأضفت صورة سلبية على الجيش.  

لكن هذا ليس السبب الوحيد الذي يدفع قوات الدفاع لتنويع عناصرها، طبقاً لتصريح د. بريدجيز، فقد بدأت جهود القوات المسلحة الأسترالية لتنويع عناصرها البشرية بدراسات مكثفة في بداية التسعينات من القرن الماضي، كان البحث منصباً على كيفية بناء قوات متناغمة بالرغم من قدوم أفرادها من خلفيات ثقافية متنوعة، أو من النساء، أو من السكان الأصليين، كيف يمكن دمجهم وجعلهم يشعرون أنهم جزء من القوات وإقناعهم بالبقاء في وظائفهم؟

حل هذه المعضلة في رأي د.بريدجيز هو : "يجب توفير التدريب، وهنا يمكنك استخدام أفراد كسفراء للتعددية في القوات الأسترالية، لكن ذلك سيتطلب قيادة قوية، وتطبيق القواعد (الجديدة)، يجب أن يكون هناك عواقب للأشخاص الذين لا يستجيبون للقواعد الجديدة (..) ويجب أن تظهر القيادات كيفية تطبيق التعددية، كيفية العمل معاً وكأننا قادمون من ثقافة واحدة رغم أن الواقع عكس ذلك."


شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand