طبيب للصحة النفسية: "لم أجد عملا في الدول العربية بسبب هويتي والبلد الذي درست فيه"

Dr. Mahmoud Abu-Arab

طبيب الصحة النفسية محمود أبو عرب Source: Dr. Mahmoud Abu-Arab

أستاذ الصحة النفسية، الدكتور محمود أبوعرب يصف المواطن الأسترالي بأنه "إنسان سعيد"، فهذه البلاد كما يصفها السياسيون بلد المحظوظين.


 أناديكم، أشدُّ على أياديكم

أبوس الأرض تحت نعالكم، وأقول: أفديكم

وأهديكم ضيا عيني ودفء القلب أعطيكم

فمأساتي التي أحيا نصيبي من مآسيكم

أناديكم … أشد على أياديكم

لعل هذه الأبيات من قصيدة الشاعر الفلسطيني توفيق زيّاد الذي عاش في الداخل المحتل من فلسطين عام 1948 تعبر عن جزء من معاناة  قصة هجرة ضيف أس بي أس عربي24، أستاذ الصحة النفسية، الدكتور محمود أبوعرب. وينحدر الدكتور أبو عرب تحديدا من أراض الجليل شمال فلسطين، قرية شِعب التي تنتمي للداخل المحتل عام 1948.


 النقاط الرئيسية:

  • أول سنتين صعبة على المهاجر لأنه يخسر مايسمى برأس ماله الاجتماعي في بلده الأم
  • لم يكن أحد في استقباله في المطار لأنه لايعرف أحدا في استراليا
  • الفلسطيني حياته مواكبة للهجرة
Dr. Mahmoud Abu-Arab
Dr. Mahmoud Abu-Arab - Why I migrated to Australia? Source: Dr. Mahmoud Abu-Arab
هاجر الدكتور ابوعرب عام 1988 إلى استراليا بعد رحلة طويلة من المعاناة والمحاولات الحثيثة ليجد عملا في فلسطين أو الدول العربية وغيرها و لم يحالفه الحظ بسبب هويته أولا، و لأنه تخرج من إحدى الدول الإشتراكية في ذلك الحين. فقرر الهجرة إلى استراليا بعد هجرة سابقة إلى تشيكوسلوفاكي
أنا فلسطيني وحياة الفلسطيني مواكبة للهجرة.
ونحن نقلب صفحات الذاكرة مع الدكتور أبوعرب، عاد بذاكرته إلى الوراء قائلا: "بعد تخرجي بدرجة الدكتوراه من تشيكوسلوفاكيا في ذلك الحين، عدت إلى فلسطين لأقدم شهاداتي للعمل وبقيت مدة طويلة ترفض طلبات توظيفي بحجة أنني خريج دولة إشتراكية في ذلك الحين وبحجة أنني قد أكون أنتمي للحزب الشيوعي."
وكباقي أبناء الداخل المحتل من أراضي الـ 48، تقدمت بطلب لتوظيفي في الجامعات العبرية وكان يتم رفضي بحكم أنني عربي، وجميع الدول العربية ترفض طلباتي لنفس السببين السابقين، لذلك قررت الهجرة إلى استراليا عام 1988.
Dr. Mahmoud Abu-Arab
Dr. Mahmoud Abu-Arab speaks to SBS Arabic24 Source: Dr. Mahmoud Abu-Arab
وصل إلى سيدني في ذكرى يوم ميلاده محملا بالأمل في محاولة جديدة للاستقرار في بلد جديد.

"وصلت إلى مطار سيدني ولم يكن هناك أحد في استقبالي، لم أعرف أحدا هنا. كان مطار سيدني حينها حزينا باردا وليس جميلا".

استأجر الدكتور أبوعرب غرفة في أحد الفنادق في مدينة سيدني والذي هدم وقامت مكانه مبان حديثة الآن.  وبدأ التجوال في مدينة سيدني استعدادا لترتيب أوراقه للبحث عن عمل. وبالصدفة التقى بإحدى السيدات اللبنانيات في إحدى المكتبات، التي عرفته على أخيها الذي أخذه ليعرفه على أفراد من الجالية الفلسطينية.

رحلة البحث عن العمل و الاستقرار

"من حسن حظي أنني تقدمت في البداية إلى مؤسسة TAFE  لتعلم اللغة الانجليزية، و بعد أن تعرفوا على مؤهلاتي وحملي لشهادة الدكتوراه في علم النفس وإجادتي اللغة العربية طلبوا مني العمل معهم بوظيفة دوام جزئي، الى أن شعر بالاستقرار".

"أحضرت عائلتي، واستمريت بالعمل معهم 16 عاما."
Dr. Mahmoud Abu-Arab
الكتور محمود أبو عرب يروي قصة هجرته عبر SBS Arabic24 Source: Dr. Mahmoud Abu-Arab
ولكن مع كثرة الالتزامات ومتطلبات الحياة، اضطر الدكتور أبوعرب إلى البحث عن عمل آخر، وفي أكثر من وظيفىة إلى ان استقل لاحقا في عمله الخاص كمتخصص في الصحة النفسية.
وعن الهجرة ومصاعبها بالنسبة له، قال الدكتور أبوعرب:"أنا فلسطيني و الهجرة اصبحت مواكبة للفلسطيني وتعود عليها، لذلك لم اشعر بالصدمة عند وصولي إلى استراليا وأقلمت نفسي على الواقع الذي أعيش فيه."

"كما يقول المثل الفلسطيني الشعبي"الخد معود على اللط"، أي أن الفلسطيني تعود على الأزمات والصدمات فلابد له أن يتأقلم مع أي ظرف".

وأضاف أنه شعر بالاستقرار بعد سنتين موضحا أن السنتين الأوليين هي أصعب سنتين على المهاجر، لأنه عند هجرته "يخسر ما يسمى برأس ماله الاجتماعي في بلده الأم".
وعن الجالية العربية في سيدني ايام الثمانينيات قال: "كانت ناجحة وأفضل بكثير من الآن رغم أن هناك محاولات حاليا لتحسين الوضع لكن زمان أفضل".

وأكمل قائلا أن سيدني في الثمانينيات كانت مدينة هادئة بسيطة بيوتها متواضعة مبنية من "الفايبر" أما الآن فهي مدينة حضارية عالية الطراز في تطورها.

وكطبيب في علم النفس والصحة النفسية وصف الدكتور أبوعرب المواطن الأسترالي بأنه "إنسان سعيد"، فهذه البلاد كما يصفها السياسيون بلد المحظوظين.
Dr. Mahmoud Abu-Arab
Dr. Mahmoud Abu-Arab Source: Dr. Mahmoud Abu-Arab
وبعد هذه المدة الطويلة من الحياة المهنية والعائلية الممتدة في استراليا، يوضح الدكتور أبوعرب أنه شعر أنه استرالي عند حصوله على الجواز الاسترالي.

ويصف تلك اللحظة: "كان يوما مميزا و سعادتي غامرة خاصة أنني فلسطيني ووضعي مختلف عن الآخرين من العرب فجميعهم لديهم بلدهم الام ومرجعيتهم وجواز سفرهم ووطن، لكن بالنسبة لي فهذا الجواز كان نقطة انطلاق لجميع أنحاء العالم بلا استثناء".

وعند سؤالنا له، هل لوعاد بك الزمان هل ستهاجر قال:

"سأهاجر فأنا أحب هذه البلاد جدا - أنا أسترالي من أصول فلسطينية".

وحول ماذا سيأخذ للعالم العربي من أستراليا أوضح انه سيأخذ له الحرية وتقبل الآخر. بينما سيأخذ من العالم العربي إلى أستراليا الترابط العائلي والتراحم بين أفراد العائلة.

وينصح الدكتور أبوعرب في آخر اللقاء المهاجر الجديد بضرورة التخطيط جيدا وتعلم اللغة الإنجليزية. 

للاستماع لقصة هجرة أستاذ الصحة النفسية الدكتور محمود ابوعرب، يرجى الضغط على التدوين الصوتي في الأعلى.
أكملوا الحوار عبر حساباتنا على فيسبوك وتويتر وانستغرام. 

توجهوا الآن إلى موقعنا الالكتروني للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.   


شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand