قال الطبيب النفسي د. محمود أبو عرب أن تشخيص المتهمين في قضايا جنائية بأمراض ذهانية قد يؤدي إلى تبرئتهم أمام المحاكم، وضرب مثالاً مرض انفصام الشخصية Schizophrenia والذي يؤدي إلى تعرض المريض لنوبات هلوسة تدفعه للتمسك بمعتقدات مبنية على الوهم ولا تمت للواقع بِصلة.
وأضاف: " يسمع المصاب بهذا المرض أشياءً لا يسمعها الآخرون ويرى كذلك أشياءً غير موجودة (..) كل حواسه تستقبل وتشعر بأشياء غير موجودة."
وتتضمن أعراض هذه الفئة من الأمراض النفسية صعوبات في التفاعل مع الوسط الاجتماعي وخللاً في أداء المهام اليومية وذهب أبو عرب إلى تبسيط المسألة بوصفها "انفصالاً عن الواقع".
وبرزت الحاجة للحديث عن العلاقة بين المسؤولية الجنائية والأمراض النفسية في ضوء تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي اعتبر فيها أن مرتكبي جرائم إطلاق النار العشوائي مرضى نفسيون وذلك بعدما أودت مؤخراً حادثتا إطلاق نار في الولايات المتحدة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بحياة 29 شخصاً خلال أقل من أربع وعشرين ساعة.
ومن وجهة نظر طبية، رفض أبو عرب مضمون تصريحات ترامب وقال إن معظم من يقترفون أفعالاً جرمية يعانون من اضطرابات وأزمات نفسية ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن شروط المرض النفسي تنطبق عليهم وأضاف: "هنالك مواصفات لا بد أن تتوافر في المريض ليتم تشخيصه بالذهان أو انفصام الشخصية أو الكآبة."

Source: SIPA USA
وفي أستراليا، برأت محكمة الشهر الماضي أباً قتل ابنه البالغ من العمر 5 سنوات بعدما تمكن محامو الدفاع من إثبات تشخصيه بانفصام عقلي في عام 2003. وعلّق أبو عرب بالقول أن استغلال الثغرات في النظام القضائي أمر وارد والمحامون يحاولون بشتى الطرق والأساليب إثبات حجة اعتلال الصحة النفسية للمتهم ولكن ذلك لا يتم بسهولة نظراً لتعقيد الإجراءات التي تعمد إليها المحكمة للتثبت من الصحة العقلية للمتهمين.
اقرأ المزيد

قاتل أوهايو قتل أخته قبل ارتكاب المجزرة
ولدى سؤاله عن الطرق الأنسب للتعامل مع الأمراض النفسية التي يشكل فيها المصاب خطراً على حياته وحياة من حوله، قال أبو عرب أنه على الرغم من توفر المؤسسات النفسية في أستراليا إلا أن المشكلة تكمن في عدم قدرة أفراد المجتمع على تحديد الأشخاص المصابين بأمراض نفسية بشكل يسمح بتلقيهم للعلاج المناسب في المستشفيات والمراكز المتخصصة.
وأضاف: "القانون الأسترالي ينص على ضرورة التحفظ على من يشكلون خطراً على أنفسهم وعلى المجتمع في المصحات النفسية."
وانتقد أبو عرب طريقة تعاطي المجتمع مع المرض النفسي ذاكراً المواقف الصعبة التي يجد الآباء أنفسهم فيها عالقين مع أبناء يعانون من أمراض نفسية خطيرة ويرفضون تلقي العلاج.
ويمكن لأي شخص طلب المساعدة من الشرطة في حال شعر بأن أحد أفراد العائلة غير مستقر نفسياً وقد يلحق ضرراً بنفسه أو من حوله بحسب ما أكد أبو عرب: "الشرطة تصطحب المريض إلى المستشفى وتجري له تقييماً وترفع توصيات إلى المحكمة ويقوم القاضي بعد ذلك بالمصادقة عليها أو رفضها."
وفي حال تبين حاجة الشخص إلى علاج، تعيده السلطات إلى المستشفى إلى أن تتحسن حالته ويطلق سراحه بعد ذلك.
ونصح أبو عرب كذلك باللجوء إلى مراكز الصحة النفسية المجتمعية Community Mental Health Australia والتي تقدم خدمات الدعم النفسي في مختلف الولايات والمقاطعات الأسترالية.
استمعوا إلى مقابلة الدكتور محمود أبو عرب في التسجيل الصوتي المرفق بالصورة.




