في استراليا، حيث التنوع الثقافي يخلق فرصا وتحديات في آن واحد، تبرز مبادرات الجالية العربية كجسور تحفظ الهوية وتنقلها إلى الأجيال. ومن بين هذه المبادرات، أطلقت مجموعة من السيدات الليبيات المتطوعات في ملبورن مشروع مدرسة القبس لتعليم اللغة العربية وربط الأطفال بجذورهم.
المشرفة على مشروع مدرسة القبس فتحية بن زقلام تحدثت لـ"أس بي أس عربي" عن الفكرة التي تحولت إلى واقع قبل أكثر من عامين ، مبينة أن البداية كانت متواضعة، مع عشرة أطفال فقط، لكن سرعان ما توسعت لتستقطب عشرات الطلاب من أعمار مختلفة.
فتحية بن زقلام : دعم المتطوعات من جنسيات عربية كان عاملا أساسيا في إنجاح مشروع القبس
وأشارت إلى أن المدرسة وضعت منهجا متدرجا من المستوى الأول حتى الخامس، يراعي قدرات الطلاب، من الحروف والكلمات إلى التعبير والكتابة، ولفتت إلى أن الهدف لا يقتصر على التعليم بل يشمل بناء شخصية متوازنة تحافظ على القيم العربية والإسلامية وتندمج إيجابيا في المجتمع الأسترالي.

واستعرضت الأنشطة المصاحبة، موضحة أن المدرسة لا تقتصر على تدريس اللغة العربية والقرآن، بل تنظم أنشطة يدوية للفتيات مثل التطريز والطبخ وتزيين الكيك، وأنشطة رياضية للأولاد مثل كرة القدم وكرة السلة.
وفصلت قائلة إن هذه التوليفة جعلت المدرسة أكثر جذبا للأطفال، حيث يتعلمون ويلعبون ويكوّنون صداقات جديدة.

فتحية بن زقلام : العقبة الابرز التي تواجهنا اليوم هي محدودية المكان مع تزايد أعداد الطلبة
وأوضحت فتحية أن العقبة الأبرز اليوم تتمثل في المكان المحدود داخل مكتبة صغيرة، وقالت "لم يعد هذا المكان يستوعب الأعداد المتزايدة من الطلاب" وخلصت إلى أن الحاجة ملحّة لتوسعة المساحة أو دعم أكبر من المؤسسات التعليمية والمجتمعية.
وختمت مؤكدة أن "الرهان الحقيقي يكمن في إشراك الأهالي، فوجود الأب والأم في القاعة يعطي طاقة إيجابية للأطفال ويزيد من ارتباطهم باللغة.".
أما السيدة إيناس صالح، فقد أوضحت أن "ما يميز مدرسة القبس عن غيرها هو أن المناهج والخطط الدراسية يتم إعدادها من قبل الأهالي والمعلمات أنفسهم، بما يتناسب مع تجاربهم السابقة وما لاحظوه من صعوبات في مدارس عربية أخرى".
ايناس صالح : نعتمد نهجا تشاركيا في التعليم والحفاظ على تعلم اللغة العربية ضرورة للتمسك بالهوية
وأشارت إلى أن هذا النهج التشاركي جعل الأطفال يتعلمون بسرعة أكبر، وبيّنت أن "مشاركة الأمهات في العملية التعليمية خلقت بيئة فريدة، حيث يشعر الطلاب بالفخر عندما يرون أمهاتهم يجلسن معهم في الصف".

وخلصت إلى أن " الحفاظ على العربية ضرورة لحماية الهوية"، محذرة من أن غيابها سيؤدي إلى ضعف الانتماء وضياع الرابط الثقافي.
وختمت مؤكدة أن رسالتها للأهالي واضحة: "العربية هي لغة الأم، وإذا لم نتحدث بها في البيت فلن يسمعها أطفالنا في الخارج".
يمكنكم الاستماع للتقرير في التدوين الصوتي أعلاه.