بعيدًا عن السؤال التقليدي "من يمثلنا؟"، يطرح الشباب العرب الأستراليون الذين التقتهم أس بي أس عربي سؤالًا عميقًا: "كيف نمثل أنفسنا؟" وهل نملك أدوات تعبيرنا الواعي؟ وهل نعرف كيف ندافع عن قضايانا دون مصادرة آراء الآخرين؟ تلك الأسئلة كانت محور بودكاست "قضايا تهم الشباب"، الذي أتاح مساحة حرة لشباب الجيل الثاني والثالث من أصول عربية وأفريقية ليتحدثوا بصوتهم الحقيقي.
الشباب في هذه الحلقات يدركون أن الصوت وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون مصحوبًا بالحكمة والتوقيت والفهم. في المجتمع الديمقراطي، مؤكدين أن المناصرة ليست مواجهة، بل عملية تراكمية تبني الوعي وتصقل أدوات التأثير.
فيلم "حسن": عدسة فنية على واقع مسكوت عنه
مهاد وعمّار، شابان الأول من أصول صومالية والثاني من أصول هَرارية، قررا مواجهة ظاهرة انحراف بعض الشباب في المجتمع الأسترالي بطريقة مبتكرة تصل إلى مجتمعهم عبر الفن، فأنتجا فيلمًا قصيرًا بعنوان "حسن". لم يكن الفيلم مجرد مشروع إبداعي، بل رسالة اجتماعية تعكس قلقًا حقيقيًا على مستقبل أبناء الجالية الذين قد ينزلقون إلى مسارات خاطئة بفعل غياب التوجيه.
يقول عمّار:
بدأنا بصناعة الأفلام كهواية، لكن أدركنا سريعًا أن بإمكاننا خلق حوار مجتمعي حقيقي.
أما مهاد، شريكه في المشروع وصاحب خلفية أكاديمية في القانون وعلم الجريمة، فرأى في السينما وسيلة إنسانية تسلط الضوء على ظواهر اجتماعية بحاجة إلى إصلاح. شاهدوا فيلم حسن بالضغط على الرابط .
ردود فعل متباينة… وحوار كان مؤجلًا
عُرض الفيلم أمام جمهور متنوّع، وكانت ردود الفعل مزيجًا من الإعجاب، والانتقاد، والتساؤل. الأهالي وجدوا فيه مرآة لما يعانيه أبناؤهم، بينما عبّر شباب كثر عن امتنانهم لوجود من يصغي إليهم أخيرًا. يقول الفريق إن كل رد فعل كان ضروريًا، لأنه دلّ على أن الفيلم لم يمر مرور الكرام، بل حرّك المياه الراكدة.
من الشاشة إلى الواقع: تمكين الشباب بالفن
بعد نجاح "حسن"، يستعد الفريق لإنتاج فيلم جديد، وتنظيم ورش عمل لتمكين الشباب من استخدام الفن كوسيلة للتعبير والمناصرة. يقول عمّار: "نبحث عن شركاء من داخل المجتمع لتمويل المشروع، ونؤمن أن القصص الصادقة تفتح الأبواب".
أما مهاد، فيوجه رسالة مباشرة إلى الشباب:
لا تنتظروا المنصة المثالية. ابدأوا بما تملكونه. ثقافتنا المزدوجة قوة، وليست ضعفًا

هنادة غزالة صوت الشباب في التوعية لحياة إنجابية سعيدة
"جنين": حين تتحوّل المعرفة إلى محتوى
هنادة غزالة، شابة أسترالية من أصول مصرية، قررت أن تسلط الضوء على قضية مسكوت عنها: الصحة الإنجابية. جاءت من خلفية علمية متخصصة في مختبرات التلقيح الاصطناعي، لتنتقل إلى شاشات الهواتف الذكية - كأداة تخاطب أبناء هذا الجيل- عبر صفحة "جنين"، تمكنت عبرها هنادة من تبسيط المفاهيم الطبية عبر محتوى تثقيفي مرح مبهج بلغة حيوية تناسب جيل المهاجرين العرب من الجيل الثاني عبر منصتها على الإنستغرام.
رغم التحديات المجتمعية، تواصل هنادة مهمتها بنجاح ملحوظ. تقول: "التغيير لا يبدأ من الأفكار العظيمة فقط، بل من الأصوات الصادقة التي تعبّر عما يشعر به الآخرون بصمت".

محمد المصري صوت الأستراليين العرب عبر السياسة
محمد المصري: وجه شاب في المشهد السياسي
في انتخابات 2025، يترشح محمد المصري، شاب أسترالي من الجيل الثاني للعرب عن دائرة ملبورن. ترشيحه ليس فقط خطوة سياسية، بل رمزية، تعني أن الجالية الأسترالية العربية بدأت تقترب من طاولة التأثير لا فقط من مقاعد الانتظار بل في صنع القرار.
إحصاءات تؤكد: الشباب يريدون أن يُسمَع صوتهم
وفقًا لاستطلاع أجرته Mission Australia عام 2024، شارك أكثر من 17 ألف شاب في التعبير عن مخاوفهم وآمالهم. كما جمع تقرير الأمم المتحدة للشباب الأسترالي أكثر من 2000 وجهة نظر شبابية حول قضايا مناخية، وهوية، وتعليم، وحقوق إنسان. هذه الأرقام تؤكد أن الشباب يريدون ما هو أكثر من التمثيل؛ يريدون أن يكونوا شركاء في القرار.
أسئلة المستقبل: هل نمنحهم الأدوات ليكونوا شركاء لا توابع؟
من صناعة الأفلام، إلى العمل السياسي، إلى التوعية الطبية، يقود شباب المجتمع الأسترالي العربي أستراليا حراكًا صاعدًا يحمل قيمًا إنسانية، ورؤية مستقبلية. لكن السؤال الذي يبقى مفتوحًا أمام المجتمع بمؤسساته وأفراده هو:
- هل نحن نعدّ هذا الجيل كما يجب؟
- وهل نمنحه الأدوات التي تمكّنه من التأثير؟
- وهل نراه كما هو: شريكًا في صنع الحاضر، لا مجرد "قائد محتمل" في المستقبل؟
لقد بدأ شبابنا في كتابة فصلهم الخاص في حكاية أستراليا المعاصرة فهل نقرأ معهم؟ أم نكتفي بالمشاهدة؟
هذه الحلقة من بودكاست صوت الشباب من إعداد علاء التميمي، وأشرفت على الإنتاج مرام إسماعيل.
استمعوا إلى بودكاست صوت الشباب | Youth Matters على موقِعنا الالكتروني وعلى جميعِ منصاتِ البودكاست المفضلةْ لديكُم.