في عالم الموسيقى حيث تتقاطع الأصالة مع الحداثة، يبقى الفنان هو من يستطيع أن ينقل تجاربه الشخصية عبر ألحان وكلمات تلامس وجدان الجمهور. مارتن السومري، الفنان الذي ينتمي إلى أصول عراقية ويحمل في صوته بعدًا عربيًا متعدد اللهجات، يواصل رحلته الفنية بشغف وإصرار، مقدمًا أعمالًا تنضح بالصدق والطموح.
عاد مارتن مؤخرًا إلى جمهوره بأغنيتين تحملان معانٍ مختلفة ولكن متكاملة، هما "شو بيمنع" باللهجة اللبنانية، و"حلم" باللهجة العراقية. الأغنيتان تمثلان منعطفًا مهمًا في مسيرته الفنية، حيث تجسدان قدرته على التنقل بين لهجات ولهجات متعددة، مما يتيح له أن يصل إلى جمهور واسع في الوطن العربي وخارجه.
أغنية "حلم" هي أغنية عراقية مكتملة، سجلها مارتن في بغداد، وتُعتبر واحدة من أبرز أعماله العاطفية والشخصية. يصف مارتن هذه الأغنية بأنها تعكس طموحاته وأحلامه العميقة، ويعبر من خلالها عن جزء كبير من هويته الفنية. يقول مارتن:
أغنية 'حلم' سجلت في بغداد وهي أغنية مكتملة، وأشعر بحبي الكبير للعمل والطاقة الإيجابية التي أحصل عليها عندما أسجل في استوديوهات الشرق الأوسط، مقارنة بما هو موجود في أستراليا.
هذه الكلمات تعكس ارتباطه العميق بجذوره العربية، ورغبته في أن يكون صوته حاضرًا في كل مكان يلمس الثقافة والهوية.
أما أغنية "شو بيمنع" فهي تعبير عن التعددية الفنية التي يتحلى بها مارتن، حيث يغني باللهجة اللبنانية ليؤكد قدرته على التنقل بين اللهجات بسهولة، مستفيدًا من دراسته في لبنان وتجاربه الشخصية.
يشرح مارتن:
ه
ذه الأغنية ليست أول عمل لبناني لي، والغرض منها أن أثبت للجمهور أنني قادر على الغناء بجميع اللهجات العربية. أريد أن أوصل صوتي لكل المستمعين العرب.
ولكن رحلته الفنية لم تكن خالية من التحديات، إذ أنه يعمل باستقلالية كاملة، حيث يتولى إنتاج أغانيه بنفسه، مما يضع عليه ضغطًا مضاعفًا. يعبر مارتن عن ذلك قائلاً:
أنا أباشر عملي بنفسي، وأحصد ما زرعت. أغني في أستراليا وخارجها، وأحرص على الجودة والنوعية. أصف هذا الجهد بأنه مثل المزارع الذي يزرع ويحصد بنفسه.
على الرغم من بعده عن قلب الساحة الفنية العربية، يظل مارتن متواصلًا مع جمهوره عبر منصات التواصل الاجتماعي، معترفًا بأن تحدي الوصول إلى الجمهور في البلدان العربية أكبر من أستراليا. ولكنه لا يستسلم، ويؤمن بأن الفن رسالة لا يجب أن تقيدها المسافات.
يتطلع مارتن أيضًا إلى مستقبل مشرق، مع أمال كبيرة في التعاون مع أسماء كبيرة في الساحة الفنية العربية إذا ما وجهت له عروضا من قبلهم. يعبر عن ذلك قائلاً:
أتمنى المشاركة في ديو مع ملحم زين أو آدم أو رامي صبري أو يسرى محنوش، وهالة القصير وغيرهم. هناك العديد من الفنانين الرائعين الذين أطمح للعمل معهم.
هذا الطموح يشير إلى رغبته في توسيع آفاقه الفنية والانخراط في تجارب مشتركة تثري مسيرته.
إضافة إلى ذلك، يشارك مارتن في الأعمال الخيرية من خلال تنظيم حفلات خاصة يعود ريعها إلى مستشفيات السرطان، ما يبرز جانبه الإنساني وحبه لإحداث فرق إيجابي في مجتمعه.
وعن تطور صوته وأسلوبه، يشير مارتن إلى أن التحديات التي تواجه الفنانين المستقلين كثيرة، خاصة مع قلة الدعم من شركات الإنتاج التي تفرض شروطًا صارمة. لذلك فهو يسعى للحفاظ على استقلاليته الفنية وضمان جودة أعماله بعيدًا عن ضغوطات السوق التجارية.
في النهاية، يظل مارتن السومري صوتًا مميزًا يجمع بين الطموح والهوية، بين الجذور العربية والحداثة العالمية، ويرسم لنفسه طريقًا خاصًا في عالم الموسيقى، مستفيدًا من كل تجربة، ومتطلعًا إلى آفاق جديدة تعكس رؤيته الفنية المتجددة.