في نيويورك اسم فلسطين يصدح: كيف يرسم هذا الاعتراف خطوة نحو العدالة؟ السفيرة لدى الاتحاد الأوروبي تجيب

Media (15).jpg

Dr. Amal Jadou, Ambassador of Palestine to Belgium, Luxembourg, and the European Union, speaks with Petra Taok about the historic moment of the recognition of Palestinian statehood.

تقف عند لحظة تاريخية تمثل استيقاظ ضمير الشعوب، تختلط فيها المشاعر لتقول كل ما يريده شعبي هو "حقّه في تقرير مصيره فنحن طلاب عدالة وسلام". فيما أكد نتنياهو انه لن تكون هناك دولة فلسطينية، كيف تواكب أول سفيرة لدولة فلسطين لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي ولوكسمبيرغ، هذه اللحظة التاريخية التي تكلل ثمانين سنة من النضال؟ وماذا بعد هذه اللحظة الأكثر من رمزية بالنسبة للضمير العالمي و لفلسطين كما ناداها رئيس الوزراء أنتوني البانيزي؟


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

 على بعد خمسة وسبعين عام من اعتراف المملكة المتحدة بدولة إسرائيل، أتى اعتراف الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر من قبل المملكة ومعها استراليا وكندا وغيرها من الدول ليرسم لحظة تاريخية ومفصلية في مسار حل الدولتين.



ستشهد قاعة الأمم المتحدة على لحظة تاريخية وان معنوية غير ملزمة، في خطوة مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا الاعتراف جاء كإحياء لبارقة أمل بالسلام بين الطرفين، في خطوة تحمل اعترافًا صارخًا بمعاناة ملايين الفلسطينيين.

في خطوة دبلوماسية محسوبة، اشترط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة قبل أي خطوة نحو إقامة سفارة فرنسية في فلسطين.


وفي نفس السياق، أكد كير ستارمر أن حركة حماس لا يمكن أن يكون لها أي دور في مستقبل قطاع غزة، في إشارة واضحة إلى رفض المجتمع الدولي لدور التنظيمات المسلحة في السياسة الفلسطينية.

 لكن في المقابل، تعتبر إسرائيل هذا الاعتراف بمثابة "مكافأة للإرهاب"، كما صرح وزير خارجيتها، في حين أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إقامة دولة فلسطينية أمر لن يتم في ظل الظروف الراهنة "لن تكون هناك دولة فلسطينية والرد على الاعتراف بها سيأتي حين اعود من الولايات المتحدة" وأضاف نتنياهو أن الرد الإسرائيلي على هذا الاعتراف سيُعلن بعد عودته من زيارته للولايات المتحدة، موجهًا تحذيرًا مباشرًا للقادة الذين قدموا اعترافهم: "أنتم تكافئون الإرهاب بعد مجزرة 7 أكتوبر."
 

الاعتراف بفلسطين: لحظة تاريخية أم فرصة ضائعة؟

في ظل أجواء مشحونة بالألم والدمار الذي خلفته الحرب على غزة، تبرز لحظة الاعتراف المتصاعد بدولة فلسطين بوصفها مفصلًا تاريخيًا قد يعيد ترتيب الأولويات السياسية الدولية. هذا ما أكدته الدكتورة أمل جادو، أول سفيرة لدولة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي، خلال لقائها مع برنامج "صباح الخير استراليا" من بروكسل، واصفة اللحظة بأنها "تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، إذ تتقاطع فيها مشاعر الحزن مع أملٍ مرتجى في يقظة ضمير العالم.

تقول د. جادو:

هي لحظة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تختلط فيها مشاعر الحزن على الإبادة الجماعية في غزة، مع بصيص أمل بأن ضمير العالم بدأ يستيقظ


من رمزية الاعتراف إلى الواقعية السياسية

 تعتبر جادو أن الاعتراف المتزايد بفلسطين من قبل 160 دولة لا يمثل فقط دعمًا معنويًا، بل خطوة قانونية وسياسية على طريق إقامة الدولة الفلسطينية. غير أن هذا الاعتراف، في ظل ما تبقى من الأرض الفلسطينية، يطرح تساؤلات حقيقية: أي فلسطين نعترف بها اليوم؟ فمع تآكل حدود 1967 بفعل الاستيطان، والحصار، والانقسام، يصبح الاعتراف تحديًا في ذاته، يتطلب أكثر من مجرد بيانات دعم، بل ترجمة عملية على الأرض.

تقول جادو:
ما يجري هو فشل للمنظومة الدولية ونعم ان الضحية هو الشعب الفلسطيني

ولكن الفشل سيمسّ كل دولة، يعني اليوم ما هو الضامن في غياب القانون الدولي أن تتعرض أي دولة اخرى لما تتعرض له فلسطين".

وصفت د. جادو الموجة الأخيرة من الاعترافات الدولية بأنها ليست مجرد رمزية، بل خطوة جادة نحو تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض، مستندة إلى قرارات الشرعية الدولية، خصوصًا حدود 1967.

لا يمكن السماح لإرادة دولة محتلة أن تكون فوق القانون الدولي. الاعتراف ليس نهاية، بل بداية لمسار سياسي يجب أن يؤدي إلى إنهاء الاحتلال

وأضافت أن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين وصل إلى 160 دولة، ما يعادل نحو 88% من أعضاء المجتمع الدولي، معتبرة أن هذا الرقم يجب أن يترجم إلى إجراءات ملموسة ضد الاحتلال.

 
الاتحاد الأوروبي: من الاعتراف إلى الأفعال

أشارت سفيرة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي إلى أن هناك حراكًا جادًا داخل الاتحاد الأوروبي من أجل تجميد اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، بسبب انتهاكها المادة الثانية من الاتفاقية، والتي تنص على احترام حقوق الإنسان.
توضح جادو:
 
اعتراف عدد كبير من دول الاتحاد الاوروبي في هذه الفترة بالدولة الفلسطينية امر مهم جداً

"هناك اقتراحات تشمل وقف تصدير السلاح، تجميد العلاقات التجارية، وفرض ضرائب على منتجات المستوطنات."

كما لفتت إلى أن المفوضية الأوروبية، عبر خطاب رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، وضعت هذه الاقتراحات على الطاولة، وأكدت وجود نقاشات معمقة داخل مجلس وزراء خارجية الاتحاد.

 السلطة الفلسطينية بين التمثيل والشرعية

رغم أنها الجهة المعترف بها دوليًا، تواجه السلطة الفلسطينية أزمة عميقة في الشرعية. منع الوفد الفلسطيني، بقيادة الرئيس محمود عباس، من دخول الولايات المتحدة لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، تزامن مع مشهد تفاوضي يدور فعليًا بين إسرائيل وحماس بعد السابع من أكتوبر. في هذا السياق، يُطرح سؤال جوهري: هل ما زالت السلطة تمثل الفلسطينيين؟ فمع غياب الانتخابات والتداول السلمي للسلطة، وانعدام السيطرة الفعلية على الأرض، يصبح الحديث عن تمثيل شامل للشعب الفلسطيني موضع جدل.


هذا وأشادت جادو بالدور العربي والدولي، سيما المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية في الدفع نحو حل سياسي، مؤكدة على ضرورة أن "يواكب الاعتراف خطوات سياسية عملية."

كما تطرقت إلى أهمية الاعترافات من دول أنجلوساكسونية ككندا، أستراليا، والمملكة المتحدة، لكونها حليفة تقليدية للولايات المتحدة.

اعتراف المملكة المتحدة هو تصحيح لخطأ تاريخي ارتُكب قبل أكثر من مئة عام بوعد بلفور

الطريق الدبلوماسي: بين المبادئ والفيتو الأمريكي

 تؤكد جادو أن الاتحاد الأوروبي، رغم تباين مواقف دوله، لا يزال ملتزمًا برؤية إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة. لكن في ظل استخدام الولايات المتحدة المتكرر لحق النقض (الفيتو) لإجهاض أي قرار يدين الاحتلال أو يطالب بوقف الحرب، فإن الحديث عن "المجتمع الدولي" يبدو في أحيان كثيرة وكأنه مجرد غطاء لتحالفات سياسية لا تخضع للعدالة، بل للمصالح.

ومع ذلك، تشير تصريحات مثل تلك الصادرة عن وزير الاقتصاد الإسباني حول توقعه تشكيل "أغلبية مؤهلة" في الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إسرائيل، إلى إمكانية تحوّل المواقف الرمزية إلى أدوات ضغط فعلي.

 بين مطرقة الاحتلال وسندان الانقسام

لا تخفي جادو الواقع المعقد، حيث يقف الشعب الفلسطيني بين تطرفين: اليمين الإسرائيلي المتطرف من جهة، وحركة حماس التي تفرض سلطتها بالقوة في غزة من جهة أخرى. في هذا السياق، يبدو "حل الدولتين" أكثر هشاشة من أي وقت مضى، خاصة مع اشتراط بعض الأطراف "القضاء الكامل على حماس" قبل الاعتراف بأي كيان فلسطيني. فهل هذا الشرط قابل للتطبيق، أم أنه ذريعة لتأجيل الاعتراف إلى ما لا نهاية؟

ورداً على سؤال حول الوقوع بين أيديولوجيتين متطرفتين – اليمين الإسرائيلي وحماس، شددت السفيرة على أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الشرعية الوحيدة القادرة على إدارة الدولة الفلسطينية اذ تقول"

الرسالة واضحة، السلطة هي التي ستقود المرحلة المقبلة، مع إجراء انتخابات ليختار الشعب قيادته بعد الاستقرار

 

صوت يُراد له أن يُقمع

في خطوة أثارت استياءً واسعًا، كشفت د. جادو أن الوفد الفلسطيني، وعلى رأسه الرئيس محمود عباس، قد رُفضت تأشيرة دخوله للولايات المتحدة لحضور اجتماعات الأمم المتحدة.

"كما يُمنع الصحفيون من نقل الحقيقة في غزة، يُمنع صوت فلسطين من الحضور في الأمم المتحدة."

رغم ذلك، أكدت أن فلسطين ستكون حاضرة، حيث سيلقي الرئيس عباس كلمة في مؤتمر دولي برعاية السعودية وفرنسا، بالإضافة إلى كلمته الرسمية في الجمعية العامة.
 

الدور الأخلاقي للمجتمع الدولي

في ظل المواقف المتباينة، برزت بعض الأصوات الغربية التي اعتُبرت أكثر توازنًا. رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، عبّر عن موقف أخلاقي في مواجهة كارثة إنسانية، بعيدًا عن مناورات السياسة. كما أن موقف فرنسا والسعودية في الدفع نحو مؤتمر دولي يُعدّ محاولة لإعادة القضية الفلسطينية إلى مسارها السياسي، بعد أن خُطفت من أيدي الشرعية.

 ما بعد الاعتراف؟

 
الاعتراف بدولة فلسطين، رغم كونه لحظة فارقة، لا يكفي وحده لتغيير الواقع ما لم يتبعه ضغط دولي سياسي واقتصادي لإنهاء الاحتلال، ودعم فلسطيني داخلي لإنهاء الانقسام وإجراء انتخابات تمثل تطلعات الشعب. كما أن المجتمع الدولي، إذا أراد الحفاظ على الحد الأدنى من مصداقيته، عليه أن يتجاوز "الحياد الكاذب"، ويتخذ مواقف فعلية أمام ما وصفته الأمم المتحدة نفسها بأنه "إبادة جماعية" في غزة.

اختتمت د. جادو حديثها بكلمة شكر لجميع الشعوب، خاصة الشعب الأسترالي، الذي دعم الاعتراف بدولة فلسطين:

"لكل من خرج في مسيرة أو كتب أو احتج أو نظم حملة دعماً لفلسطين، باسم كل طفل وامرأة وشاب فلسطيني نعاني، نقول: لقد سمعتم، ورأيتم، وأثرتم التغيير"،

الاعتراف ليس نهاية... بل بداية لمسار سياسي يجب أن يؤدي إلى إنهاء الاحتلال
هذا وتنفي اسرائيل ارتكابها لأي أعمال إبادة جماعية او سياسية تجويع.

هل يمكن أن تتطور المواقف من اعترافات رمزية بدولة فلسطينية إلى خطوات أكثر تأثيرًا مثل فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل؟

 الإجابة في الملف الصوتيّ أعلاه.

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

 

استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل  وأندرويد.وعلى القناة 304 التلفزيونية.

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على فيسبوك وانستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

 

 

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand