القانون الانتخابي الحالي، الذي أُقر عام 2017 واعتمد النظام النسبي وتقسيم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، سمح للمغتربين لأول مرة بالمشاركة في التصويت خلال انتخابات 2018. وفي انتخابات 2022، جرى الحديث عن تخصيص ستة مقاعد للمغتربين، إلا أنّ هذا البند أُلغي لاحقًا قبل تنفيذه، ما أعاد فتح النقاش حول جدّية الدولة في إشراك هذه الفئة من المواطنين في الحياة السياسية.
ويُقدّر عدد اللبنانيين من أصل لبناني في العالم بحوالى 16 مليونًا، أي نحو أربعة أضعاف عدد المقيمين في لبنان، لكن عدد المسجّلين فعليًا للمشاركة في الانتخابات لم يتجاوز 225 ألفًا، أي ما يقارب 10% فقط.
ومع ذلك، فإن تأثيرهم السياسي المحتمل يشكّل مصدر قلق حقيقي لبعض القوى السياسية التقليدية، التي تخشى من أن يُحدث تصويت المغتربين تغييرًا في ميزان القوى المعروف.
في حال البقاء على مقترح المقاعد الست، سيتم خلق دائرة انتخابية افتراضية لكل العالم ما عدا لبنان. كيف ستُدار الحملات الانتخابية؟ أمر صعب وشبه مستحيل.المحلل السياسي في بيروت علي مراد
وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي علي مراد: "هنالك عدد من القوى السياسية لا تقبل هذا القانون. بداية التيار الوطني الحر، وتحديدًا زعيم التيار ووزير الخارجية السابق جبران باسيل، هو من هندس فكرة المقاعد الستة للمغتربين. التعديل في 2021 كان استثناء عندما أدلى المغتربون بأصواتهم في دوائرهم الانتخابية."
ويضيف مراد أن الانقسام حول دور الاغتراب لا يقتصر على فريق سياسي دون آخر، موضحًا: "بينما يتمسك التيار بفكرته، هناك أيضًا حزب الله وحركة أمل يرفضان القانون لأسباب عديدة، منها تأثير التصويت الاغترابي وعدم قدرة عدد من مؤيدي الحزب على التعبير بأريحية. وعلى الجانب الآخر، هناك قوى سياسية كالقوات اللبنانية وقوى التغيير ومستقلين لديهم حضور واستطاعوا الحصول على عدد من المقاعد بسبب تصويت الاغتراب."
أحد المقترحات المطروحة هو إنشاء دائرة انتخابية عالمية للمغتربين تضم المقاعد الستة، إلا أن مراد يصف هذا النموذج بأنه غير قابل للتطبيق: "في حال البقاء على مقترح المقاعد الست، سيتم خلق دائرة انتخابية افتراضية لكل العالم ما عدا لبنان. كيف ستُدار الحملات الانتخابية؟ أمر صعب وشبه مستحيل. وبالنسبة للتوزيع الطائفي، من سيقرر المقعد الشيعي لأفريقيا؟ وماذا نمنح لأستراليا؟ المبدأ غير قابل للتطبيق."
ويشير مراد إلى أن النقاش القانوني حول هذا الملف خاضع إلى حد كبير لسلطة رئيس مجلس النواب: "من ضمن صلاحيات رئيس مجلس النواب استثناء أي بند من النقاش. هناك 62 نائبًا أيدوا العودة لتصويت المغتربين في كل الدوائر الانتخابية، بينما هناك من يريد حصر كل القوة الاغترابية في ستة مقاعد فقط."
أما من ناحية الأرقام، فيُبيّن مراد أن الرقم الفعلي للبنانيين الذين يحملون الجنسية خارج البلاد لا يتعدى مليون ونصف تقريبًا: "عدد المتحدرين من أصل لبناني في العالم حوالي 16 مليونًا، ولكن من هاجر إلى الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، بالتأكيد ليس لدى أحفاده وأحفاد أحفاده هوية لبنانية. نحن نتحدث هنا عن مليون ونصف المليون لبناني في الخارج، من بينهم 225 ألف شخص تسجّلوا. وعندما توزّعوا على الدوائر الانتخابية، في حال كان مجموع أصوات الدائرة 70 ألفًا و12 ألفًا من الاغتراب، فذلك سيحدث تغييرًا بكل تأكيد."
ويختم مراد بالإشارة إلى تأثير الأزمات الداخلية على تصويت المغتربين: "تصويت الاغتراب منذ 2019 يتأثر بشكل مباشر بالحدث اللبناني، خصوصًا بعد الانهيار الاقتصادي. الأزمة لم تطح بودائع المقيمين فقط، بل بالمغتربين أيضًا. هؤلاء باتوا مسؤولين عن حياة ذويهم وهم معنيون بشكل مباشر."
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.