عملت منى أورفلي بالنظافة والضيافة والطبخ ومساعدة المحتاجين ورعاية المسنين وتعليم اللغة الانجليزية للمهاجرين والترجمة الفورية، بالرغم من أنها حاملة شهادة هندسة الاتصالات من جامعة حلوان في مصر.
ومع ذلك لم تستلم منى لتعسر العثور على عمل في مجالها بعد هجرتها إلى أستراليا في العام 1988.
السيناريو متكرر على مر العقود. تصل المهاجرة الشابة إلى أستراليا باحثةً عن فرص عمل، آملةً في النعم بحياة كريمة، مستبشرةً بالقارة الكبيرة التي تحمل في جوانبها الرخاء والرغد.
ولكن كما قالها المتنبي قبل ألف عام، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
رحلة كفاح والعمل لا ينقطع
بدأت منى بتعلم الانجليزية فور وصولها إلى أستراليا مع AMES وتقدمت في الدورات حتى طلبوا منها المساعدة في تعليم مبادئ اللغة للمهاجرين الجدد من شتى البلدان حول العالم. حتى أن عينوها مترجمة للمهاجرين العرب للمساعدة في نشر الوعي أثناء الأحداث المهمة مثيل كورونا وحرائق الغابات.
وبعدما انتقلت منى إلى منطقة برايبروك، التحقت بشركة تعمل في تقديم خدمات الطعام. عملت في المطبخ كطاهية وتسلمت مهام الشوي في الحفلات والفعاليات الكبرى. المهنة التي قنعت بها لسنوات قبل انتقالها مرةً أخرى.
بارقة أمل
وللمرة الأولى وبعد سنوات من العمل المضني، أتيحت لمنى فرصة بالعمل في شركة اتصالت تصنع كابلات الشبكات الهاتفية والالكترونية وهو ما اعتبرته من صميم دراستها. ولكن لسوء الحظ، الوظيفة الخالية المتاحة كانت لعاملة نظافة.
لم تتردد منى في التقديم ولم تضع الوقت في مراجعة ما إذا كانت الوظيفة تناسب "مقامها" و"بريتسجها". بل انخرطت في العمل وتصادقت مع المهندسين والمهندسات العاملين بالشركة وبعضهم من دفعتها الدراسية في نفس المجال.
وبالرغم من تطابق مستواهم الدراسي واختلاف مهنهم في نفس الشركة إلا أن منى لم تحزن يوماً ولم تشعر بالدونية. بل افتخرت بعملها وأمنت بأنها ستحصل على فرصتها من خلال العمل في المكان الصحيح.
رياحٌ معاكسة وإعادة بناء
ولكن بعيداً عن مجال العملا والبحث عن "أكل العيش" كانت الحياة الزوجية لمنى تنهار يعد 21 عاماً. أدى طلاقها إلى تركها العمل والتركيز على لملمة شتات حياتها المتناثرة.
وجدت نفسي وحدي بدون أهل ولا أبناء ولا عمل
أصيبت منى بالاكتئاب ومع ذلك قررت أن تعيد بناء حياتها من وألا تستلم لواقعها المحبط.
حملت منى ما بيدها من مدخرات وتوجهت إلى المصرف للحصول على قرض. وبمساعدة ودعم من بعض الأشخاص الطيبيين، استطاعت منى شراء شقة، قامت بتوضيبها بنفسها.
وفي أقل من عام باعتعها منى بضعف الثمن وتزوجت في نفس العام واشترت منزلاً لتبدأ حياتها من جديد.
لا انقطاع عن العمل
ومازالت منى تعمل في دار المسنين وتتطوع مع خدمات وهيئات مختلفة تقوم على مساعدة المحتاجين والمشردين.
لا شئ يسعدني أكثر من مساعدة الغير وأن أعلم أن أحدهم بحاجة إلى مساعدتي
وتقول منى إن الفضل الأكبر في قدرتها على التطلع للمستقبل بنظرة إيجابية هو إيمانها القوي، الذي تعتمد عليه أثناء المحن، ليدفعها إلى الأمام موقنةً بأن الله لن يخذلها.
للمزيد عن قصة منى يرجى الاستماع للملف الصوتي أعلاه.





