"منذ بدأ الإغلاق فقد ابني الذي كان يأكل بشكل معتدل شهيته للطعام بشكل كبير مما تسبب في خسارته الكثير من الوزن. عندما رأيته أصبح نحيفا بهذا الشكل توجهت إلى الطبيب للإطمئنان عليه."
النقاط الرئيسية
- شهدت الفترة الماضية ارتفاعا كبيرة في حالات الإصابة بمرض فقدان الشهية نتيجة ظروف الوباء والإغلاق
- الإمتناع عن أو الإفراط في تناول الطعام لدى الأطفال في الأغلب يكون عرضا لمشكلة أكبر تحتاج البحث عنها
- مع الشعور بفقدان السيطرة تناول الطعام من عدمه يصبح مساحة يمارس فيها الأطفال بعض السيطرة على حياتهم
تقول منى وهي أم لطفلين مقيمة في سيدني أنها خلال فترة الإغلاق لاحظت تغير العادات الغذائية لأولادها بشكل كبير حيث تحول كل منهم إلى النقيض.
"ابني الأكبر الذي كان يأكل كميات صغيرة من الطعام بدأ ياكل بشكل أكبر في حين إن العكس حدث لإبني الصغير الذي كان يأكل بشكل معتدل قبل الإغلاق ولكنه فقد شهيته مؤخرا."
اصطحبت منى طفلها إلى الطبيب الذي قام ببعض الفحوصات وطمأنها على صحته.
ولكن عددا ليس بالقليل من الأطفال وأسرهم لم يحصلوا على تطمينات مماثلة بعد أن أصبحت الزيادة الكبيرة في أعداد المصابين بإضطرابات الطعام من الأطفال واقعا يلمسه الأطباء.
تشير الأبحاث التي أجريت في أستراليا إلى أن جائحة الكوفيد قد أثرت سلبًا على اضطرابات الطعام مع زيادة في سلوكيات التقييد والإفراط في الأكل ومحاولة التخلص من الأكل الزائد والتمارين الرياضية القاسية خاصة لدى أولئك الذين يعانون من اضطرابات الطعام.
تقول يارا خضر استشارية الأمراض النفسية والعصبية لدى الأطفال أن فترة الإغلاق شهدت ارتفاعا كبيرا في عدد حالات فقد الشهية العصابي خاصة بين الفتيات.
"كنا في الماضي نرى أعدادا أقل وفي فئة عمرية أكبر. بعد أن كنا نرى تلك الحالات في فتيات بين 15 و16 عاما أصبحنا نراها في فتيات أعمارهن لا تتجاوز ال11 عاما."
تشرح يارا كيف أن تلك الزيادة يمكن تفسيرها من خلال النظر إلى ظروف الحياة التي يشوبها القلق والتوتر في ظل الوباء والإغلاق.
"أصبح الأطفال يشعرون أنهم فقدوا السيطرة على كل جوانب حياتهم فهم لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة أو زيارة أصدقائهم. في هذه الحالة تصبح السيطرة على الطعام محاولة لاستعادة السيطرة على الحياة بشكل عام."
تُظهر بيانات اللجنة الوطنية للصحة العقلية زيادة بنسبة 25 إلى 50 في المائة في عدد الأشخاص الذين يعالجون من اضطرابات الأكل عبر نظام الصحة العامة أثناء وباء الكورونا.
ولكن كيف يمكن التفريق بين التغيرات العابرة في العادات الغذائية وبين اضطرابات الطعام اللي تستدعي تدخلا طبيا.
تقول يارا أن إجابة السؤال تكمن في كيف ينظر الطفل إلى الطعام وإلى جسده.
"الشراهة أو الإمتناع عن الطعام هي مجرد أعراض لمشاعر كامنة يجب التعرف عليها لمعالجة المشكلة التي تكمن في الأغلب في حالة من القلق من البيئة المحيطة."
تشير الأرقام إلى أن الفتيات أكثر عرضة لإضطرابات الطعام من الفتيان.
تعلل يارا ذلك بأن مفاهيم الجمال والمعايير الجسدية القاسية في الأغلب تكون مرتبطة بأجساد الفتيات.
"تبدأ المشكلة عندما تشعر الفتاة أن قيمتها تكمن في جسدها فقط وأن جمالها هو ما يجعلها مهمة. ولقد زادت منصات التواصل الإجتماعي من هذه المشكلة من خلال نشر مفاهيم غير واقعية عن الجمال."
اضطرابات الطعام مثل فقدان الشهية العصابي التي لا تؤخد دائما على محمل الجد لديها أعلى معدل وفيات في أي مرض عقلي وتأتي مع زيادة خطر الانتحار بمقدار 32 ضعفًا.
توضح يارا كيف أن بعض التعليقات العابرة التي قد يظنها البعض غير مؤذية قد تدفع بالأطفال إلى الشعور بالقبح ومعاقبة أجسادهم.
"حماية الأطفال من اضطرابات الطعام تبدأ داخل الأسرة. يجب تجنب التعليق على التغيرات الجسدية لدى الأطفال مثل زيادة الوزن وخاصة لدى المراهقين الذين يمرون بمرحلة تقلبات هرمونية."
التنمر خارج المنزل - بحسب يارا - قد يؤدي إلى نتائج مماثلة حيث أن استخدام كلمات مثل "قبيحة" و"سمينة" لوصف الفتيات قد يدفع بعضهن نحو إضطرابات الطعام.
"الحوار حول طريقة تناول الطعام يجب أن يدور حول أهمية تناول الطعام الصحي وجعل أجسادنا تتمتع بصحة جيدة بدون التركيز على شكل الجسم أو الزيادة في الوزن. على الأسرة أيضا توفير الأطعمة المغذية التي تساعد على المحافظة على الصحة الجسدية وتحسن من الحالة النفسية في نفس الوقت."
منى تقول أنها بجانب حديثها مع أولادها بشكل مستمر عن أهمية الأكل الصحي المفيد لأجسادهم تحاول تشجيعهم على العادات الصحية السليمة من خلال توفير الأكل المغذي الذي يفضلونه.
"تساعد المدرسة أيضا في هذا من خلال توعية الأطفال بأهمية العادات الغذائية السليمة."
تسببت الزيادة الكبيرة في عد كبيرة في كل من التشخيصات الجديدة والانتكاسات في الحالات الموجودة لضغط كبير على النظام الصحي مما ترك بعض المرضى ينتظرون ما بين ثلاثة وستة أشهر لحجز موعدهم الأول.
لهذا السبب Royal Children’s Hospital قد غيرت نموذجها للرعاية بشكل كبير من خلال تقديم علاج عائلي جماعي بدلاً من الجلسات الفردية.
كما يمكن للمرضى الآن الحصول على 40 جلسة علاج نفسي و 20 جلسة للنصائح الغذائية في السنة بموجب جدول مزايا Medicare.