طريق الهجرة: "عقول مهاجرة بلا فرص" فكيف تخسر أستراليا 70 مليار دولار بسبب تجاهل كفاءات المهاجرين؟

Skill Migrant

This image is for representation purpose only. Source: Getty / Getty Images

فيما تُقدر الخسائر الاقتصادية لأستراليا بسبب توظيف المهاجرين في وظائف دون مستواهم بحوالي 70 مليار دولار خلال العقد القادم، يؤكد محامي الهجرة ناظم البردوع أنه "لو استُثمر نصف مهارات المهاجرين بشكل فعّال، سيكون ذلك إنجازًا كبيرًا يدعم الاقتصاد الوطني، ويساهم في تنويع القوى العاملة." ما الذي يحول دون استفادة استراليا من طاقة المهاجرين وكفاءاتهم؟ وهل أصبحت المهارة عبئًا في سوق العمل الأسترالي؟"


هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة قانونية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر

تشير أبحاث حديثة أجرتها شركة Deloitte Access Economics لصالح مؤسسة Settlement Services International (SSI) في عام 2025 إلى أن ما يقرب من 600,000 إلى 620,000 مهاجر دائم في أستراليا يعملون في وظائف تقل عن مستوى مهاراتهم الحقيقية. وهذا يشكل حوالي 44% من إجمالي المهاجرين الدائمين في البلاد. تعد هذه الظاهرة مشكلة مركبة تؤثر على المهاجرين أنفسهم، وعلى أرباب العمل، وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام.


الأسباب وراء التوظيف دون المستوى المهاري

 يشكل توظيف المهاجرين المهرة في أستراليا تحديًا معقدًا، ويبرز من بين أبرز العوائق حاجز اللغة، وغياب الخبرة المحلية، إضافة إلى تعقيدات معادلة المؤهلات الأجنبية. هذه العوامل تجعل كثيرًا من المهاجرين يعملون في وظائف تقل عن مستواهم المهني، مما يمثل خسارة كبيرة للاقتصاد الأسترالي.

استهل محامي الهجرة ناظم البردوع اضاءته عبر برنامج "صباح الخير استراليا" بتسليط الضوء حول عوائق توظيف المهاجرين المهرة في أستراليا من اللغة والخبرة المحلية والتعقيدات البيروقراطية.

من أبرز هذه العوامل غياب الخبرة المحلية، إذ يفضل العديد من أصحاب العمل في أستراليا المتقدمين الذين يمتلكون تجربة سابقة داخل سوق العمل الأسترالي، وهو ما يفتقر إليه الكثير من المهاجرين الجدد. كما يواجه هؤلاء صعوبة في بناء شبكات مهنية محلية تعزز من فرصهم الوظيفية، الأمر الذي يقلل من إمكانية الوصول إلى وظائف تتلاءم مع مؤهلاتهم. وتُعد عوائق اللغة من أبرز التحديات التي تحد من قدرتهم على الاندماج والتواصل بفعالية في بيئة العمل.

بحسب محامي الهجرة ناظم البردوع:
"اللغة تعتبر العائق الأول، فحتى وإن كان القانون واضحًا بشأن مستوى اللغة المطلوب للحصول على التأشيرة، إلا أن التحدي يكمن في اللهجة وطريقة الإلقاء، وهو ما يصعب على البعض التأقلم معه."

يشرح البردوع قائلًا:
الكفاءة الأكاديمية وحدها لا تكفي، لأن القدرة على التواصل باللهجة المحلية والاندماج في بيئة العمل تتطلب مهارات لغوية أعمق

هذا إلى جانب وجود بعض الممارسات التمييزية التي قد تُمارس ضدهم وتؤثر سلبًا على فرص توظيفهم في مواقع تتناسب مع كفاءاتهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعقيدات البيروقراطية في إجراءات معادلة المؤهلات الأجنبية والحصول على التأشيرات تمثل عائقًا كبيرًا أمام دخولهم الفعّال إلى سوق العمل. ولا يمكن إغفال العبء المالي الناتج عن الرسوم المرتفعة المطلوبة للاعتراف بالمؤهلات، والذي يشكل تحديًا إضافيًا يعوق اندماجهم المهني الكامل.

غياب الخبرة المحلية: الحلقة المفرغة

يشكل عدم توفر الخبرة العملية في سوق العمل الأسترالي عائقًا كبيرًا أمام المهاجرين، إذ يفضل أرباب العمل غالبًا من يمتلك خبرة محلية. يقول البردوع:
الكثير من المهاجرين لا يحصلون على فرصهم الأولى، مما يجعلهم في حلقة مفرغة من عدم التوظيف بسبب نقص الخبرة

ويقترح:
"يمكن للحكومة وأصحاب العمل تطوير برامج تدريبية تسمح للمهاجرين بالعمل لفترة تجريبية، حتى لو بدون أجر في البداية، لتكوين خبرة محلية حقيقية تساعدهم على الاندماج."

 
أرقام وأثر اقتصادي

تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 201 الف مهاجر حاصلون على مؤهلات في مجالات الإدارة والتجارة يعملون في وظائف أقل من مستوى مهاراتهم. بالإضافة إلى ذلك، يعاني أكثر من 80 الف مهندس مؤهل وحوالي 50 الف متخصص صحي من نفس المشكلة. هذا الوضع لا يؤدي فقط إلى إحباط الأفراد، بل يمثل خسارة كبيرة للاقتصاد الأسترالي، حيث تشير التقديرات إلى أن معالجة هذا التفاوت في المهارات يمكن أن يضيف حوالي 70 مليار دولار إلى الاقتصاد خلال العقد القادم.

تقترح الدراسات عددًا من الحلول التي تهدف إلى تحسين تكامل المهاجرين في سوق العمل. من بين أبرز هذه المقترحات تبسيط إجراءات الاعتراف بالمؤهلات من خلال دمجها مع عمليات الموافقة على التأشيرات، بما يسهم في تسريع جاهزية المهاجرين للانخراط في العمل. كما يُوصى بإنشاء مركز موحد يكون بمثابة جهة مركزية مسؤولة عن الاعتراف بالمؤهلات عبر جميع الولايات، مما يساعد في تقليل التباين والارتباك الناتج عن تعدد الجهات والإجراءات. بالإضافة إلى ذلك، تدعو الدراسات إلى تعيين أمين شكاوى مختص لضمان العدالة والشفافية في عمليات التقييم، وللتعامل مع أي نزاعات قد تنشأ خلال عملية الاعتراف بالمؤهلات.

أهمية معالجة المشكلة

يمر المهاجرون عبر إجراءات معقدة ومكلفة للاعتراف بمؤهلاتهم الأجنبية، مما يطيل أوقات الانتظار ويثني الكثيرين عن الاستمرار.

تكمن أهمية هذه الجهود في تحقيق استفادة كاملة من الطاقات البشرية والكفاءات التي تأتي بها الهجرة، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات المتزايدة لسوق العمل الأسترالي من المهارات المتخصصة. كما أن معالجة هذه المشكلات تعزز من دمج المهاجرين في المجتمع وتحسن من جودة حياتهم وفرصهم الاقتصادية.

في هذا الإطار يقول البردوعي:
"هناك جهات متعددة ومسارات مختلفة لمعادلة المؤهلات، وهذا يؤدي إلى تشتت وتفاوت في الإجراءات، لذلك من الضروري وجود جهة موحدة مركزية تبسط وتسرع هذه العملية."

هذا يتعرض بعض المهاجرين لممارسات تمييزية تؤثر على فرصهم في العمل. وحول هذا الموضوع، يشير ناظم:
"تطبيق قوانين مكافحة التمييز بشكل صارم وتعزيز ثقافة التنوع والشمولية في بيئات العمل من العوامل الحاسمة لتحسين اندماج المهاجرين.
الدور المجتمعي وأهمية التشبيك المهني

تلعب المجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية دورًا مهمًا في دعم المهاجرين من خلال تنظيم ورش عمل وحلقات تعريفية وفرص للتشبيك المهني.
يقول البردوع:
"التشبيك أو بناء العلاقات المهنية يمكن أن يكون مفتاحًا لفتح أبواب التوظيف، خاصة في سوق العمل الأسترالي الذي يعتمد كثيرًا على العلاقات الشخصية."

ويضيف:
"العمل التطوعي للمهاجرين يعد نقطة انطلاق رائعة، فهو يمنحهم فرصة لاكتساب الخبرة والتعرف على المجتمع وأصحاب العمل المحتملين."

 فيما تُقدر الخسائر الاقتصادية لأستراليا بسبب توظيف المهاجرين في وظائف دون مستواهم بحوالي 70 مليار دولار خلال العقد القادم، يؤكد البردوع أنه "لو استُثمر نصف مهارات المهاجرين بشكل فعّال، سيكون ذلك إنجازًا كبيرًا يدعم الاقتصاد الوطني، ويساهم في تنويع القوى العاملة."

كيف يمكن للمجتمعات المحلية دعم بناء شبكات مهنية تساعد المهاجرين على الاندماج بشكل أفضل؟

الإجابة مع محامي الهجرة ناظم البردوع في الملف الصوتيّ أعلاه.



هذه المعلومات ذات طبيعة عامة ولا يمكن اعتبارها نصيحة مهنية. نظراً لأن الظروف الفردية قد تختلف من شخص لآخر، يجب عليكم استشارة خبير مستقل إذا لزم الأمر.

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل  وأندرويد.وعلى القناة 304 التلفزيونية.

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على فيسبوك وانستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

 

 

 

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand