بصوتٍ يختلط فيه الحنين بالألم، تطل علينا الفنانة اللبنانية الأسترالية ناهدة باز بعمل فني جديد تحت عنوان "بطلت حلو". عنوان بسيط لكنه يحمل وجعًا كبيرًا، ويُعبّر عن واقع قاسٍ تعيشه نساء كثيرات في الخفاء: الانهيار النفسي بعد الزواج، والانزلاق المحتمل نحو الإدمان أو فقدان الذات.
الأغنية، التي أُطلقت مؤخرًا، لا تروي قصة ناهدة الشخصية، لكنها مستوحاة من واقع صادم التمسته الفنانة عبر تواصلها مع نساء يعشن في دوامة من الألم الصامت.
الأغنية ما بتحكي عني، بس بتحكي عن كتير نساء تعرفت عليهن من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. في سيدات مجبرات على الصمت، لأنهن ما بيعرفوا القوانين، أو لأنهن ممنوعات حتى يتعرفوا على نساء غيرهن أو محرومات من دعم عائلي
ما يميّز "بطلت حلو" ليس فقط جرأتها، بل قدرتها على تسليط الضوء على العنف غير المرئي، الذي لا يُترك أثرًا على الجسد، لكنه يحفر عميقًا في النفس. فالأغنية تتناول نوعًا من العنف العاطفي والكلامي الذي قد لا يُعدّ جريمة قانونية، لكنه قد يدمر حياة المرأة من الداخل، ويدفعها نحو العزلة، أو حتى الإدمان كمهرب.
المفارقة أن الممثل الذي ظهر مع ناهدة في الفيديو كليب هو زوجها الحقيقي. "بعض الناس افتكروا إنو عم بحكي عن تجربتي، بس الحقيقة إن زوجي دعمني وكان شريك حقيقي بالرسالة"، تضيف.
تعاونت ناهدة في هذا العمل مع فريق فني متكامل؛ الكلمات من كتابتها الشخصية، وهي التي أدت الأغنية بإحساسها المعتاد، بينما وضع الملحن Sibemol Younes اللحن بتوقيع شرقي حزين، وأشرف على الإنتاج الموسيقي د. نويل علماوي. أضفى تصوير الأغنية بعدًا بصريًا وإنسانيًا على العمل من خلال الفيديو كليب المصوَّر في أستراليا من اخراج غادة ضاهر علماوي.
الملفت أيضًا أن مصدر الإلهام الأول للعمل كان موقفًا سمعته ناهدة من رجلٍ كان يمرّ بتجربة انفصال عن زوجته. قال لها ببساطة، ولكن بألم: "بطّلِت حلو"... هذه الجملة لم تغادر ذهن ناهدة، وتحولت لاحقًا إلى شرارة الأغنية، ليس من منظور الرجل، بل من زاوية المرأة التي كثيرًا ما تُحمّل وحدها مسؤولية تدهور العلاقة.
ورغم الرسالة الإنسانية التي تحملها الأغنية، لم تسلم ناهدة من التنمّر والانتقادات. فإلى جانب من شجّعها من نساء ورجال، تلقت تعليقات قاسية، بعضها طعن في حقّها بالغناء لمجرد أنها "تخطّت الأربعين".
لكن ناهدة تردّ بثقة وهدوء على هؤلاء، وتقول:
أنا أتكلم مع العقل... أنا أطرح قضايا إنسانية، والفن الحقيقي ما إلو عمر.
"بطلت حلو" ليست مجرد أغنية، بل صرخة فنية في وجه التابوهات. دعوة لكل امرأة فقدت ملامحها وهويتها بسبب علاقة مؤذية، ولكل مجتمع يُقلّل من شأن الألم النفسي والكلام الجارح.
وتختم ناهدة حديثها بالقول:
المرأة ممكن تتشافى من عنف جسدي، بس مش بسهولة بتنسى كلمة بتكسرها من جوّا.