جوقة تراثنا .. أصوات عراقية من ملبورن تُغنّي الحنين وتحفظ التراث

OUR HERITAGE BAND.jpg

جوقة "تراثنا" رفقة الفنان اسماعيل فاضل خلال حفل في ملبورن

تحيي جوقة تراثنا الأغاني العراقية والعربية في المهجر ، محافظةً على ذاكرة موسيقية تشكّل وجدان جيلٍ كامل وتسافر بالعراق إلى حيث يقيم أبناؤه وحيث يصبح التراث لغةً يتقنها الجيل الجديد وتقول مؤسسة الجوقة فرح رغدان بشير إن الغناء بالعربية أمام جمهور متنوّع في أستراليا يجعلها تشعر بأنها "ترفع العلم بصوتها"، فيما يؤكد منسق الجوقة نشأت سَكمن أن "التراث بالنسبة لنا ليس ماضياً نحكيه، بل لحنٌ نغنّيه كي يبقى العراق حيّاً فينا".


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.
انطلقت جوقة تراثنا التي رافقت مطربين عراقيين وعرب في استراليا رسميا كفرقة مستقلة لتحمل من حنينٍ مشترك ورغبةٍ في أن يبقى صوت الوطن حاضرا رغم البعد، فكانت مبادرةً تجمع بين الطرب والتراث والانتماء.
من بغداد إلى ملبورن، ومن أزقة الطفولة إلى مسارح الجالية، تحمل جوقة تراثنا بين أصواتها حنين العراق وتعيد إلى الذاكرة تلك الأغاني التي كانت تملأ البيوت دفئاً وفرحاً.
ليست مجرد فرقة غنائية، بل مبادرة للحفاظ على الذاكرة الموسيقية العراقية والعربية في المهجر، وتعريف الجيل الجديد بجمال هذا التراث وعمقه الإنساني.
تحدثت مؤسسة الجوقة فرح رغدان بشير لـ" أس بي أس عربي" عن بدايات المشروع ورسائله الفنية والثقافية في المهجر ، مؤكدة ان جوقة "تراثنا" وُلدت من الإحساس بالحنين والمسؤولية

فرح رغدان : علاقتي بالموسيقى لم تكن خياراً بل جزءاً من الحياة اليومية

قالت فرح رغدان إن علاقتها بالموسيقى "لم تكن خياراً بل جزءاً من الحياة اليومية"، موضحة أنها نشأت في بيت يملؤه الغناء، من الأناشيد الكنسية إلى الأغاني التراثية والعربية التي كانت تجمع العائلة حولها في المناسبات.
وأشارت إلى أن الصوت كان دائماً وسيلتها للتعبير عن المشاعر التي تعجز الكلمات عن قولها، مضيفة أن الموسيقى أصبحت بالنسبة لها طريقة لفهم العالم والتواصل معه.
واستذكرت بدايتها من جوقة الكنيسة في بغداد، قبل أن تواصل دراستها الأكاديمية في الموسيقى بمدينة سيدني، مبينة أن هذا المسار المزدوج ، الروحي والأكاديمي ، منحها توازناً فريداً بين الحس الجماعي والتقنية العلمية في الأداء.
وأوضحت أن الغناء الجماعي علّمها قيمة الانسجام والتناغم بين الأصوات، فيما منحتها الدراسة الأكاديمية أدوات لفهم الصوت والتحكم به.
farh raghdan 1.jpg
مؤسسة فرقة تراثنا فرح رغدان
من الفكرة إلى الصوت الجماعي

وحين سُئلت عن اختيار اسم الجوقة، أكدت فرح أن كلمة تراثنا وُلدت من الإحساس بالحنين والمسؤولية، قائلة إن الاسم يحمل في طياته الذاكرة والقصص القديمة، ويرمز إلى محاولة نقل الوطن إلى المهجر من خلال الموسيقى.
وأضافت أن الرسالة الأساسية للجوقة هي أن يبقى التراث حيّاً في القلوب والأصوات، وأن يسمع العالم صوت العراق الجميل حيثما وُجد.ولفتت إلى أنها وجدت في الغناء التراثي صوتها الحقيقي، مشيرة إلى أن أداء هذه الأغاني أمام جمهور يشاركها الذاكرة يمنحها شعوراً بالعودة إلى الجذور.
وقالت إنها حين تغني بالعربية أمام جمهور متنوع في أستراليا، تشعر بمزيج من الفخر والحنين، مضيفة أن الجمهور العربي يتفاعل بعاطفته القوية، فيما يندهش الجمهور الأسترالي بجمال المقامات والإيقاعات الشرقية التي لم يألفها من قبل.
واشارت إلى أن تلك اللحظات تشبه كما وصفت "رفع العلم بالصوت".
وأضافت أن الغناء بلغتها الأم يجعلها تشعر بأنها تمثل وطنها وثقافته أمام الآخرين، موضحة أن الأغنية العربية بالنسبة لها ليست مجرد أداء موسيقي بل فعل انتماء وهوية.
وأوضحت أن الجمهور العربي يتفاعل دائماً بعاطفة قوية لأن الأغاني تلامس ذاكرته وتستحضر طفولته وبيئته، بينما يعبّر الجمهور الأسترالي عن دهشته من جمال المقامات الشرقية والإيقاعات غير المألوفة.
ولفتت إلى أن هذا التفاعل المختلف يمنحها دافعاً أكبر للاستمرار في تقديم الأغنية العربية، مؤكدة أن الفن قادر على أن يكون لغة مشتركة "تعبر الحدود دون ترجمة".
صوت لا يخفت

وبيّنت فرح أن اللون الغنائي الأقرب إلى روحها هو اللون البغدادي الكلاسيكي الذي يجمع بين الشجن والفرح، مضيفة أنها متأثرة بمدرسة فيروز وماجدة الرومي، وبالأصوات العراقية الأصيلة مثل ناظم الغزالي.
وأكدت أن في الأغنية العراقية صدقاً يجعلها مرآة لوطنٍ دافئ وعميق وصادق، معربة عن رغبتها في إعادة صياغة بعض الأغاني التراثية بأسلوب معاصر يقرّبها من الجيل الجديد.
وعن طموح الجوقة، أوضحت أنها في مرحلة التأسيس، وأن هناك أفكاراً لتسجيل ألبومات وتنظيم حفلات دورية في الجالية العراقية والعربية، مضيفة أن الهدف هو توثيق هذا الجهد الجماعي ليبقى شاهداً على حضور الهوية في المنفى.
OUR HERITAGE BAND 2.jpg
اعضاء جوقة تراثنا في صورة تجمعهم مع الفنان اسماعيل فاضل في ملبورن
من الحلم إلى الفعل

من جانبه، قال نشأت سَكمن، أحد مؤسسي الجوقة، إن الفكرة وُلدت فكرة تأسيس الجوقة وُلدت من إحساس بسيط لكنه عميق، هو الحنين ومن شغف مشترك بين مجموعة من الشباب الذين شعروا بالحاجة إلى إحياء الأغنية العراقية في المهجر.
وأوضح أن البداية كانت بسيطة، لكنها تطورت تدريجياً لتجمع أصواتاً من خلفيات موسيقية مختلفة، مؤكداً أن التنوع هذا منح الجوقة طابعاً خاصاً.
ولفت إلى أن جوقة تراثنا تختلف عن غيرها بكونها تعمل على مزج الفولكلور العراقي والعربي مع التوزيع الجماعي الحديث، مضيفاً أن الأداء الجماعي يمنح الأغنية بُعداً روحياً يجعلها تجربة فنية وجماعية في آن واحد.
وأوضح أن مجموعة من محبي الغناء العراقي كانوا يلتقون أحياناً في فعاليات الجالية، ويتشاركون الأغاني التي كبروا عليها، قبل أن يدركوا الحاجة إلى أداء هذا التراث بطريقة جماعية "بصوت واحد يحمل حب العراق رغم البعد"، على حد تعبيره.

نشأت سكمن : اسم فرقة تراثنا ليس مجرد عنوان بل وعد وما يجعلها مختلفة هو صدق البدايات

وفي ما يتعلق بتميّز الجوقة عن غيرها من الفرق الغنائية في الجالية، قال سَكمن إن ما يجعل جوقة تراثنا مختلفة هو صدق البدايات، مضيفاً "نحن لا نملك تاريخاً طويلاً، لكن نملك رغبة حقيقية في أن نصنع شيئاً جميلاً معاً ، لا نغني كأفراد بل كجماعة، نحاول أن نحفظ صوت العراق ونقدمه بمحبة".
وأكد أن اسم الجوقة ليس مجرد عنوان، بل وعد للحفاظ على هذا التراث ونقله ببساطة ودفء إلى أبناء الجالية وإلى الأجيال الجديدة.
تحديات التأسيس وبناء الصوت الجماعي

وأشار سَكمن إلى أن مرحلة التأسيس لم تخلُ من الصعوبات، موضحاً أن أبرز التحديات كانت تنسيق المواعيد وإيجاد المكان المناسب للتدريب، خاصة أن أعضاء الجوقة يأتون من خلفيات موسيقية متباينة؛ فبعضهم يمتلك خبرة أكاديمية، فيما يغني آخرون بدافع الشغف والموهبة.
وبيّن أن الفريق يسعى إلى خلق توازن بين الحماس الفني والبناء المنظم، مؤكداً أن أجمل ما في هذه المرحلة هو روح التعلم المشترك واكتشاف الهوية الموسيقية خطوة بخطوة.
واكد أن "الصوت الجماعي يمنحنا الإحساس بأننا نغني للعراق معاً، لا لأنفسنا فقط".
وخلص الى القول إن "التراث بالنسبة لنا ليس ماضياً نحكيه، بل لحنٌ نغنيه كي يبقى العراق حيّاً فينا".
بين الأصالة والتجديد

وحول اختيار الأغاني، أوضح سَكمن أن الجوقة تركز حالياً على الأغاني التراثية التي يعرفها الجميع لأنها الأقرب إلى القلوب والأقدر على جمع الناس حولها.
وأضاف أن هناك نية لتقديم توزيعات حديثة لأغانٍ معروفة في مراحل لاحقة، مع الحفاظ على روحها الأصلية ومنحها حياة جديدة تناسب الأذن الشابة في أستراليا.
ولفت إلى أن هذه التجربة ما تزال في طور التشكّل والاكتشاف، مشيراً إلى أن الهدف هو أن يعيش التراث ويتطور لا أن يُحفظ فقط.
أكملوا الحوارات على حساباتنا على فيسبوك و انستغرام.
شتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand