يحمل القرآن الكريم بين دفتيه أعظم المعاني وأبلغ الأساليب، فهو الكتاب الذي أنزله الله بلسانٍ عربي مبين، يجمع بين البيان الساحر والجمال البلاغي الفريد. وقد شكّل القرآن الكريم على مر العصور منبعًا للفصاحة والبلاغة، ومصدرًا أساسيًا للغة العربية، يُهتدى به في النحو والبيان والبيئة اللغوية الراقية.
من هنا تنبع أهمية المسابقات القرآنية، التي لا تكتفي فقط بتشجيع حفظ النص، بل تهدف إلى إحياء الوعي بجمالياته وأبعاده اللغوية والمعنوية.
وتعد مسابقة حافظ القرآن الكريم (Hafiz Al-Quran Competition) التي نظمتها مدرسة حافظ القرآن في مسجد غنغلن – كانبرا، واحدة من أبرز هذه المبادرات في القارة الأسترالية، حيث تحولت منذ انطلاقتها قبل عامين إلى منصة وطنية راقية لتكريم أهل القرآن وجمال لغته.
وفي حديث لأس بي أس عربي أكد أحد منظمي المسابقة، أشهد الصالحي، على أهمية هذه النقلة النوعية، قائلاً: "المسابقة كان لها نسخ سابقة على مستوى كانبرا، وليس على الصعيد الوطني. أول مرة نفكر في تنظيم المسابقة بهذا الحجم كان هذا العام. كان هناك رغبة صادقة لأن يكون هناك توحيد لكل جهات تعليم القرآن الكريم على مستوى أستراليا. مظلة واحدة للجميع لتوثيق أواصر التعاون بينها."
تتجلى الجماليات اللغوية في هذه المسابقة من خلال التركيز على مهارات التجويد، وفنون التلاوة الصوتية، وفهم معاني الكلمات والنصوص.

يقول الصالحي في هذا السياق:
التحدي الأكبر كان الارتقاء بمستوى التحكيم والأسئلة والتصحيح، ووضعها في إطار دولي.
إضافة إلى ذلك، فإن الجانب التقني أخذ دورًا محوريًا في تنظيم المسابقة، حيث عمل فريق متنوع يضم خبراء في الذكاء الاصطناعي ونظم المعلومات على تقليل الاعتماد على العنصر البشري، وتحقيق أقصى درجات العدالة والدقة في التقييم.
عن هذه النقطة قال لنا أشهد: "فريق العمل متنوع، وهناك الكثير من الخبراء في الذكاء الاصطناعي ونظم المعلوماتية. من خلال جهودهم قللنا من العامل البشري. تم وضع معايير للصعوبة، وقمنا بتحليل كل الأسئلة للاطلاع على نماذج موحدة."
ومن الجوانب المضيئة في المسابقة هذا العام، كان الاهتمام بالمساواة بين الجنسين، إذ فُتحت أبواب المنافسة لكل من الذكور والإناث، وبلغت نسبة مشاركة الفتيات نحو 45%، في مؤشر إيجابي على اتساع دائرة الإقبال النسائي على تعلم القرآن والتميز فيه.