تتحرك واشنطن منذ أسابيع نحو صياغة مشروع لإنشاء قوة دولية تعمل في قطاع غزة وهي مبادرة تحمل في طياتها أهدافاً سياسية واستراتيجية متداخلة.
وتشير تقارير عدة إلى أن واشنطن أجرت محادثات مع دول عربية وإسلامية – منها مصر وتركيا وقطر وإندونيسيا – للمشاركة في القوة الجديدة، في حين لم تُبدِ هذه الدول حماسة واضحة، لاعتبارات تتعلق بالمخاطر الميدانية وعدم وضوح المهمة أو المظلة القانونية التي ستعمل في ظلها.
يرى مراقبون أن هذه الخطوة تعبّر عن محاولة أمريكية لإعادة هندسة النظام الأمني في غزة، من خلال فرض ترتيبات ميدانية جديدة تقلّص حضور الفصائل المسلحة وتفتح الطريق أمام إدارة مدنية مدعومة من الخارج.
وقال المحلل السياسي عادل محمود في حديث لأس بي أس عربي إننا "أمام شرعنة للنفوذ الأميركي في غزة، ولكن السؤال الأهم هل تعود غزة إلى الحرب؟ أستبعد ذلك." فواشنطن، بحسبه، لا تبحث عن حرب جديدة، بل عن صيغة استقرار تتيح لها توجيه المرحلة المقبلة من دون تدخل عسكري مباشر.
وما زال الغموض يلف طبيعة القوة المقترحة وحدود مهامها فهل ستكون قوة مراقبة مدنية أم تشكيل ذا طابع عسكري؟ وهل ستخضع لإشراف الأمم المتحدة أم ستكون خارج المظلة الأممية؟ هذه التساؤلات تزيد من حذر الأطراف الإقليمية، خصوصاً أن بعض الدول لا ترغب في الدخول إلى غزة ضمن ترتيبات قد تُفسَّر بأنها امتداد للاحتلال أو وصاية جديدة.
ويؤكد محمود أن "المظلة الأممية مهمة في هذا الإطار. هناك دول مركزية في المنطقة مثل تركيا لا تستطيع الدخول إلى غزة. الأردن مثلاً رفضت المسودة. هناك عدم رضا عن ما يُعرف بقوات فرض سلام وليس قوات حفظ سلام."
وتابع محمود: "في حديثنا عن القوة الدولية، علينا أن نعلم أن المايسترو الأمريكي هو الذي يقرر. هناك غرفة عمليات عسكرية ومدنية يرأسها السفير الأمريكي السابق في اليمن ستيفن هوغن."
الولايات المتحدة تصنع السياسات بما في ذلك الحديث عن الوجود التركي في غزة ومحاولة تقويضه في سوريا بالمقابل فالقضية لا تتعلق بغزة فقط، بل بمسار النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط بأكمله.
ومع ذلك، تواجه واشنطن معضلات ميدانية معقدة، أبرزها غياب سلطة محلية فاعلة يمكن التعاون معها، إلى جانب الدمار الشامل الذي جعل من غزة ساحة هشّة يصعب فرض نظام أمني فيها بسهولة. كما أن الرأي العام الفلسطيني يتوجس من أي وجود أجنبي، خصوصاً إذا لم يكن تحت راية الأمم المتحدة أو إذا ارتبط بمصالح أميركية مباشرة.
ويرى المحلل السياسي أن واشنطن بحاجة إلى "قراءة ميدانية" دقيقة، مضيفاً" "ربما تغرق خطة ترامب في رمال غزة فالمشهد على الأرض أكثر تعقيداً من مجرد نشر قوات أو إدارة مؤقتة. فغزة ليست ساحة يمكن هندستها بقرار خارجي."
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.




