لنحكِ عن المال: توقعات خبير عقاري لمستقبل البناء في أستراليا

A new apartment is seen in inner Sydney on Friday, April 8, 2016. (AAP Image/Mick Tsikas) NO ARCHIVING

An new apartment complex is seen in inner Sydney on Friday, April 1, 2016. (AAP Image/Mick Tsikas) NO ARCHIVING Source: AAP

يوضح الخبير العقاري والاقتصادي يوسف مرتضى مستقبل البناء في أستراليا مؤكداً على ان تكاليف البناء والبنية التحتية المرتفعة تؤثر على سوق العقارات في أستراليا. ولكن كيف؟


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

السؤال 1: لماذا تُطرح فكرة “بناء المزيد من الشقق” كحلّ لأزمة السكن في أستراليا؟
الإجابة:
لأنّ كثيرين يرون أنّ ارتفاع أسعار المنازل والشقق، ونقص العرض في المدن الكبرى مثل Sydney وMelbourne، يُعزى إلى عدم وجود عدد كافٍ من الوحدات السكنية. لذلك، جاءت فكرة تعزيز العرض عبر الشقق أو الوحدات السكنية الكثيفة (high-density) كأحد الحلول المحتملة. مثلاً، تمّ الإعلان عن هدف بناء حوالي 1.2 مليون منزل خلال خمس سنوات كجزء من جهود الحكومة الفيدرالية.

السؤال 2: لكنّ السؤال الأهم: هل هذه الوصفة تعمل كما يتوقعون؟ هل بناء المزيد من الشقق فعلاً يؤدي إلى خفض الأسعار أو تحسين إمكانية التملّك؟
الإجابة:
الإجابة المختصرة: ليس دائماً، وليس بالقدر المطلوب. الدراسات والمقالات التحليلية تشير إلى أنّ الأمر أكثر تعقيداً مما يبدو. مثلاً، تقرير من Australian Housing and Urban Research Institute (AHURI) يقول إنّ الوحدات ذات الكثافة العالية “يمكن أن تكون” أكثر قدرة على الوصول لمسكن، لكن هناك “عوائق أو تحفّظات” كثيرة مثل: تكاليف البناء المرتفعة، الموقع، نوع الوحدة، والبُنية التحتية المحيطة
كنت أطلع على مقال في SBS قال إنّ زيادة موافقات الشقق في سبتمبر بلغت ذروتها منذ ثلاث سنوات، لكن هذا لا يعني تلقائياً أنّ الأسعار انخفضت.
باختصار: بناء المزيد وحده ليس ضماناً لتحسّن كبير في القدرة على التملّك أو التأجير بأسعار مناسبة.

سؤال 3: ما هي العقبات الرئيسية التي تواجه فكرة “بناء المزيد = أسعار أقل”؟
الإجابة:
هناك عدّة عقبات متداخلة:

  1. تكاليف البناء والبنية التحتية المرتفعة: الشقق غالباً تُبنى في المواقع القريبة من المواصلات والخدمات، ما يجعل الأرض أغلى، والتكوين أكثر تعقيداً (مصاعد، مواقف سيارات، تشييد أعلى). تكلفة بناء شقة قد لا تكون أقل من بناء منزل مستقل، بل ربما أعلى بسبب هذه التعقيدات.
  2. الطلب ليس ثابتاً على نفس نوع الوحدات: الكثير من الشقق الجديدة موجهة للمستثمرين أو الأفراد، وليس بالضرورة للعائلات أو من يرغبون بالمساحة أو حديقة. لاحظنا أن الطلب يتحوّل نحو شقق أكبر (ثلاث-غرف نوم مثلاً) لكنها غير متوفّرة بسهولة.
  3. الموقع ونوع الوحدة: حتى لو زاد العرض، إذا كانت الوحدات في موقع غير مرغوب أو صغيرة جداً أو ذات تصميم رديء فإنّها لا تلبي احتياجات كثير من المشترين أو المستأجرين.
  4. الطلب المرتفع/الاستثمار المتزايد: حتى عند زيادة العرض، إذا ظلّ الطلب – بسبب الهجرة، أو الاستثمار العقاري، أو الأفراد الباحثين عن القرب من المدن – مرتفعاً فإنّ ذلك يرفع الأسعار أيضاً. بعبارة أخرى التركيز على جانب العرض فقط يتجاهل عوامل الطلب.
  5. المخططات والتنظيم والبنية التحتية: زيادة الكثافة تحتاج موافقات، خدمات نقل، مدارس، حدائق، ومحطات مواصلات. إذا لم تُعدّ البنية التحتية، قد تصبح الكثافة نقمة بدلاً من نعمة.

سؤال 4: كيف يبدو المشهد الآن من حيث الموافقات والبناء في أستراليا؟ وما دلالة ذلك؟
الإجابة:
الموافقات على الشقق بلغت أعلى مستوى منذ ديسمبر 2022، إذ تمّ الموافقة على 5,430 وحدة شقق في سبتمبر.
لكن هناك تحذير بأنّ الموافقات لا تعني بالضرورة إنجازاً فورياً أو انخفاضاً في الأسعار. فمن جهة، بعض المشاريع قد تتأخّر، ومن جهة أخرى، التكاليف تضاعفت، مما يجعل المطورين يترددون أو يصعّب عليهم تقديم وحدات بأسعار “مناسبة”. بناء الشقق قد يصبح أقل اقتصادياً وبالتالي يؤدي لأسعار أعلى لا أقل.
بالتالي، الزيادة في الموافقات هي إشارة جيدة لجهود العرض، لكنها ليست ضماناً لنتائج.


سؤال 5: ما هي أنواع الشقق أو وحدات السكن التي يُفضّل أن تُبنى لتُحقّق فعلياً تحسّناً في إمكانية السكن؟
الإجابة:

  • شقق أكبر حجماً (مثلاً ثلاث غرف نوم) تُعدّ مهمّة لأنّ عائلات تنتقل نحوها عندما يكون المنزل المستقل صعب الوصول إليه. الطلب على هذه الشقق آخذ في الارتفاع لكن العرض ما زال محدوداً.
  • وحدات في مواقع جيدة: قرب المدارس، المواصلات، الخدمات — لأنّ “الموقع” غالباً ما يكون أكبر عامل تأثير من نوع الوحدة فقط. نلاحظ أيضاً أن كثيراً من الشقق المبنية تقع في أماكن أو أنماط لا تلبي مطالب العائلات أو المستخدمين الرئيسيين
  • وحدات تُلبّي قدرة الشراء أو التأجير لمستأجرين أو مشترين أصحاب دخل متوسّط أو منخفض، وليس فقط مصمّمة للمستثمرين أو السوق الفاخر. بعض التقارير تشير إلى أن كثيراً من الشقق الجديدة هي فاخرة أو موجهة لاستثمارات، ما يجعلها بعيدة عن “القدرة” الحقيقية
  • تصميم وجودة جيدة: الإنشاء والتركيب والتشطيب مهمان. وحدات رديئة البناء أو ذات مساحات صغيرة جداً قد تكون “متاحة” لكن ليست مرغوباً فيها من ذوي الدخل الذين يبحثون عن استقرار.

سؤال 6: ما هي السياسات أو التحفيزات التي تُساعد فعلاً على تحسّن إمكانية السكن بجانب أو بدلاً من “بناء المزيد من الشقق”؟
الإجابة:
هناك عدد من السياسات المقترَحة أو المُنفّذة:

  • تحفيز الشقق المُوجّهة لذوي الدخل المنخفض/المتوسّط: مثلاً عبر مشاركة حكومة – مطوّرين، أو via “شقق بأسعار مخفّضة” أو وحدات تأجير مخصّصة. اشنماع أنّ “التكثيف” يمكن أن يخدم الحكومة من حيث تكلفة البُنى التحتية.
  • تبسيط الموافقات وتقليل الزوائد البيروقراطية أو متطلبات المواقف أو التشييد التي ترفع التكلفة بشكل كبير. مثال: خطة في بريسبان لإلغاء متطلبات مواقف السيارات في بعض المناطق لتخفيض تكلفة الشقق حتى بـ100 ألف دولار استرالي.
  • تشجيع وحدات أكبر حجماً وأقل تكلفة بناءً: مثل استخدام البناء المسبق (prefab) أو وحدات مصمّمة بكفاءة. الحكومة الاتحادية أعلنت استثماراً في هذا المجال.
  • تحسين الخدمات والبنية التحتية في المناطق التي يُخطّط فيها للتفتيح أو الكثافة العالية، حتى لا يكون “الزيادة” عبئاً على السكان أو الخدمات.
  • دعم المشترين لأول مرة وتأمين قروض أو مساعدات لزيادة الوصول إلى الملكية بدلاً من الاستثمار فقط. مثال: حكومة أستراليا وسّعت برنامج “Help to Buy” قبل الانتخابات
  • تنويع أنواع وحدات السكن لتلبية الطلب الحقيقي: ليس فقط شقق صغيرة أو للاستثمار، بل وحدات للعائلات، المنازل المزدوجة، وحدات متعددة الأجيال.

سؤال 7: من هم الخاسرون ومن هم الرابحون في استراتيجية “بناء المزيد من الشقق”؟
الإجابة:
الرابحون المحتملون:

  • المشترون أو المستأجرون الذين يستطيعون الوصول إلى وحدات جديدة في مواقع مناسبة قد يستفيدون إذا كان العرض كافياً والأسعار ثابتة أو منخفضة.
  • المطوّرون الذين يستفيدون من توسّع السوق والموافقات.
  • الحكومات التي تنخفض تكلفة خدمات البُنى التحتية عندما تكون الكثافة أعلى قرب المواصلات.
الخاسرون أو المحتملون للخسارة:

  • المشترون أو المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض أو المتوسّط الذين لا يحصلون على وحدات “بأسعار مناسبة” رغم البناء الجديد، بسبب أنّ كثيراً من الوحدات الجديدة قد تكون موجهة للسوق الفاخر أو الاستثمار. مثلاً، تقرير يقول إنّ كثيراً من الشقق الجديدة لا تخدم الطلب الحقيقي للعائلات أو ذوي الدخل المحدود
  • المجتمعات المحلية التي قد تواجه تأثيرات سلبية من كثافة عالية شديدة أو بنى تحتية غير كافية.
  • السوق بشكل عام إذا ارتفعت التكاليف حتى للبناء الجديد، فقد ترتفع الأسعار أيضاً بدلاً من أن تنخفض، مما يجعل من الحل “بناء المزيد” مجرد تأجيل للمشكلة. إنّ بناء الشقق قد لا يُحسّن الأسعار بل قد يجعلها أعلى.
  • باختصار: إذا لم تكن السياسات مُصمّمة بشكل يُراعي من يستهدفونه والوحدات التي تُلبّي الطلب،فالخطر أن الحلّ يحسّن أرباح المطوّرين وليس قدرة الناس على السكن.

سؤال 8: ماذا يقول الزمن القريب — ما المستجدّات أو التحولات التي يجدر الانتباه إليها؟
الإجابة:
من بين المستجدّات:

  • الحكومة الأسترالية وعدت ببناء 1.2 مليون منزل خلال السنوات المقبلة، مع استثمار في المنازل المسبقة التصنيع (prefabricated) لتسريع التشييد وخفض التكاليف.
  • هناك تقارير تقول إنّ “الكثافة العالية” أو البنايات الشاهقة (high-rise) ليست بالضرورة أن تحقّق القدرة على السكن الأرخص، بل قد تكون أكثر تكلفة للبناء وتُحوّل للأكبر دخلاً للمستثمرين.
  • التركيز المتزايد ليس فقط على “عدد الوحدات” ولكن على “نوعها” ومكانها وجودتها. على سبيل المثال، الطلب على شقق بثلاث غرف نوم في مواقع مناسبة يتنامى، لكن العرض محدود.
  • التحدّي في البُنى التحتية والمواصلات: لتلبية هدف المنازل السنوية، سنحتاج مساحات ضخمة من تطوير تضخّم الضغط على البُنى التحتية. وهذا يعني أنّ المستمعين – سواء كمشترين أو كمستأجرين – يجب أن يتابعوا ليس فقط “كم شقة تُبنى” بل “أي شقة، أين، لمن، وبأي سعر”.

سؤال 9: ما هي الرسالة النهائية التي يمكن أن نوجّهها للمستمعين؟ وما النصائح التي يمكن أن نقدّمها؟
الإجابة:
الرسالة النهائية: “بناء المزيد من الشقق هو جزء من الحلّ، لكن ليس الحلّ بأكمله”. يجب أن ننظر إلى الصورة الكاملة: العرض، الطلب، نوع الوحدة، الموقع، السياسات الحكومية، هوامش المطوّرين، وجودة البناء، والبنية التحتية.
نصائح للمستمعين:

  • إذا كنت تفكّر في شراء أو استئجار، اسأل: ما نوع الوحدة؟ كم عدد الغرف؟ هل موقعها مناسب لي؟ هل البُنى التحتية متوافرة؟ هل السعر فعلاً “معقول” مقارنة بالدخل؟
  • انظر إلى المستقبل: هل المكان سيزداد طلباً؟ هل هناك مواصلات أو مدارس أو خدمات؟
  • لا تفترض أن “شقة جديدة = سعر أقل”. تأكّد من المقارنات.
  • للمستثمرين: نوع الوحدة والموقع وجودة البناء يُهمّان بقدر السعر. الوحدات الصغيرة جداً أو البعيدة قد تواجِه مشاكل في التأجير أو إعادة البيع.
  • تابع البرامج والسياسات الحكومية الجديدة؛ فقد تتغيّر المعايير أو الحوافز التي تؤثّر في السوق السكني قريباً.
تنويه: هذا اللقاء هو لأغراض عامة. في حال احتجتم لمعلومات خاصة، عليكم بإستشارة خبير عقاري خاص بكم.

التفاصيل في اللقاء الصوتي اعلاه الذي أجرته منال العاني مع الخبير العقاري يوسف مرتضى

هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "أستراليا اليوم" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى السادسة مساءً بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق Radio SBS المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك وانستغرام.

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.

شارك

تحديثات بالبريد الإلكتروني من أس بي أس عربي

.سجل بريدك الإلكتروني الآن لتصلك الأخبار من أس بي أس عربي باللغة العربية

باشتراكك في هذه الخدمة، أنت توافق على شروط الخدمة وسياسة الخصوصية الخاصة بـ "SBS" بما في ذلك تلقي تحديثات عبر البريد الإلكتروني من SBS

Download our apps
SBS Audio
SBS On Demand

Listen to our podcasts
Independent news and stories connecting you to life in Australia and Arabic-speaking Australians.
Personal journeys of Arab-Australian migrants.
Get the latest with our exclusive in-language podcasts on your favourite podcast apps.

Watch on SBS
Arabic Collection

Arabic Collection

Watch SBS On Demand