الدكتور المهندس محمود كسكين الذي حاز العام الماضي على جائزة الإنجاز المجتمعي لعام 2024. يعود هذا العام لا كمتلقٍ للجائزة، بل كعربي فلسطيني أسترالي يُعيّن عضوًا في لجنة تحكيم الجائزة.
في حواره مع أس بي أس عربي، يقول الدكتور محمود، إن فوزه لم يكن مجرد تكريم شخصي، بل رسالة رمزية للمجتمع بأسره، أن العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية قادرة على كسر الصور النمطية وفتح أبواب الاحترام والتقدير للمهاجرين واللاجئين إلى أستراليا، فقد جاء تتويجه بين مئات المتقدمين من مختلف شرائح المجتمع الأسترالي، ليُعلن أن الحضور العربي والفلسطيني فاعلٌ قادر على الإضافة بإيجابية.
اللافت أن الدكتور كسكين نال في تلك الليلة جائزتين معًا: جائزة لجنة التحكيم والجائزة الأهم بالنسبة له، ألا وهي جائزة تصويت الجمهور. هذه الأخيرة، كما يقول، حملت وزنًا معنويًا أكبر لأنها جاءت من نبض الناس ومن صوت الجالية التي منحته رقمًا قياسيًا في تاريخ التصويت.
محمود كسكين يحصد جائزيتين في عام واحد
انخراط الدكتور محمود هذا العام ضمن لجنة التحكيم يمثل، برأيه، امتدادًا لمسؤولية لا تتعلق باختيار فائزين فحسب، بل بإبراز المبادرات التي تصنع فرقًا في حياة الناس. فالجائزة في جوهرها، كما يوضح، منصة لإظهار دور الجاليات في تعزيز العمل التطوعي وتجسيد أنموذج قيادي مُلهم للمجتمع الأوسع.
رحلة هجرة تحمل صلابة غزة
ولد الدكتور في غزة، وتفتحت عيناه بين معاناة واقعها وصلابة أهلها. حمل فكرة المسؤولية مبكرًا، قبل أن يغادر عام 2017 حاملاً شهادته الهندسية ورغبته في التأثير. عايش صعوبات السفر والتنقل بحكم هويته الفلسطينية، وفقد فرصًا تعليمية، لكنه تجاوز تلك التحديات واستكمل دراساته العليا وصولًا للدكتوراه، ثم عمل في مشاريع إنسانية بدول آسيا قبل أن يحط رحاله في أستراليا.
زيارة غزة الأخيرة قبل الحرب شكّلت نقطة تحول بالنسبة له؛ رأى مجتمعًا يمتلك الإبداع لكنه محروم من فرص التمكين، فقرر أن تكون أستراليا مساحة البدء بتغيير هذا الواقع.
من المبادرة إلى التأثير المجتمعي
أسّس الدكتور كسكين برنامج "غزة أسترالياGAP"، الذي أصبح منصة لدعم العائلات القادمة من غزة، وتوفير احتياجاتها الأساسية، وتسهيل اندماجها في المجتمع الأسترالي دون فقدان هويتها. نجح البرنامج في تحويل التضامن العاطفي إلى أثر ملموس عبر استقبال العائلات، توفير السكن، تسهيل التشغيل، والدعم النفسي والاجتماعي.
ويشيد الدكتور كسكين بالفزعة العربية التي وصفها بأنها "أنموذج يُدرّس"، إذ وحّدت الجالية جهودها الإنسانية دون استثناء.
و يفضّل الدكتور كسكين أن يُعرّف نفسه ببساطة:
أنا إنسان طبيعي يسعى لأن يكون جزءًا من الخير والعدالة حيثما كان.
ردًا على الانتقادات: غزة ليست انحيازًا بل مسؤولية
وردًّا على الانتقادات الموجهة إليه ولبعض الناشطين بالتركيز على غزة دون مناطق غيرها من فلسطين، يرى الدكتور كسكين أن هذا التركيز ليس تمييزًا، بل استجابة طبيعية لبقعة تُعاني بشكل استثنائي. ويؤكد أن الاهتمام بغزة هو جزء من الاهتمام بفلسطين كلها، وأن ما جرى من تضامن عربي أثبت أن غزة يمكن أن تكون عنوان وحدة لا انقسام.
يرى الدكتور محمود كسكين أن القادم له هو تعزيز اندماج العائلات الغزية في المجتمع الأسترالي، وفتح قنوات أوسع مع أصحاب القرار لمتابعة القضايا المتعلقة بالتنقل والحقوق والمعيشة. ويشير إلى وجود نقاشات جارية ومسارات سيُعلن عنها مستقبلًا، مؤكدًا الجالية تمتلك القدرة على ترك بصمة إيجابية ملموسة في المشهد الأسترالي.
استمعوا لتفاصيل أكثر بصوت الدكتور المهندس محمود كسكين، بالضغط على زر الصوت في الأعلى.


