



Southern Peaks mountain bike festival Albany Credit: Tourism WA



spk_0
في أقصى جنوب ولاية غرب أستراليا، وعلى حافة محيط لا يعرف الهدوء، تقف مدينة تحمل في طياتها بداية قصة الغرب الأسترالي وذاكرة الحرب وصوت الشعوب الأولى، وأجمل المناظر البحرية على الإطلاق. إنها ألباني، مدينة تجمع بين التاريخ العميق والصخور العاتية والمحيط الواسع الذي لا يرحم.
spk_0
حلقة جديدة من مشوار، معي أنا ريان برهوم، ونحن اليوم في رحلة إلى مدينة تشبه المتحف المفتوح؛ مدينة تبدأ فيها الحكاية من البحر وتمتد عميقًا في الزمن.
spk_0
عندما تقترب من ألباني، أول ما يلفتك هو البحر؛ محيط هندي بأمواجه الداكنة يضرب الصخور الغرانيتية القديمة، كأنك تشاهد محيطًا يختبر صبر اليابسة منذ آلاف السنين. تقع المدينة على خليج كينغ جورج ساوند، أحد أجمل المرافئ الطبيعية في جنوب القارة. ومن هنا دخل الأوروبيون لأول مرة إلى غرب أستراليا قبل أن تؤسَّس بيرث بعشرات السنين.
spk_0
لكن قبل وصول السفن، كانت هذه الأرض تنتمي لشعب آخر. قبل أي أثر أوروبي كانت ألباني تُعرف بـ"كِنْجارلينغ" بلغة شعب ميغ نونغار، وتعني "مكان المطر". هنا كان الناس يعيشون مع البحر،
spk_0
يصطادون من خيراته، ويرسمون مساراتهم عبر الغابات والوديان الجنوبية. ثقافة هذا الشعب ليست مجرد تاريخ؛ إنها جزء حي من المكان… في الأسماء، في القصص، وفي علاقة الناس بالبحر والأرض.
spk_0
عام ألف وسبعمائة وواحد وتسعين، رسا القبطان جورج فانكوفر في الخليج ودوّن أول وصف أوروبي للمكان. لكن البداية الحقيقية جاءت لاحقًا. في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر ألف وثمانمائة وستة وعشرين، وصلت سفينة "إيتش إم بريغ أميتي" بقيادة إدموند لوكير لتأسيس أول مستوطنة بريطانية في غرب أستراليا. وفي عام ألف وثمانمائة واثنين وثلاثين،
spk_0
أصبحت البلدة تُعرف رسميًا باسم ألباني. ومع مرور السنين، اكتسبت المدينة أهمية كبرى بفضل مينائها العميق، أول ميناء صالح للسفن الكبيرة في غرب البلاد، ما جعلها بوابة تجارية وبحرية لعقود طويلة.
spk_0
في تشرين الأول/نوفمبر ألف وتسعمائة وأربعة عشر، شهدت ألباني واحدًا من أهم المشاهد في تاريخ أستراليا ونيوزيلندا. من هنا، من هذا الخليج، غادرت قافلة أنزاك الأولى متجهة نحو حرب لم يكن أحد يعرف نهايتها — إلى غاليبولي.
spk_0
كانت ألباني هي آخر أرض أسترالية يراها الجنود قبل أن تختفي السواحل خلف الأفق. اليوم يقف "ناشيونال أنزاك سنتر" على مرتفع مطلّ على البحر؛ متحف حديث يروي قصص الجنود، الأسماء، الرسائل،
spk_0
واللحظات التي غيّرت تاريخ المنطقة. على بُعد دقائق من المدينة، داخل "تورنديرَب ناشونال بارك"، يقف مكان لن تنساه: "ذي غاب" — فجوة صخرية عملاقة تنزل فيها الأمواج بقوة مذهلة، ترتفع معها رذاذات الماء عشرات الأمتار، كأن الطبيعة تستعرض قوتها أمامك.
spk_0
وترتفع معها رذاذات الماء عشرات الأمتار، كأن الطبيعة تستعرض قوتها أمامك.
spk_0
وبالقرب منها "ناشورال بريدج"، قوس صخري طبيعي تشكّل عبر ملايين السنين. تتقدّم على منصّة معدنية معلّقة فوق المحيط، وتشعر فعلًا أنك في مواجهة مباشرة مع قوة الطبيعة.
spk_0
ألباني لها علاقة خاصة بالحيتان؛ كانت يومًا ما مركزًا لصيدها، واليوم تحولت إلى مركز لمراقبتها وحمايتها. من أيار/مايو إلى تشرين الأول/أكتوبر،
spk_0
تقترب الحيتان من الساحل؛ تظهر، تقفز، وتنفث الهواء في مشهد صعب أن تنساه. وما كان موقعًا للصيد أصبح اليوم منطقة للتعلم والحماية. في وسط ألباني ستجد مدينة صغيرة بهدوء أوروبي قديم:
spk_0
شوارع ضيقة، مبانٍ حجرية من القرن التاسع عشر، مخازن قديمة تحولت إلى مقاهٍ ومعارض، وواجهة بحرية تحمل روح مدينة ساحلية. مدينة ليست كبيرة لكنها مليئة بالحكايات.
spk_0
في نهاية اليوم، تقف على رأس منحدر يطل على المحيط الجنوبي. ترى الشمس وهي تغيب ببطء، وترى الأمواج وهي تضرب الصخور دون أن تتعب، فتفهم أن ألباني ليست مجرد مدينة؛ إنها ذاكرة، وبداية، ومشهد طبيعي ساحر. هذا كان مشوارنا إلى ألباني؛ مدينة تقف عند حافة القارة، لكنها في قلب الحكاية الأسترالية.